حزب سياسي ومراقب عام لإخوان ليبيا

إخوان ليبيا يجتمعون في العلن ببنغازي ( الجزيرة نت ).

إخوان ليبيا يجتمعون في العلن ببنغازي (الجزيرة-أرشيف)

خالد المهير-بنغازي

خرجت جماعة الإخوان المسلمين الليبية برؤية جديدة بعد أربعة أيام من النقاش والجدل وراء الجدران المغلقة في بنغازي، تعكس توجهاتهم السياسية والاجتماعية والدعوية في المرحلة المقبلة.

فقد صوت 60% من الأعضاء البالغ عددهم 700 مشارك لإقامة حزب سياسي مستقل وانتخاب مجلس الشورى، وزيادة أعضائه من 11 إلى 30، خمسة منهم يضيفهم المجلس والهيئة القضائية، وانتخاب القيادي بشير الكبتي مراقبا عاما خلفا للمهندس سليمان عبد القادر.

هذه القرارات قال عنها الأخير في تصريحات إعلامية مساء أمس إنها تتماشى مع تضحيات الجماعة طيلة السنوات السابقة، ويحق لها أن تكون على هذه الشاكلة، مؤكدا أن قوى أخرى ليبية تسير بخطوات على النهج نفسه.

أما مراقب عام الجماعة الجديد بشير الكبتي، فقال في مؤتمر صحفي مساء أمس إن ليبيا "للجميع وتسع الجميع، ولا مجال فيها للإقصاء، والكل يشارك في العملية السياسية والبناء والتنمية دون تفضيل طرف على طرف آخر"، مؤكدا أن "لهذه المرحلة التي يعيشها الليبيون، متطلباتها، وأن الإخوان جزء لا يتجزأ من هذه المرحلة"، مضيفا أنه "لا بد أن يكون هناك توافق بين الجميع".

المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا
المراقب العام للإخوان المسلمين في ليبيا

مرحلة حساسة
القيادي محمد قعير أدلى بتصريح للجزيرة نت عقب الجلسة الختامية، قال فيه إن رؤيتهم الحزبية لن تقتصر على الإخوان، وإنما مع كافة العاملين الوطنيين على الساحة، مؤكدا في تصريح للجزيرة نت أنه لا توجد في أعراف الإخوان أحزاب ذات توجهات دينية.

وأضاف قعير أن قناعتهم للعمل بهذه الطريقة نابعة من حرصهم على العمل السياسي بمشاركة الوطنيين، مؤكدا أنهم لا يودون أن يكونوا بمنأى عن الساحة في مرحلة سياسية "حساسة".

ونبه إلى أنهم درسوا الساحات المحلية والإقليمية والدولية، وتركيزهم الحالي على الساحة الوطنية، مضيفا أن الساحات الأخرى تراقب باهتمام ما يجري في ليبيا.

ويراهن عضو الجماعة زكريا أمبيق على تاريخهم ضد نظام القذافي "المنهار" وعلى وسطيتهم وفكرهم المعتدل ونضالهم طيلة ثورة 17 فبراير، مؤكدا -في حديثه للجزيرة نت- أنهم قد يدخلون في تحالفات مع بعض التيارات التي تتوافق مع أطروحات الإخوان الوطنية، موضحا أن هدفهم الآن الوصول إلى أكبر قاعدة في الشارع الليبي، ودخول المشهد السياسي من كافة الأبواب، مشيرا إلى أن قرار إنشاء حزب مستقل جاء بدافع عدم إشغالهم عن دور الجماعة التربوي والتوعوي.

وعن مصادر تمويل الإخوان، قال أمبيق إنهم يعتمدون بشكل مباشر على جيوب الأعضاء، نافيا حصولهم على أي دعم مادي من دول عربية أو أجنبية.

النساء شاركن في افتتاح جلسات مؤتمر الإخوان التاسع(الجزيرة_ أرشيف)
النساء شاركن في افتتاح جلسات مؤتمر الإخوان التاسع(الجزيرة_ أرشيف)

درس للإخوان
تحدث المحلل السياسي صالح السنوسي للجزيرة نت عن استفادة "إخوان ليبيا" من التجارب السياسية الإقليمية، وقال إن هذا العصر ليس عصر الأحزاب الدينية، موضحا أن حزب العدالة التركي حقق نجاحا في عهد رجب الطيب أردوغان بعد تخليه عن "الحنبلية" في طرحه وانفتاحه على القوى والتيارات الأخرى، مؤكدا أن جماعات الإخوان استفادت من الدرس، وقد تخلوا عن تقديم أنفسهم كحزب ديني.

