هل الأفغان أكثر حرصا على القرآن؟

Afghan demonstrators gather in front of the shrine of Hazrat-i-Ali, to protest the reprinting of the Prophet Muhammad cartoons in Denmark and an upcoming Dutch film criticizing the Quran, in Mazar-i-Sharif, the capital of the northern Afghan Balkh province on March 2, 2008. About 800 people took to the streets of the northern Afghan city of Mazar-i-Sharif

مظاهرة في مزار الشريف في 2008 احتجاجا على الرسوم المسيئة (الفرنسية-أرشيف)
سامر علاوي-كابل

لم يكن صدفةً أن تكون أفغانستان مسرحا لأكثر ردات الفعل الشعبية غضبا على التهديدات بحرق المصحف الشريف التي أطلقها قس في فلوريدا، فقد تحرك عشرات الآلاف في مختلف المدن، ووصلت بعض المظاهرات إلى القواعد العسكرية الأجنبية، كما في فيض آباد عاصمة بدخشان، حيث قتل متظاهر قرب قاعدة ألمانية.
 
ودخلت مسألة حرق المصحف الدعاية الانتخابية حيث رفع مترشحون شعارات تنادي بمواقف مناهضة للولايات المتحدة إذا اعتُدي فعلا على القرآن الكريم.
 
يرى المرء كثيرا من الأفغان ينقمون على ما قد يلحق بدينهم أو ثقافتهم الأفغانية أكثر من نقمتهم على سوء أوضاعهم المعيشية، وهؤلاء يرون نظام الرئيس حامد كرزي صنيعة أميركية لا تخدم ثقافتهم أو دينهم.

صنيعة أميركية
بترايوس حذر من أن حرق القرآن يهدد حياة الجنود الأجانب بأفغانستان (رويترز-أرشيف)
بترايوس حذر من أن حرق القرآن يهدد حياة الجنود الأجانب بأفغانستان (رويترز-أرشيف)

وعندما تثور المظاهرات تُرمى عربات الهمفي الأميركية الصنع التي تستخدمها قوات الأمن الأفغانية بالحجارة، كما تهاجم القوات والقواعد العسكرية الأجنبية.

ويقسم الشاب محمد أيوب مثلا بأنه سينتقم من الرئيس حامد كرزي إذا أحرق المصحف لأنه يراه أعطى الأميركيين غطاء لتنفيذ سياساتهم.

 
ولم يتردد أيوب -وهو يتحدث إلى الجزيرة نت- في إطلاق تهديداته بالانتقام من القوات الأميركية، قائلا "إذا ما ارتكبت هذه الجريمة في أميركا فإن عساكرهم موجودون هنا، وسوف نقاتلهم بأي شيء نملكه، فإذا لم نمتلك السلاح فسنقاتلهم بالحجارة والعصي".
 
قوة الإسلام
قد يكون ذلك سر تحذير قائد القوات الأميركية وقوات الناتو في أفغانستان الجنرال ديفد بترايوس من أن حرق القرآن "يهدد حياة الجنود وجميع الجهود الجارية في أفغانستان".
 
ولعل بترايوس أكثر من يدرك قوة الإسلام في تحريك العواطف ضد من يوصفون بالغزاة الأجانب، بحكم معرفته التي تتعدى الشأن العسكري، حيث يوصف بـ"الجندي العالم" لأنه يحمل الدكتوراه في العلاقات الدولية.
 
لقد كانت ردة الفعل الشعبية عنيفة في 2005 عندما ذكرت تقارير إعلامية أن محققين أميركيين دنسوا القرآن الكريم في معتقل غوانتانامو، وقتل في مظاهرات التنديد تلك أكثر من خمسة أشخاص.
 
وتكررت المظاهرات في مناطق مختلفة على اقتحام مساجد أو تدنيس مصاحف في منازل داهمها ليلا من يعتقد أنهم جنود أجانب. وقد تركت هذه الأفعال في أفغانستان تساؤلات كثيرة عن الهدف منها.
 

بنات يقرأن القرآن في مسجد بكابل (الفرنسية-أرشيف)بنات يقرأن القرآن في مسجد بكابل (الفرنسية-أرشيف)
بنات يقرأن القرآن في مسجد بكابل (الفرنسية-أرشيف)بنات يقرأن القرآن في مسجد بكابل (الفرنسية-أرشيف)

إن نقطة ضعف الحكومة الأفغانية في أزمة الرهائن الكوريين عام 2007 أنهم كانوا منصرين، وتبعت تلك الأزمة تسجيلات بالصوت والصورة لجنود وضباط أميركيين يمارسون التنصير بما يخالف طبيعة مهنتهم العسكرية ونظام الخدمة العسكرية الأميركي.

 
الثقافة الأفغانية
ويعزو مراقبون الغضب الشعبي الأفغاني إلى عوامل أهمها تكرار تدنيس القرآن على أيدي القوات الأجنبية خلال عمليات التفتيش والمداهمات الليلية وخلال اقتحام المساجد، ووجودُ قوات أجنبية خاصة أن معظمها أميركي، وزيادة النقمة الشعبية من تصرفاتها، إضافة إلى تنامي الشعور بأن الثقافة الأفغانية -وهي ثقافة مرتبطة مباشرة بالمشاعر الدينية- باتت مهددة.
 
وبدأ هذا الشعور بالتهديد الثقافي مع الاجتياح السوفياتي في الثمانينيات، وتنامى بعد الإطاحة بنظام طالبان وسياسة الانفتاح المفاجئ التي تبناها النظام الجديد برعاية أميركية.
المصدر : الجزيرة