شنجيانج.. صعوبة تعايش الهان والإيغور

شوارع أورومتشي في أعقاب أحداث العنف
التوتر الأمني ما زال يسيطر على شوارع أورومتشي منذ أحداث العنف الأخيرة

عزت شحرور-بكين

 
تخيم أجواء الحذر الأمني والترقب بمدينة أورومتشي عاصمة إقليم شنجيانج شمال غرب الصين، بعد مرور عام كامل على أحداث العنف الدامية, في وقت يلقي شعور بعدم الثقة بظلاله على السلوك اليومي بين قومية الهان أكبر القوميات الصينية وقومية الإيغور المسلمة التي تشكل أغلبية سكان الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي.
 
وقد شددت السلطات الصينية إجراءاتها الأمنية تحسباً لأي طارئ, ونشرت عدة آلاف من رجال الأمن المسلحين بشوارع المدينة. كما تم تثبيت 40 ألف كاميرا لرصد حركة سكان المدينة البالغ تعدادهم نحو مليوني شخص. وألغت السلطات المحلية إجازات رجال الأمن وصادرت السكاكين الكبيرة من المطاعم ومنعت بيع المدي التي تعتبر جزءاً من ثقافة سكان الإقليم.
 
وكان المئات من المهاجرين الإيغور قد نظموا مظاهرات أمام السفارات والقنصليات الصينية في عدد من عواصم العالم كطوكيو وباريس لإحياء المناسبة ومطالبة المجتمع الدولي بمساعدتهم والضغط على بكين لتخفيف قبضتها على سكانه.
 
يذكر أن الاتصالات وخطوط الهاتف وشبكة الإنترنت وخدمات رسائل الجوال القصيرة عادت إلى الإقليم تدريجيا بعدما كانت السلطات قد حجبتها وعزلت الإقليم عن العالم الخارجي عقب الأحداث المأساوية التي راح ضحيتها نحو مائتي قتيل وأكثر من 1700 جريح، وفق الإحصاءات الرسمية الصينية، وتبع ذلك حملات دهم واعتقال واسعة لأبناء قومية الإيغور. لكن تلك الأحداث المأساوية كانت قد أدت أيضاً إلى إقالة سكرتير الحزب الشيوعي الصيني ورجل بكين القوي في الإقليم وانغ لي تشوان.
 
وكانت بكين قد أعلنت الأسبوع الماضي عن تفكيك ما أسمتها خلية إرهابية ومصادرة أسلحة ومتفجرات "والحصول على أدلة دامغة" وفق المتحدث باسم وزارة الأمن العام الصينية تثبت تورط أعضاء المجموعة بعمليات عنف وتفجير وارتباطهم بمنظمة محظورة هي "الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية" التي تصنفها بكين منظمة إرهابية تسعى إلى الانفصال، وقد نجحت في إدراج هذه المنظمة على قائمة "المنظمات الإرهابية" الدولية عقب انخراط الصين في الحرب على ما يسمى الإرهاب.
 

مواجهات أورومتشي زادت الفجوة بين الهان والإيغور
مواجهات أورومتشي زادت الفجوة بين الهان والإيغور

غطاء صيني

ويرى مراقبون أن توقيت الإعلان عن تفكيك الخلية قبيل أيام فقط من حلول الذكرى السنوية الأولى لأحداث العنف يأتي في إطار سعي الصين لتوفير غطاء لتشديد قبضتها على الإقليم المضطرب.
 
وفي مواجهة انتقادات دولية بشأن الاستخدام المفرط للقوة, تحركت الصين للتخفيف من حدة هذه الانتقادات بدعوة وفد من سفراء الدول العربية إلى زيارة الإقليم وكذلك دعوة الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو, الأمر الذي اعتبر تحولاً تجاه منظمة المؤتمر الإسلامي، كما اعتبر أيضا تطوراً في نظرة الصين إلى بعض القضايا التي كانت دائماً ما تعتبرها شأنا داخلياً من غير المسموح لأية جهة التدخل فيه.
 
وكانت الصين قد رصدت 1.5 مليار دولار ضمن خطة طموحة لتنمية إقليم شنجيانج الذي يشكل سدس مساحة الصين والغني بالنفط والثروات المعدنية. وتهدف الخطة إلى توفير فرص عمل جديدة ورفع مستوى دخل الفرد بالإقليم خلال السنوات القليلة القادمة أسوة بالأقاليم الصينية الأخرى التي شهدت ازدهارا اقتصاديا واستقراراً اجتماعيا.
 
لكن مراقبين يرون أن خصوصية الإقليم الثقافية والدينية والعرقية قد تؤدي إلى نتائج عكسية كونها ستفتح الباب واسعا أمام تدفق موجات كبيرة لمهاجرين صينيين من الأقاليم الأخرى بحثا عن فرص الاستثمار والتجارة وما يعنيه ذلك من تغيرات ديمغرافية تهدد الهوية الثقافية والدينية.
المصدر : الجزيرة