وذكر أنه "إذا وضعت حزبا اجتماعيا سياسيا فلا ينبغي طرح أطروحات دينية في المشروع. سوف يقابل بالنقد والاعتراض، وعليك القبول بهذا".

مؤكدا أنه عند إعلان البرنامج الحزبي سوف يلاحظ إن كان برنامجا اجتماعيا سياسيا بعيدا عن الدين، أو برنامجا دينيا يتغطى بالسياسي، مشددا على أن التيارات الإسلامية تتحرك على أرضيتها الاجتماعية والثقافية والدينية في وسط يبدو أنه ليس غريبا عنها.

وربما يكون لهم تأثير أكبر من التيارات الأخرى، قائلا إن الإخوان سوف يؤثرون بالدرجة التي يتحاشون فيها دمج الدين بالسياسة، أما إذا أدخلوا الدين في السياسة فـ"لن يكون ذلك مجديا في ليبيا".

ويقول الكاتب والمحلل السياسي جبريل العبيدي إن جماعة ليبيا بدأت الحراك السياسي والتأطير له من خلال مؤتمرها الأول، ولكون المجتمع الليبي مسلم وسطي سعت الجماعة للتقارب معه. لكن الخلط والمغالطة عند البعض، هو تصنيف المجتمع الليبي في عمومه على أنه ضمن تيار الجماعة لالتقاء الاثنين في الوسطية دون وجود إحصاء حقيقي يحدد حجم الجماعة في الشارع الليبي في ظل وجود التيارات الأخرى.

لكن وبحسب المحلل العبيدي في تصريح للجزيرة نت، يبقى هاجس مدى ارتباط الجماعة بالجماعة الأم في مصر والتأثير عليها، خاصة أن الجماعة قررت تشكيل حزب سياسي مواز للجماعة، وما هو مفهوم الدولة عند الجماعة؟ مدنية أم ستكون ثيوقراطية بمفهوم "الحاكم ظل الله في الأرض" تنتكس الديمقراطية فيها بمجرد أن يسيطر حزب الجماعة؟ أم ستقبل الجماعة بسياسة الاختلاف والتعايش مع الفكر الآخر؟

علمانية الدول
الناشط الحقوقي عصام الماوي عبر عن سعادته البالغة بالتعددية الفكرية في ليبيا الجديدة، وقال إن الجماعة هي مكون سياسي أصيل، عانت كغيرها من الفصائل والتيارات السياسية من القمع والتنكيل، وإن تقدير حجمها السياسي في الشارع الليبي أمر لا يمكن الحديث عنه في الوقت الحالي، فالوقت لا يزال مبكراً -نوعاً ما- على ذلك, إلا أن الدين كحجر زاوية أساسي في برنامج الجماعة لن يحدث فارقا كبيرا (في سباق الاستقطاب) نظراً لطبيعة المجتمع الليبي المسلم بعمومه، الذي تتبع الغالبية العظمى منه المذهب الملكي، مؤكدا في حديثه مع الجزيرة نت أن الدين "لن يكون نقطة جذب".

ويعتقد الماوي أن تيار الإسلام السياسي في ليبيا أمام اختبار صعب من حيث اختيار برنامجه السياسي الذي يتوقع له أن يسير في هدي الملامح العامة للتيار الإسلامي في المنطقة، الذي اتضحت معالمه من خلال ما قدمته حركة النهضة في تونس وحزب العدالة في تركيا, وهي برامج تؤطر فكرة علمانية الدولة، وهذا الأمر يقود بطبيعته إلى تفريغ الشعارات الدينية من مضمونها.

كما نبه الماوي إلى أنه "إذا ذهب تيار ليبيا الإسلامي في ذات النهج، فهذا سوف يساهم أكثر في عملية محو التمايز أو الاختلاف، مما يجعل من الصعب على ذلك التيار تقديم برنامج مختلف عن التيارات الأخرى".

المصدر : الجزيرة