أزمة أبيي.. عود على بدء

منطقة أبيي وعودة الصراع حول الإدارة الأهلية بالمنطقة
أبيي مثلت شوكة في خاصرة اتفاق السلام رغم قرار التحكيم الدولي بشأنها

عماد عبد الهادي-الخرطوم

 
عادت أزمة منطقة أبيي الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين شمال السودان وجنوبه لتطل برأسها ضمن قضايا أخرى لا تزال محل خلاف بين طرفي اتفاق السلام حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان الذي أنهى أكثر من عشرين عاما من الحرب الأهلية في الجنوب.

ورغم قرار سابق من محكمة التحكيم الدولية بلاهاي قضى بحاجة الحدود الغربية والشرقية لمنطقة أبيي إلى إعادة الترسيم وأبقى الحدود الشمالية الأغنى بالنفط على ما هي عليه، فإن ذلك لم يمنع المنطقة من تصدر قائمة القضايا الأكثر سخونة خلال المرحلة الحالية.
 
فبينما بدا الجميع منشغلا بترسيم الحدود بين الشمال والجنوب والتحضير للاستفتاء لتقرير مصير الإقليم بجانب ما تمثله أزمة دارفور، قلل قادة بارزون في حزب المؤتمر الوطني من شأن قرار محكمة التحكيم الدولية عن أبيي، وهو ما اعتبره نظراؤهم في الحركة الشعبية محاولة لتنصل المؤتمر من التزاماته المحلية والولائية.
 
فقد اعتبر مستشار الرئيس السوداني للشؤون الأمنية صلاح عبد الله أن قرار المحكمة لم يحل المشكلة ولم يكن شافيا أو ملبيا لاحتياجات الطرفين، داعيا إلى وجود مخرجات جديدة للأمر.

 

إبراهيم غندور قال إن تحكيم أبيي
إبراهيم غندور قال إن تحكيم أبيي

خارطة طريق
أما الأمين السياسي للحزب الحاكم إبراهيم غندور فقد اعتبر أن أي تحكيم يعطي النقاط العامة ويضع خارطة الطريق للاتفاق، و"لكن قطعاً تحكيم أبيي ليس ترسيماً للحدود، لكنه ترك الأمر للجهات الفنية لإكماله".
 
ووصف غندور أزمة أبيي بالشائكة وأن "فيها تداخلات قبلية كبيرة ومصالح تاريخية لا بد أن تراعى وبصورة واضحة جداً"، مشيرا إلى  ضرورة استصحاب القبائل التي تتعايش في هذه المنطقة وعلى رأسها قبائل المسيرية (الشمالية) ودينكا نقوك (الجنوبية). 
 
هذه المواقف التي وصفت بالجديدة دفعت رئيس إدارة أبيي أروب دينق أروب -وهو أحد قادة الحركة الشعبية- إلى استنكار ما سماها مواقف المؤتمر الوطني، واعتبرها محاولة لزرع الفتنة وتحريض المسيرية على دينكا نقوك.
 
وقال للجزيرة نت إن الذهاب إلى محكمة التحكيم الدولية كان باتفاق الشريكين اللذين اعترفا بقرار المحكمة ووقعا على الوثيقة التي أصدرتها، و"بالتالي فهو ملزم للطرفين ويجب عدم التهرب أو التنصل منه".
 
أهداف جديدة
وتساءل دينق أروب عن الهدف من خروج مسؤولي المؤتمر الوطني على قرار المحكمة والدستور واتفاقية السلام الشامل، معتبرا أن ما طرحوه بشأن مسألة أبيي غير واقعي ولا قانوني، "بل هو تحريض للمسيرية على مواصلة الاستيطان في المنطقة". 
 
وأبدى خشيته من أن تؤدي المواقف الجديدة إلي أعمال عنف بين مكونات المنطقة المسيرية ودينا نقوك، ونبه إلى أن ذلك لن يكون في مصلحة الجميع في المنطقة والسودان عموما.
 
أما عضو المجلس التشريعي بإدارة أبيي كباشي التوم كباشي فاعتبر أن تنفيذ قرار المحكمة بشأن أبيي سيعمل على زرع الفتنة بالمنطقة، مشيرا إلى أن "قرار لاهاي لم يكن عادلا ولن يكون ملزما لبعض المكونات القبلية".
 

دينق أروب أعرب عن قلقهمن وقوع أعمال عنف بالمنطقة
دينق أروب أعرب عن قلقهمن وقوع أعمال عنف بالمنطقة

حلول توفيقية
وقال كباشي للجزيرة نت إن تنفيذ القرار الذي وصفه بالظالم سيقود إلى مشكلة يدفع ثمنها الجميع، لكنه أشار إلى "إمكانية وجود حلول توفيقية تبعد شبح الحرب والمواجهات عن المنطقة".

 
من جهته استحسن أحد قادة قبائل المسيرية عبد الرسول النور ما ذهب إليه قادة المؤتمر الوطني، مشيرا إلى أنهم "قالوا ما قلناه نحن من قبل".
 
واستصعب في حديثه للجزيرة نت تنفيذ القرار على أرض الواقع، وقال إنه لا يحل المشكلة "لأن المسيرية ودينكا نقوك لم يشاركوا في صناعة القرار".
 
وأضاف النور أن القضية أصبحت بين شريكي الحكم وحدهما، معتبرا أن "تحذيرات رئيس إدارة أبيي بشأن استيطان المسيرية تحريض للدينكا والحركة الشعبية ضد القبائل الأخرى".
 
لكنه اعتبر أن "حل الأزمة يكمن في الدعوة لمؤتمر جامع واتفاق يبرم بين المسيرية والدينكا المتعايشين في المنطقة منذ أكثر من ثلاثة قرون مع بقية القوى السياسية والقبائل الأخرى".
المصدر : الجزيرة