ليبيون يرفضون إقامة معابد يهودية

نشطاء ليبيون رفضوا عودة اليهود إلى بلدهم

نشطاء ليبيون رفضوا عودة اليهود إلى بلدهم (الجزيرة)

خالد المهير-طرابلس

ندد غاضبون ليبيون مساء الخميس في العاصمة طرابلس بمحاولات عودة "يهود ليبيا"، مؤكدين رفضهم إقامة معابد يهودية فوق أراضي "ليبيا الحرة"، واتهموا اليهودي الليبي العائد ديفد جربي -الذي أعاد الأحد الماضي افتتاح كنيس "دار بيشي" بالمدينة القديمة- بعلاقته بالعقيد معمر القذافي.

وقال ليبيون تجمعوا أمام فندق كورنثيا -مقر الصحفيين العرب والأجانب- إنه "الآن وبعد انهزام القذافي وأزلامه ألقى آخر ورقة حملها حتى آخر لحظة"، في إشارة إلى اليهود الذين غادروا ليبيا عام 1967، حيث كانت وسائل الإعلام قد تداولت تقارير عن استمرار علاقة القذافي بيهود ليبيا الذين حصلوا على الجنسية الإسرائيلية.

وقال الليبيون المحتجون في بيان إنهم يشترطون لعودة اليهود إلى ليبيا التخلي عن الجنسية الإسرائيلية، وأن يثبتوا أنهم ليسوا داعمين للصهيونية ودولة الاحتلال، وعدم تورطهم في فكر العمل الصهيوني القائم على استئصال الحق الفلسطيني، كما أن عليهم إثبات أنهم لم يتعاونوا مع القذافي، ولم يتقاضوا منه أي أموال، وأخيرا أن يطالبوا بحق العودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم.

فتح معبد بيشي اليهودي في طرابلس أثار غضب الليبيين (الجزيرة نت)
فتح معبد بيشي اليهودي في طرابلس أثار غضب الليبيين (الجزيرة نت)

أوراق القذافي
وكان المواطن الليبي أحمد زاهر قد تقدم بشكوى إلى النائب العام عبد العزيز الحصادي ضد اليهودي الجربي، وطالب المسؤول القضائي بالتحرك العاجل لتوفير حماية شخصية للمدعو الجربي، مؤكدا في شكواه خشيته عليه من الخطف والضرب أو الاختطاف أو القتل، فيكون دمه في رقاب الليبيين جميعا.

ودعا زاهر إلى فتح باب تحقيق في هذه القضية لتبيان كيفية اقتحام الكنيس ومن سهل للجربي ذلك من الناحية الإجرائية ومن عاونه على تنفيذ الاقتحام، مؤكدا على وضع الجربي تحت الإقامة الجبرية لترحيله أو إبعاده.

وقال زاهر في تصريح للجزيرة نت إن هذه الحركة كشفت آخر أوراق القذافي، التي يود القول من خلالها إنه إمام المسلمين، وقد كان يحمي ليبيا من المخططات الصهيونية، وبسقوطه ظهرت الحقيقة، بالإضافة إلى الاستفادة من اتهام الثوار بأنهم امتداد للمخطط الصهيوني، معتبرا عملية جس نبض الشارع الليبي "مفضوحة".

وأكد الطالب الليبي في جامعة الأزهر عبد الرازق قريصة أن مشاعر المحتجين تحركت ضد ما قام به هذا اليهودي "الذي انتهك حرمات الدولة والقانون وحطم جدار المعبد بدون إذن من الجهات المختصة"، نافيا في تصريح للجزيرة نت على هامش الاحتجاج تصديهم للديانة اليهودية، مؤكدا أنه ضد الممارسات والاختراقات غير القانونية.

