إدانة ستالين تثير الجدل في روسيا

r_Russian Communist supporters carry a portrait of Soviet dictator Josef Stalin during a Communist march in the centre of Moscow May 9, 2010.


الطيب الزين-موسكو
 
ما زالت ردود الفعل تتواصل في الأوساط السياسية الروسية حيال إقرار مجلس النواب (دوما) أواخر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بمسؤولية الزعيم السوفياتي السابق جوزيف ستالين عن مجزرة كاتين التي قتل فيها نحو 22 ألفا من الجنود والمدنيين البولنديين عام 1940.
 
وبينما وصف الشيوعيون ومن وافقهم الرأي –ممن يصرون على أن النازيين هم من ارتكب المجزرة- القرار بأنه محاولة لإدانة الماضي السوفياتي "وتزييف حقائق التاريخ" وصفته السلطات الرسمية بأنه خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تطهير الماضي المليء بالأحداث المأساوية.
 
وشن فيكتور إليوخين، عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي ونائب رئيس لجنة الأمن في البرلمان، في رسالة إلى الرئيس ديمتري ميدفيديف، هجوماً لاذعاً على السلطات الحكومية.
 
وانتقد بشدة تصريحات ميدفيديف لوسائل الإعلام البولندية إبان زيارته الأخيرة إلى بولندا في ديسمبر/ كانون الأول الماضي. ووصف إليوخين قرار السلطات الرسمية  بأنه استفزاز لمشاعر الروس، وتجاهل متعمد لحقائق التاريخ. وأوضح في خطابه أن الوثائق المقدمة لإدانة ستالين كلها مزورة ومشبوهة.
 
كما انتقد أعضاء البرلمان الذين صوتوا لصالح القرار، وقال إنهم في سبيل الحفاظ على مناصبهم مستعدون للتنازل عن كل شيء حتى لو كان في ذلك تقويض للمصالح الوطنية.
 
وأشار إليوخين إلى أن القضية لم تنته بعد، وأنهم يملكون الوثائق الأصلية ومستعدون لمناقشتها على كافة المستويات حتى تبين الحقيقة. وقال إن "أمة تتنكر لماضيها لا مستقبل لها".
 

ماتوزوف: قرار تحميل ستالين مذبحة
ماتوزوف: قرار تحميل ستالين مذبحة

صفقة خاسرة

من جانبه أكد مسؤول دائرة الاتصال مع الأحزاب الشيوعية العربية بالحزب الشيوعي السوفياتي سابقاً فياشسلاف ماتوزوف أن قرار إدانة ستالين محاولة من الحكومة الروسية لبناء جسر مع الاتحاد الأوروبي وأميركا عبر تحسين العلاقات الدبلوماسية مع بولندا.
 
ويرى ماتوزوف في حديثه للجزيرة نت أن اعتذار الحكومة للبولنديين عن مأساة كاتين "اعتذار من لا يملك لمن لا يستحق". وأكد أن قرار الإدانة صفقة خاسرة.
 
وأوضح أنه لا يتوقع أن يأتي التنازل الروسي بنتيجة إيجابية تنعكس على  تطور العلاقات بين بولندا وروسيا، نسبة للعداء التاريخي المستحكم بين البلدين، ووصف المسؤولين الحكوميين بعدم الخبرة السياسية، وأشار ماتوزوف إلى أنه لا يستبعد تأثير أوساط يهودية محيطة بصانعي القرار.
 
وفي خطوة اعتبرها المراقبون إشارة واضحة للتنديد بالقرار، تجمع المئات من أنصار الحزب الشيوعي في الساحة الحمراء وسط موسكو في 21 ديسمبر/ كانون الأول الماضي بقيادة سكرتير الحزب الشيوعي جينادي زيوغانوف، ووضعوا أكاليل الزهور على قبر ستالين في ذكرى مرور 131 عاما على ميلاده تعبيرا عن تأييدهم له.
 
في المقابل كان متحدثون ينددون بسعي الكرملين للنيل من وضع ستالين كبطل من خلال التذكير بأعمال القمع والعنف التي شاعت إبان حكمه.
 
وبعث زيوغانوف في نفس اليوم برسالة مفتوحة إلى ميدفيديف اتهم فيها مجلس تنمية مؤسسات المجتمع المدني وحقوق الإنسان التابع للرئاسة بمحاولة إدانة الماضي السوفياتي. وقال في رسالته "نؤكد مجدداً أن عصر ستالين كان الأكثر إنتاجاً وانتصاراً وتفرداً في تاريخ دولتنا".
 

"
مشروع برنامج تخليد ذكرى ضحايا النظام الشمولي يتضمن كشف غطاء السرية عن كافة وثائق نظام الحكم السوفياتي، والبحث عن قبور الضحايا
"

إدانة الماضي


ويُنتظر أن تكون إزالة آثار الحقبة الستالينية بروسيا الموضوع الرئيسي بجدول أعمال الاجتماع المرتقب لمجلس حقوق الإنسان بتشكيله الجديد، والذي سيرأسه الرئيس ميدفيديف أواسط يناير/ كانون الثاني الجاري.
 
ووفق عضو المجلس سيرغي كاراغانوف، فإن اسم ستالين لن يرد في جدول أعمال الاجتماع، فالموضوع المطروح يتعلق بتخليد ذكرى ضحايا النظام الديكتاتوري الشمولي.
 
ووفقاً لمصادر صحفية روسية فإن مشروع برنامج تخليد ذكرى ضحايا النظام الشمولي يتضمن كشف غطاء السرية عن كافة وثائق نظام الحكم السوفياتي، والبحث عن قبور الضحايا، وتوفير الحماية الاجتماعية للضحايا الأحياء، وإصدار قوانين أو قرارات تحظر تمجيد الستالينية.
المصدر : الجزيرة