انتقادات سودانية لقانون إقرار الذمة

الطاهر المرضي

المؤتمر الصحفي لوزير العدل السوداني (الجزيرة)


عماد عبد الهادي-الخرطوم
ما إن أعلن وزير العدل السوداني محمد بشارة دوسة عن تفعيل قانون إقرار الذمة للمسؤولين بالدولة، حتى تساءل المتابعون عن طبيعة الإجراء وأسبابه ومغزاه وما إذا كان حملة حقيقية لمحاربة الفساد بمؤسسات الدولة أم هو محاولة لامتصاص الغضب الجماهيري الذي بدأ يتصاعد الفترة الأخيرة.
 
وفي حين  برر دوسة قراره بأن وزارته تسعى لمحاربة الفساد والثراء الحرام والتعدي على المال العام، طرح قانونيون ومحللون سياسيون كثيرا من الأسئلة الأخرى حول توقيت تفعيل القانون الذي ظل حبيسا عدة سنوات.
 
وبينما أكد الوزير سرية الإقرارات -لأجل حفظ حقوق الجميع- رفض قانونيون مبدأ السرية المعلن، بل طالبوا بعلنية الإقرارات مهما كانت وظيفة المسؤول أو درجته السياسية.
 

السيد: ما أعلنه وزير العدل تعمية جماهيرية (الجزيرة نت-أرشيف)
السيد: ما أعلنه وزير العدل تعمية جماهيرية (الجزيرة نت-أرشيف)

لا جديد

الخبير القانوني علي السيد اعتبر أن قرار الوزير جزء من القرارات الموسمية التي لا جديد فيها، مشيرا إلى وجود القانون نفسه من قبل دون أن يجد التفعيل من أجهزة الحكومة المسؤولة عن تنفيذه.
 
ولفت إلى أن الموضوع  ليس فساد صغار الموظفين الموجود بكافة بقاع الدنيا وإنما يجب الحديث عن فساد النظام وكيفية إدارة موارد الدولة، مشيرا إلى أن ما أعلنه وزير العدل "هو تعمية جماهيرية".
 
وأضاف في تعليقه للجزيرة نت أن الجميع يمكن أن يسجلوا إقرارا لذمتهم "لكن لماذا يصبح الآن أمرا ضروريا ولم يفعل بالطريقة المثلى خلال العشرين سنة الماضية " متهما الحكومة بمحاولة تصحيح فسادها عبر الإعلان عن تصفية وبيع كثير من الشركات العامة.
 
وطالب السيد وزير العدل بالكشف عن الإقرارات التي تمت خلال فترة حكم الإنقاذ بما في ذلك إقرار وزير العدل نفسه "الذي يعلم بوجود القانون".
 
عيب بالقانون
لكن الخبير القانوني نبيل أديب فأشار إلى وجود عيب بالقانون نفسه وأنه "لا معنى لتفعيله" رافضا مبدأ سرية الإقرار. وتساءل بحديثه للجزيرة نت عن الأسباب التي دفعت بتحرك الحكومة نحو تفعيل القانون، كما تساءل عن الأسباب وراء المهلة الممنوحة للدستوريين لإقرار ذممهم، مشيرا إلى عدم وجود معايير واضحة لتنفيذ ذلك.
 
من جهته اعتبر الكاتب والمحلل السياسي تاج السر مكي أن القانون دعوة للتزوير وليس دعوة للأمانة بإعلانه التجاوز عما سلف، مشيرا إلى أن الآلية الموضوعة ضعيفة ولن تتمكن من محاربة الفساد برؤيتها وتكوينها الحاليين.
 
وقال مكي إنه من الأجدة "محاربة مسببات الظواهر السلبية الحقيقية" وإنه من غير الممكن تحقيق ذلك في غياب حرية الصحافة والنقابات ووسائل الرقابة الشعبية، مؤكدا بحديث للجزيرة نت أن محاربة الفساد لن تتم إلا في درجة عالية من الديمقراطية والحرية وفي جو حوار شعبي مكتمل "وليس بآلية صغيرة تجتمع في مكتب وتنفض في نهاية المطاف".
المصدر : الجزيرة