أهداف اقتصادية
ويرى الباحث الأكاديمي في تاريخ اليهود الليبيين سليمان سويكر أن الإقرار بعودة اليهود يدخل البلد في كثير من المشاكل، فالذي يسمح بذلك لا يستطيع مثلا رفض طلب عودة قبائل أولاد علي والجوازي من مصر، إن ارادوا ذلك فهم أيضا يستطيعون القول بأنهم أخرجو من ديارهم لا لشيء إلا أنهم قالوا "لا للحكم التركي وضرائبه".

undefinedوقال في تصريح للجزيرة نت إن وراء هذه المطالبة بالعودة أهدافا اقتصادية، مؤكدا أن أغلب اليهود هاجروا إلى إسرائيل قبل اكتشاف النفط والقليل منهم بقي في ليبيا المستقلة.

وحسب سويكر فقد انخفض عددهم في سنة 1948 من 29 ألفا إلى 13 ألفا في طرابلس، وفي برقة من 4500 إلى 200 نتيجة الهجرة إلى إسرائيل. وبقى في دولة الاستقلال حوالي 4500 يترقبون الهجرة إلى إسرائيل، كما تدل على ذلك وثائق إدارة الجوازات والجنسية.

وقال الباحث الأكاديمي إنه عندما قامت ثورة 1969 طبق القذافي الاشتراكية فلم يجد اليهود في ليبيا مجالا لممارسة أعمالهم التجارية، ولهذا لم تبدأ المطالبة بالعودة إلا مع بداية انفتاح ليبيا على الغرب عقب تسوية لوكربي، حيث استغل رافائيل الفلاح الظروف السياسية كما يفعل الآن ديفيد الجربي للحصول على ضمان وضع مميز لليهود في ليبيا.

حقوق وممتلكات
واستذكر سويكر تكرار هذه المطالبات عام 1912، حيث قامت المنظمة اليهودية للأراضي بطرح مشروع استيطان اليهود في ليبيا بشكل مفاجئ أثناء الحرب التركية الإيطالية فتم الاتصال الإيطالي في فيينا لمعرفة موقف إيطاليا من إنشاء وطن قومي لليهود في ليبيا، ولكن وزير الخارجية الإيطالي ترك المبادرة لتفشل في تحقيق مقاصدها رغم أنه أصدر تعليماته للسفير الإيطالي في العاصمة النمساوية بالموافقة وطمأنة اليهود على أن الحكومة الإيطالية تنظر بعين العطف نحوهم ولكنها لا تستطيع توريط نفسها في مسائل محددة والحرب مع تركيا مازالت قائمة.

سيارة في طرابلس تحمل لافتة تتهم القذافي بالتورط في مسألة عودة اليهود إلى ليبيا
سيارة في طرابلس تحمل لافتة تتهم القذافي بالتورط في مسألة عودة اليهود إلى ليبيا

وتابع "حدث ذلك أيضا في 23 فبراير/شباط 1951 حيث طالب زكريا شوستر مدير مكتب اللجنة اليهودية الأميركية بباريس بوضع مميز لليهود في ليبيا قبيل الاستقلال، والذين خرجوا سنة 1967 هم فقط من يجب الحديث عن حقوقهم وممتلكاتهم والتي يجب تعويض من يثب أنه ترك أملاكه أو أمواله ".

كما دعا سويكر إلى عدم الخلط بين هولاء وكل اليهود الذين خرجوا طواعية ودعما للمشروع الصهيوني في فلسطين الذين غرر بهم الصهاينة وأخرجوهم من ليبيا عن طريق جملة من الأساليب التي نمت لديهم الإحساس بالغربة والخوف من البلد الذي عاشوا فيه.

"محرقة ليبيا"
وأشار الباحث في حديثه للجزيرة نت إلى مجموعة من الكتابات التي ظهرت في السنوات الاخيرة زعمت أن محرقة في ليبيا اقترفت بحق اليهود، لافتا إلى أن هذه الكتابات خلقت صورة غير حقيقية عن التاريخ الليبيي، وقدمت الليبيين بشكل سلبي للغاية للقارئ اليهودي الذي يطالبونه اليوم بالعودة إلى ليبيا للتعايش السلمي مع أهلها بعد أن تلاشت الوعود التي قطعوها لهم واتضاح حقيقة المشروع الصهوني.

وتساءل سويكر: هل يدفع هولاء ثمن مغامرات الصهاينة ويشركون الليبيين في دفعها أيضا؟

المصدر : الجزيرة