الثورة بمصر تحيي الأغاني الوطنية

ليالي الثورة تعتمد على الشباب الثائر .
شباب ميدان التحرير ابتكروا أغاني جديدة من وحي الثورة (الجزيرة نت)

الجزيرة نت-القاهرة

 
لم يقف تأثير الثورة المصرية عند الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية، بل تعداه إلى الجوانب الفنية بإعادة إحياء الأغاني الوطنية القديمة، وإبداع أغان جديدة من الثوار أنفسهم، وذلك من وحي الهُتافات والأحداث اليومية.
 
"يا مصر قومي وشدي الحيل.. كل اللي تتمنيه عندي..لا القهر يطويني ولا الليل.. الدم يجري في ماء النيل.. والنيل بيفتح علي سجني.. والسجن يطرح غلة وتيل.. نجوع ونتعرى ونبني".
 
كلمات شدا بها المعارض المصري الشيخ إمام قبل نحو نصف قرن، وتكاد أصداؤها تتردد حاليا على لسان كل مصري.
 
الأغنية صارت بمثابة أيقونة لكل ثائر، إذ يرددها الآلآف بخشوع، وغيرها من أغنيات الشيخ إمام مثل "شيد قصورك" وفيها يقول" شيد قصورك ع المزارع.. من كدنا وعمل إيدينا.. الخمارات جنب المصانع.. والسجن مطرح الجنينة.. إحنا توجعنا واكتفينا وعرفنا مين سبب جراحنا، وعرفنا روحنا والتقينا.. وابتدينا نسلك طريق.. مالهش راجع.. والنصر قريب من عنينا.. النصر أقرب من إيدينا".
 
وإلى جانب هاتين الأغنيتين هناك عشرات الأغاني التي عادت إليها الحياة من جديد مثل أغنية سيد درويش "قوم يا مصري.. مصر دائما بتناديك.. قوم لنصري.. نصري دين واجب عليك".
 
وأغاني عبد الحليم حافظ "أحلف بسماها وبترابها"، و"عدّى النهار" و"البندقية"، و"اسلمي يا مصر" لأم كلثوم، والنشيد الوطني "بلادي بلادي"، و"يا بيوت السويس"، و"يا حبيبتي يا مصر"، و"يا بلادي"، و"بلدي"، و"حدوتة مصرية"، و"إزاي" لمحمد منير التي غناها للثورة.
 
والأمر هكذا، يقضي الشباب ليالي ثورية رائعة بالميدان، وغنى لهم حمزة نمرة "هلا هيلا". كما غنى لهم أحمد سعد وحازم شاهين.
 

مسعد نور (الجزيرة نت) 
مسعد نور (الجزيرة نت) 

إبداع الشباب

مع هذه الأغاني القديمة, أبدع الثوار أغاني جديدة يقول بعضها "لا تفاوض لا حوار.. الرحيل هو الخيار", و"الشعب مصدر السلطات.. رجعوا لينا المليارات". بل صارت كلمة "ارحل" قاسما مشتركا بين تلك الأغاني.
 
"الثورة سوف تأتي بكل متغيراتها.. لقد سبقت التغيير السياسي" يقول الشاعر الشاب علي الفيل للجزيرة نت, ويرى أن ما تشهده مصر حاليا يشبه ما حدث في سنوات النكسة، إذ صدرت أغان وطنية مثل "عدى النهار"، و"ابنك يا بطل".
 
ويضيف أن مصر تشهد نقلة نوعية في الأغاني بفعل الثورة التي ارتقت بمشاعر الناس وذوقهم، وأثرت حتى على مطربي الصف الأول حاليا.
 
مسعد نور (من مطربي ميدان التحرير) يرى أنه حدث انفصام بين شباب الثورة والمطربين الحاليين، ويقول إن الكفاءة الفنية ستفرض نفسها بعد ردح من الزمن عانت فيه مصر من سيطرة الشلل على الوسط الفني، وستنتعش المواهب ويجد الناس ما يبحثون عنه من إحساس.
 
ويوضح أنه يغني للثائرين "ما تخربش فيها.. إنت اللي تبنيها.. الحرية غالية.. محتاجة تضحية.. سيبك من المصالح.. مصر هي الصالح".
 
ويتفق معه مطرب الميدان عبد الناصر سعد الذي يقول إن المصريين كانوا مغيبين بالأغاني الهابطة التي انحدرت بالذوق العام، مشيرا إلى ظهور أغان من واقع هتافات الثائرين مثل "ارحل ارحل يا مبارك"، و"هو يمشي.. مش هانمشي"، و"ارحل.. مطلب واحد.. ارحل.. والشعب شاهد".
 

داليا موسى (الجزيرة نت) 
داليا موسى (الجزيرة نت) 

روح جديدة

تأثير الأغاني الجديدة تعبر عنه نهال الميرغني بقولها إنها لم تكن مهتمة بالغناء، لكنها لطول وجودها بميدان التحرير أصبحت متعلقة بأغاني الشيخ إمام، خاصة أغنية "شيد قصورك".
 
الشعور نفسه ينقله وليد عبد الرؤوف الذي يقول "كنا نردد النشيد الوطني في المدارس ونحن صغار بملل.. الآن نردده بحبّ ونحس بكل كلماته".
 
أما داليا موسى فتقول إنه أصبح هناك فرق خاصة للأغاني الوطنية والتراثية مثل فرقة إسكندريلا، وتوقعت انتعاشها مستقبلا، معربة عن اعتقادها بأنه عندما يتغير النظام الفاسد سيتغير كل شيء.
 
بدورها تتوقع نفيسة حسن مزيدا من النجاح لتلك الفرق قائلة "إنه جمهور جديد بشباب جديد"، وتضيف أن "الزحف الثوري قادم إلى الفن في مصر".
 
المشهد يعلق عليه عضو "ائتلاف 25 يناير" ناصر محفوظ بالقول إن المصريين أعادوا إحياء الأغاني الوطنية التي ظهرت في الستينيات، ربما لأنها الأكثر تعبيرا عن حالهم الحالي. ويضيف أن المصريين يريدون تغييرا جذريا, وأن الفن يقود هذا التغيير حاليا.
المصدر : الجزيرة