لحظة التغيير والبناء في العالم العربي

لولا داسيلفا

لولا دا سيلفا: الديمقراطية ليست مجرد خطابات (الجزيرة نت)

منذر القروي-الدوحة

عرض وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو والرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا في منتدى الجزيرة السادس بالدوحة شروط بناء أنظمة ديمقراطية في العالم العربي تفضي إليها التحولات الجارية, وقالا إنه حان الوقت للتغيير, ولتشكيل نظام إقليمي وآخر عالمي، يقومان على التعاون وعلى القيم الإنسانية من عدالة وكرامة واحترام لإرادة الشعوب, وتنمية متساوية.

وقد افتتح المنتدى رسميا بكلمتين لأوغلو ودا سيلفا أعقبتهما جلسات نقاشية شارك فيها ساسة وإعلاميون وخبراء وتمحورت حول التحولات السياسية في العالم العربي، في ضوء الثورات الشعبية التي شهدتها تونس ومصر وليبيا, والحراك الشعبي في دول أخرى كاليمن والأردن والمغرب والبحرين.

وكان المنتدى قد انطلق بجلسات تمهيدية بمشاركة ممثلين عن شباب الثورات, "الذي يجدر به أن تكون له الكلمة الفصل في المضي بعملية التغيير إلى الأهداف المرجوة"، حسب ما أكده متدخلون كثر بينهم أوغلو ودا سيلفا.

البناء
وقال وزير الخارجية التركي في كلمته -التي شكر فيها الجزيرة على عقد المنتدى في هذا التوقيت, وعزّى الشبكة في مصورها الشهيد علي حسن الجابر- إنه كانت هناك حاجة ملحة للتغيير, وإن الحراك العفوي الجاري تعبير تاريخي حقيقي وإن جاء متأخرا بعض الشيء.

وشدد أوغلو على أن الوقت قد حان لإعادة البناء السياسي في المنطقة, داعيا الأنظمة الحالية إلى فهم منطق التغيير وعدم مقاومته. وأضاف أن عملية الانتقال ينبغي أن تقودها قوى تمثل إرادة الشعوب دون تدخلات خارجية, وأن تتم بلا عنف, وبطريقة تضمن بقاء مؤسسات الدولة, منبها في هذا السياق إلى المخاطر المحدقة بالتحول الجاري في ليبيا واليمن من جهة الخوف من الانقسام.

أغلو: الحراك العفوي الجاري تعبير تاريخي  (الجزيرة نت)
أغلو: الحراك العفوي الجاري تعبير تاريخي  (الجزيرة نت)

وأكد وزير الخارجية التركي أن لدى المنطقة كل أسباب القوة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لتصبح مركزا عالميا حضاريا يسود فيه الاستقرار.

وقال في هذا الصدد إنه يتعين إجراء مزيد من الحوارات السياسية والفكرية لصياغة رؤية مشتركة تسمح للمنطقة بالانتقال إلى ذلك الوضع, وأوضح أن هذا يستدعي نظاما اقتصاديا وثقافيا جديدا.

ورأى الوزير التركي أن المنطقة -التي أبدى تحفظا على تسميتها بالشرق الأوسط- يمكن أن تساهم في نظام عالمي جديد اقتصادي, على أن تكون للشباب مساهمة كبيرة في التحول.

ليست مجرد خطابات
من جهته, قال الرئيس البرازيلي السابق لولا دا سيلفا إن الديمقراطية ليست مجرد خطابات، بل هي بناء صعب يشارك فيه الجميع, وأكد أن ديمقراطية الشعوب هي التي ستسود.

وأضاف أن التحولات في المنطقة العربية يمكن فهمها في سياق حاجة العالم إلى مزيد من الحرية والمساواة في التنمية, وأن العالم يسير نحو حكم أكثر عولمة.
وحث دا سيلفا دول المنطقة على ألا تنظر إلى معارضتها باعتبارها عدوا لها بل بوصفها تعبيرا عن تطلعات مواطنيها, ووصف ما يحدث باللحظة الاستثنائية.

وضرب دا سيلفا مثالا بالبرازيل ودول أخرى في أميركا اللاتينية والجنوبية تمكنت شعوبها -بعد تضحيات كبيرة- من إرساء أنظمة ديمقراطية صنعت بدورها تنمية اقتصادية واجتماعية, وقال إن النموذج البرازيلي يمكن أن يساعد العالم العربي. ودعا إلى إصلاح المؤسسات الدولية بما يرسي نظاما عالميا عادلا لا تتحكم فيه دولة واحدة.

جلسة
جلسة "رياح التغيير" ركزت على الحراك الراهن في العالم العربي (الجزيرة نت)

رياح التغيير
وفي جلسة بعنوان "رياح التغيير", عبر رئيس حزب المؤتمر من أجل الجمهورية التونسي منصف المرزوقي عن ثقته في أن تفضي التحولات الجارية إلى ولادة المواطن الحقيقي, وتكريس مفهوم الأمة العربية.

وقال المرزوقي إن الثورة العامة في المنطقة العربية ستلد أمة تتوحد فيها الشعوب, مضيفا أن الاتحاد العربي يتكرس يوما بعد يوم.

وفي السياق ذاته, اعتبر الناشط المصري إسلام لطفي أن حلم الاتحاد العربي بات قاب قوسين, داعيا إلى تمتين الروابط الاقتصادية بين الدول العربية.
لكنه رهن تحقيق هذا الحلم بأن يستمر الشباب العربي في حالته الثورية, وألا ينتقل من خانة الثوار إلى خانة الحكام.

أما السياسي الأردني مصطفى حمارنة فرأى أن الضغط المستمر من الشعوب العربية على النخب السياسية -مثلما يحدث في تونس ومصر- قد يكون ضمانة للانتقال إلى الوضع المنشود, وشدد على أن نجاح الثورة في مصر سيشكل ضغطا قويا على الدكتاتوريات العربية القائمة.

لم يعد في وسع أحد الآن أن يحجب الحقيقة, والأولى فتح الأبواب أمام المراسلين لنقل الواقع الجديد

وعن الموقف الأميركي من التحولات الجارية, لاحظ الباحث الأميركي جون إسبوزيتو أن واشنطن كانت تتعامل بازدواجية بشأن الديمقراطية في العالم العربية. فهي دعمت ديمقراطيات خارج المنطقة بينما عملت في المقابل على حماية أنظمة عربية دكتاتورية لضمان تدفق النفط مع حماية إسرائيل.

دور الجزيرة
وكان رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني قد قال -في كلمة مقتضبة مهد بها للافتتاح الرسمي- إن الجزيرة كانت سباقة إلى استشراف المستقبل.

وأضاف أن "الجزيرة دفعت من أجل النزاهة دماء عدد من أبنائها, مشيرا إلى أن المنتدى يعقد بينما تحدث تغيرات في المنطقة".

ومن جهته, أكد مدير الشبكة وضاح خنفر أن الجزيرة التزمت منذ اليوم الأول بنقل الحقيقة, وأكد أنها ستمضي في نهجها رغم تراكم الصعوبات وزيادة التكلفة, معزيا بالمناسبة في استشهاد رئيس قسم التصوير فيها علي حسن الجابر في الاعتداء الذي استهداف طاقم القناة قرب بنغازي أول أمس السبت.

وشدد في كلمته على أنه لم يعد في وسع أحد الآن أن يحجب الحقيقة, وأن الأولى فتح الأبواب أمام المراسلين لنقل الواقع الجديد.

المصدر : الجزيرة