هل أخفقت تركيا في مواجهة "الكردستاني"?

Turkish soldiers carry the coffins of soldiers who were killed in an attack by members of the Kurdistan Workers' Party (PKK) during funerals in Van, on October 20, 2011. Mourning Turkey paid its last respects to 24 soldiers killed by Kurdish rebels on the Iraq border as the Turkish air force pounded rebel camps in northern Iraq. AFP PHOTO / MUSTAFA OZER

جنود يحملون نعشا لأحد زملائهم قتل في آخر عملية للكردستاني (الفرنسية)

مصطفى كامل-إسطنبول

أثار الهجوم الأخير لمقاتلي حزب العمال الكردستاني، الموصوف تركياً وأوروبياً وأميركياً بالإرهاب، الذي أسفر عن مقتل 24 جنديا تركياً وإصابة 18، تساؤلات عميقة عن أسباب إخفاق تركيا بكل مؤسساتها في هذه المجابهة المتواصلة منذ 28 عاماً.

ويرى المقدم المتقاعد مصطفى حاجي مصطفى أن السبب الأساس وراء هذا الإخفاق يعود إلى ضعف منظومة الاستخبارات، إذ لا تزال غير كافية بما يمكِّن القوات المسلحة من رصد تسلل العناصر الكردية، وتساءل "كيف يمكن لنحو 250 شخصاً العبور من جبال قنديل إلى ولاية حكاري وتنفيذ عملية بهذا المستوى دون أن يتم رصد تحركاتهم؟".

وأيدت هذه الفكرة الخبيرة الأمنية لاله كمال، وأوضحت أن الحكومة أعلنت، في يوليو/تموز الماضي، خططها بنقل عمليات مكافحة الإرهاب إلى قوات الشرطة، وهو أمر جاء متأخراً جداً.

من جهته أوضح المحلل السياسي أحمد ألتان أن "تركيا بحاجة إلى جنود محترفين حيث أن معظم الجنود في المناطق الخطرة ليسوا محترفين".

وأكد -في تصريحات تلفزيونية- أن تأمين الحدود يتطلب أن تكون بنية مقرات الجيش المتقدمة قوية ومسيطرة، فيما معظمها حاليا ضعيف وغير مؤمن جيداً، واعتبر أن تركيا الآن في نقطة الصفر رغم مرور 28 عاماً على اندلاع الصراع.

اقرأ أيضا:

انقسامات داخلية
وعند سؤاله عن دور حزب العدالة والتنمية في مواجهة تهديدات الكردستاني بعد انقضاء تسع سنوات على حكمه قال خبير أمني -طلب عدم الكشف عن اسمه- إن الحزب ليس مسؤولا عن الموضوع نظرا لوجود مخلفات سابقة، "فالجيش لم يكن يسمح بتدخل الجهات المدنية ولو سمح بذلك لكنا شهدنا حلاً مبكراً".

وأوضح أن بعض القادة العسكريين وخاصة في المناطق الساخنة لديهم مصالح شخصية في استمرار العمليات بما يؤدي إلى تعزيز موقع الجيش في مواجهة المؤسسة المدنية الحاكمة، والمحافظة على المكاسب التي يحصلون عليها جراء خدمتهم في تلك المناطق سواء على شكل رواتب ومكافآت أو بالتنسيق مع عصابات التهريب الموجودة هناك، ذلك أن "الكردستاني يعتمد على عصابات تهريب المخدرات الناشطة بين إيران وتركيا إلى أوروبا في التمويل"، حسب وصفه.
 
بين النجاح والفشل
بالمقابل كان للمحلل السياسي الدكتور سمير صالحة رأي آخر، فهو يعتقد أن حكومة العدالة والتنمية لم تفشل في المعالجة، ولكنها لم تنجح أيضا، فما زالت الطريق تتعثر رغم الجهود المبذولة، وأوضح أن هناك أكثر من عملية إصلاح قادت إلى نتائج إيجابية في الشارع التركي عموماً والكردي خصوصاً لقطع الطريق على "الكردستاني".

د. سمير صالحة: الحل يجب أن يكون داخليا تشترك فيه كل القوى (الجزيرة)
د. سمير صالحة: الحل يجب أن يكون داخليا تشترك فيه كل القوى (الجزيرة)

وأكد أن الحل يجب أن يكون داخلياً تشترك فيه كل القوى، حكومة ومعارضة ومنظمات مدنية كردية، لأن القضية مزمنة والحكومة، مهما تحركت، فإن ذلك ليس كافياً.

وأشار صالحة إلى أن حزب العمال الكردستاني، في سعيه للبقاء بعد الضربات السياسية والعسكرية التي تلقاها، تحول إلى أداة بيد قوى مختلفة ضد تركيا لفرض حلول غير مقبولة تركياً والتلاعب بملفات حساسة.

وأكد أن تصريحات الرئيس عبد الله غُل التي اتخذت لأول مرة نهجاً عنيفاً تحمل رسالة واضحة تصل إلى حكومة بغداد والحزبين الكرديين في شمالي العراق وأوروبا والولايات المتحدة أيضا، باعتبارهم مسؤولين عن دعم "الكردستاني" بشكل أو بآخر.

دور البرلمان
من جانبه قال زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو إن الحل يجب أن يكون داخل قبة البرلمان، داعياً إلى مناقشة داخلية للموضوع. فيما ذهب زعيم حزب الحركة القومية دولت باهجلي إلى أكثر من ذلك بدعوته الحكومة إلى فرض حالة الطوارئ في مناطق جنوبي شرقي الأناضول. وكانت حالة الطوارئ ألغيت عام 2002 بعد أن فرضت عام 1987.

أما حزب السلام والديمقراطية -الجناح السياسي للكردستاني- والذي يحوز 35 نائباً في البرلمان، فقد دعا إلى وقف سفك الدماء من الجانبين، وهو أمر لاقى استهجاناً من قبل قطاعات شعبية واسعة، لمساواته بين الجاني والضحية.

المصدر : الجزيرة