صيام الأقباط.. تهدئة أم تصعيد؟

قس يلقي بيان الكنيسة بعد أحداث ماسبيرو

قس يلقي بيان الكنيسة بعد أحداث ماسبيرو (الجزيرة نت)

أنس زكي-القاهرة

تباينت الآراء حول دعوة للصيام والصلاة ثلاثة أيام وجهتها الكنيسة الأرثوذكسية المصرية لرعاياها على خلفية ما عرف بأحداث ماسبيرو يوم 9 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري والتي بدأت بمظاهرات شارك فيها آلاف المسيحيين وانتهت بمواجهات مع الجيش سقط فيها أكثر من عشرين قتيلا وأكثر من مائتي مصاب من الجانبين.
 
وكان المجمع الكنسي الذي يعد الهيئة العليا للكنيسة قد اجتمع الاثنين غداة الأحداث بحضور سبعين من أساقفة الكنيسة وبرئاسة البابا شنودة الثالث، ومن بين القرارات التي أصدرها دعوة "الشعب القبطي" إلى الصلاة والصوم لمدة ثلاثة أيام ابتداء من الثلاثاء "لكي يحل الرب بسلامه في بلادنا الحبيبة مصر".
 
وحرص بيان للمجمع على التأكيد على "الإيمان المسيحي بعدم استخدام العنف بكل صوره" وسعى إلى تبرئة المتظاهرين المسيحيين من التورط في قتل عناصر من الشرطة العسكرية لدى محاولتهم إبعاد المتظاهرين الغاضبين عن مبنى التلفزيون، معتبرا أن ذلك ربما نتج عن "اندساس بعض الغرباء وسط أبنائنا وارتكاب أخطاء تنسب إليهم".
 
الشكل والمضمون
لكن بعض الأصوات القبطية تحفظت على الدعوة شكلا على أساس أنه كان من الأفضل أن تصدر بشكل داخلي أي داخل الكنائس وليس عبر بيان سياسي يصدر على الملأ، وبشكل يمكن أن يزيد الاحتقان.

مظاهرات الأقباط تحولت إلى مواجهات دامية (الجزيرة)
مظاهرات الأقباط تحولت إلى مواجهات دامية (الجزيرة)

في حين تحفظت أصوات أخرى على مضمونها، واعتبروا أنها قد يعيد مرحلة الصدام التي وقعت بين الكنيسة والدولة أواخر حكم الرئيس الأسبق أنور السادات الذي وصل به الأمر إلى تحديد إقامة البابا شنودة في أحد الأديرة عام 1981.
 
وقد حذر المفكر القبطي جمال أسعد عبد الملاك من خطورة تفاقم الأوضاع بين الكنيسة أو الحركات القبطية من جانب والدولة ومؤسساتها من جانب آخر، مشيرا إلى أن جذور المشاكل الحالية نبعت في ظل النظام السابق الذي كان يحتفظ بعلاقة مصالح متبادلة مع الكنيسة على حساب الأقباط ومشاكلهم.
 
في المقابل فإن الدكتور سيف الدين عبد الفتاح المتخصص بالفكر السياسي الإسلامي، يرى أن دعوة أتباع الطائفة الأرثوذكسية للصيام لا بأس بها، بل إنه يراها طريقة متحضرة لإعلان الاحتجاج على أمور معينة تعلقت بطريقة التعامل مع الحدث.

اقرأ أيضا 
أبرز المحطات.. في أحداث مصر الطائفية

وخلال حديث مع الجزيرة نت، أبدى عبد الفتاح تفهما لغضب المسيحيين بمصر، رغم إقراره بوجود تجاوزات من جانب بعض المتظاهرين الذين توجهوا إلى مبنى التلفزيون الأحد الماضي احتجاجا على ما قالوا إنه اعتداء على كنيسة بجنوب مصر، حيث أكد أنه لا يجب الرد بشكل قاس من جانب الجيش حتى لو حدثت تجاوزات.
 
وسار أستاذ العلوم السياسية والنائب البرلماني السابق جمال زهران في نفس الاتجاه، حيث قال للجزيرة نت إنه لا يرى غضاضة في دعوة الكنيسة للصيام كنوع من التعبير عن الغضب، محملا الحكومة المسؤولية في التباطؤ بحل مشكلات وأزمات كثيرة ومن بينها تلك المتعلقة بالملف الطائفي.

وأيا كان مدلول الدعوة للصيام وهل هو لجوء للسماء من أجل حل المشكلات على الأرض، أم أنه رغبة بالتصعيد أو حتى تهديد به، فلا شك أن الملف الطائفي بمصر وصل مرحلة متقدمة تحتاج تدخلا عاجلا لإطفاء نيران اشتعلت الفترة الأخيرة، فضلا عن تدخلات هادئة على المدى الطويل بالجوانب السياسية والاجتماعية لاستعادة أجواء الوئام بين الأغلبية المسلمة والأقلية المسيحية.

المصدر : الجزيرة