الشبيحة.. يد النظام السوري الباطشة

زياد بركات

الشبيحة هم مدنيون يشكلون قوة عسكرية رديفة خارجة عن أي إطار نظامي (الجزيرة)

منذ بداية ثورات الربيع العربي التي أطاحت بثلاثة رؤساء عرب، برزت تعابير جديدة لم يعتد المواطن سماعها ولا الإعلام استخدامها ومنها "بلطجية، وبلاطجة، وشبيحة"، ولكن من هم هؤلاء ولماذا أعطوا هذا الدور في قمع المتظاهرين ومحاولة إجهاض ثورات الشعوب العربية؟

هؤلاء مهما اختلفت تسميتهم من بلد لآخر هم مدنيون يشكلون ما يشبه القوة العسكرية الرديفة الخارجة عن أي إطار نظامي، وتوكل إليهم "المهام الأكثر وحشية" ضد المدنيين.

ورغم أن هذه "المليشيات" لم تشغل الحيز الكبير في الفضاء الثوري في تونس ومصر (بسبب سرعة سقوط النظامين) وفي ليبيا (الثورة كانت عسكرية)، فكان الأمر مغايرا في سوريا التي اعتمد نظامها على هؤلاء بشكل كبير في القتل والمداهمات والاعتقالات وتصفية المعارضين بحسب نشطاء سوريين.

وتعود تسمية "الشبيحة" إلى كلمة "شبح"، وقد برزت قبل عقود في مدينة اللاذقية السورية للدلالة على عصابات المهربين الذين كانوا ينشطون في المدينة الساحلية، ويقول أحد الناشطين إن أفراد هذه العصابات المافيوية كانوا يقودون سيارات من طراز مرسيدس يطلق عليها اسم "الشبح" لسرعتها، ولهذا سموا بالشبيحة.

ولكن هؤلاء الذين ينشطون في شوارع سوريا اليوم -بحسب الناشط- ليست المافيا التي سادت في اللاذقية في الثمانينيات والتي قضى عليها نظام الرئيس الراحل حافظ الأسد.

ويقول باحث مقيم في دمشق رفض الكشف عن اسمه، إن الشبيحة هم أداة تسمح للنظام بالتصرف بأكثر الطرق وحشية من دون أن يرتبط ذلك بأي مؤسسة، مضيفا أنهم قد يعتدون بالضرب على الشيوخ والأطفال، و"يكون في وسع النظام مع ذلك أن يتبرأ من الموضوع".

ناشطون: النظام يوكل
ناشطون: النظام يوكل "المهام القذرة" للشبيحة (الفرنسية)

مهام قذرة
ولا توجد أي هيكلية نظامية يتبع لها "الشبيحة" الذين يؤكد الناشطون أن النظام يوكل إليهم "المهام القذرة" في كل أنحاء البلاد حيث ينتشرون في المدن مسلحين سواء بالعصي والقضبان أو بالأسلحة الرشاشة.

ويروي النازحون السوريون إلى لبنان بهلع مشاهداتهم عن الشبيحة ومن يقع بين أيديهم، بدءا بتعذيبه ثم تسليمه إلى الأجهزة الأمنية واعتقاله اعتباطيا، أو قتله من دون مسوغ، إضافة "إلى ممارساتهم العديدة الخارجة عن القانون بالنسبة إلى التعدي على الممتلكات والأشخاص".

وقد نشرت على موقع يوتيوب الإلكتروني -الذي يشكل مصدرا أساسيا للمعلومات عن الانتفاضة السورية في ظل التعتيم الإعلامي المفروض من السلطات السورية- عشرات أشرطة الفيديو التي يظهر فيها رجال بلباس مدني يتعرضون للضرب والتعنيف في الشوارع وخارج المساجد من حمص في الوسط إلى درعا في الجنوب.

ويصعب غالبا التمييز بين المدنيين العاديين الموالين للنظام والشبيحة باللباس المدني الذين ينقضون على المتظاهرين المطالبين بإسقاط النظام بغية قمعهم وترهيبهم، كما يصعب معرفة من هم عناصر الشبيحة وعددهم بالتحديد وإن كانوا منظمين أم لا، وما إن كانوا يتبعون قيادة محددة؟

وعن هذا يقول ممثل لجان التنسيق المحلية في سوريا عمر إدلبي المقيم في لبنان إن الشبيحة لا يشكلون مجموعة موحدة أو وحدة نظامية مثل الجيش، مضيفا أنهم عصابات من المدنيين المسلحين المجندين من مدن وطوائف مختلفة في كافة أرجاء سوريا، لمواجهة وقتل مواطنيهم السوريين لأسباب سياسية غالبا.

ويشير إلى أن هذه العصابات، على عكس الجيش، لا تتحمل المسؤولية أمام أحد، لافتا إلى أن السوريين قادرون إجمالا على تمييز الشبيحة من غيرهم من المواطنين السوريين، لكن ذلك شبه مستحيل على الغرباء.

ورقة للمواجهة
 ويرى خبراء أن "الشبيحة" يشكلون اليوم ورقة قوية لدى النظام السوري في مواجهة التحركات الشعبية المستمرة.

وفي هذا السياق يقول مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما غوشوا لانديس "لقد تصرف النظام ببراعة خلال الأشهر الأولى من الانتفاضة".

ويوضح أن الذهنية السائدة داخل النظام تقول بوجوب عدم الوثوق من حيث المبدأ إلا بأبناء الطائفة العلوية التي ينتمي إليها الرئيس والتي تسيطر على السلطة في البلاد منذ أكثر من أربعين سنة، إلا أن هؤلاء "الجنود الاحتياطيين" يأتون من كل مكان.

ويخلص لانديس إلى أن دور الشبيحة يقوم بشكل أساسي على نشر الخوف وهو الأمر الذي حال دون تفكك سوريا خلال العقود الأربعة الماضية، لكنه "خوف انكسر على ما يبدو مع الربيع العربي".

المصدر : وكالات