تنامي الغضب العمالي بمصر

وقفات احتجاجية سابقة لعمال في مصر

عمال مصر يشكون من تداعيات برنامج إعادة الهيكلة على أوضاعهم (الجزيرة نت-أرشيف)

محمود جمعة-القاهرة

كشف تقرير حقوقي تنامي الغضب العمالي في مصر وتصعيد احتجاجات موظفي الدولة والقطاع الخاص في العام الماضي نتيجة تردي أوضاعهم المعيشية والوظيفية، محملا سياسات الحكومة الخاصة ببيع شركات القطاع العام واتباع نظام العمالة المؤقتة المسؤولية الكبرى عن تأزم أوضاع العمال.

وقال تقرير مركز الأرض لحقوق الإنسان -الذي حصلت الجزيرة نت على نسخة منه- إن مطالب عمال مصر في التغيير مرتبطة بشكل أساسي بالمعاناة التي يعيشونها منذ تبني الحكومة المصرية لبرنامج إعادة الهيكلة وما نتج عن ذلك من تشريد للعمال وترد لأوضاعهم.

وأشار التقرير إلى أن احتجاجات عمال وموظفي الحكومة (القطاع العام وقطاع الأعمال) بلغت 63% من إجمالي الاحتجاجات بواقع 303 إضرابات واعتصامات، فيما بلغت احتجاجات القطاع الخاص 37% بواقع 175 اعتصاما وإضرابا.

كما رصد التقرير فقدان حوالي 126 ألف عامل وظائفهم في العام 2009، وإقدام 58 عاملا على الانتحار لعدم ملاءمة دخولهم مع احتياجات أسرهم، فضلا عن وقوع 133 حالة وفاة و1206 إصابات عمل بسبب غياب وسائل الأمن الصناعي والصحة المهنية.

وكشف التقرير عن أن ظاهرة العمالة المؤقتة تشكل أحد أهم مشاكل عمال الحكومة، حيث يوجد أكثر من 500 ألف متعاقد يتم التلاعب بهم عند تجديد العقود، وهم محرومون من جميع الضمانات والحقوق في الأجر العادل والتأمين الاجتماعي والصحي.

غياب نقابي
وعزا المدير التنفيذي لمركز الأرض لحقوق الإنسان كرم صابر تدهور أوضاع عمال القطاع الخاص إلى عدم التزام أصحاب العمل بقرارات زيادة الأجور وصرف العلاوات الدورية، التي تراكمت لأكثر من خمس سنوات في بعض الشركات، دون أن تتخذ الحكومة ووزارة العمل أي خطوات حقيقية لإجبارهم على الالتزام بالقانون.

وأضاف صابر للجزيرة نت أن التقرير كشف غياب المنظمات النقابية الرسمية عن ممارسة دورها، وقال "إن بعض هذه النقابات قام بدور معادٍ لمطالب العمال في الكثير من الاحتجاجات، مما أسفر عن بروز قيادات من خارج التنظيم النقابي الرسمي".

وأوضح صابر أن المطالب العمالية هي التعبير الحقيقي عن حالة أي مجتمع، وأن مطالب العمال في مصر تعبر بوضوح عن الأحوال المتردية التي وصلوا إليها في العقدين الأخيرين، بسبب سياسات الحكومة وما نتج عنها من ترد للأوضاع الاجتماعية للسواد الأعظم من الشعب المصري، وهي أوضاع جعلت العمال يتحركون في اتجاه الدفاع عن حقوقهم المشروعة والمسلوبة منهم بعد تبني سياسات الخصخصة.

وقفات احتجاجية سابقة لعمال وموظفي الحكومة في مصر (الجزيرة نت-أرشيف)
وقفات احتجاجية سابقة لعمال وموظفي الحكومة في مصر (الجزيرة نت-أرشيف)

توصيات
وخلص تقرير مركز الأرض إلى مجموعة من التوصيات التي من شأنها كفالة حياة إنسانية كريمة للعمال وضمان فرص عمل لائقة للمصريين، وأهمها:

– المطالبة بصرف المستحقات المالية المتأخرة للعمال، ووقف تعسف الإدارات ووقف إهمال وتجاهل المسؤولين لمطالب المحتجين، ومنع سياسات الفصل التعسفي، وتثبيت العمالة المؤقتة وتحسين الأجور, وتطبيق معايير العمل الدولية, وكفالة الحد الأدنى للمعيشة بحيث لا تقل عن 1200 جنيه شهريا، مع إلزام الحكومة بالتدخل لوقف الزيادة في الأسعار وتعديل الحد الأدنى للأجور خلال مدة لا تتجاوز العامين وربط الأجور بالأسعار.

– وقف بيع الشركات واسترداد الدولة للشركات من المستثمرين المتعثرين والهاربين، حفاظ على الصالح العام طبقا للدستور، ومحاسبة من تورط في عمليات فساد سابقة، بالإضافة إلى ضرورة ضمان وجود إدارة ديمقراطية تشاركية في المستقبل تتحمل فيها الدولة مسؤوليتها التاريخية بإدارة هذا القطاع.

– وقف التعدي على المكتسبات الاجتماعية (التأمينات الاجتماعية والصحية) وتحسين خدماتها ومد مظلتها على جميع أفراد المجتمع، وتقديم خدمة متساوية لجميع المواطنين، وإلزام الحكومة بدفع أموال التأمينات، وكفالة حياة كريمة لأصحاب المعاشات والمسنين وأن تضمن لهم دخلا شهريا يوفر لهم حياة لائقة.

– تعديل القانون رقم 35 للعام 1976، بحيث يسمح بالتعددية النقابية وحق الانضمام أو الانسحاب إلى النقابات، وضمان انتخابات نقابية نزيهة دون تدخل من الحكومة، ومنع وصاية الأجهزة الحكومية على التنظيمات النقابية، ومنح حق عقد الاجتماعات والمؤتمرات دون إذن مسبق.

المصدر : الجزيرة