العرب أعزة على إعلامهم أذلة مع الغرب

تقرير ينتقد أداء الفضائيات العربية



يرى اتحاد الصحفيين العرب أن الصحافة في معظم البلاد العربية تعاني من قيود عديدة تكبل حرية الرأي، وتسلب الصحفيين حرياتهم، وقد منعت في العالم العربي صحف واعتقل صحفيون وأوقف نشاط بعض القنوات في بعض الدول.

ولكن السجال بين الحكومات العربية ووسائل الإعلام يكاد يكون مقتصرا على وسائل الإعلام العربية، إذ رغم أن وسائل الإعلام الغربية ودور النشر والسينما تنشر دائما أخبارا وتحاليل تنتقد بعض الدول العربية أحيانا، فإننا لم نسمع بدولة عربية أغلقت مكتبا لصحيفة أو وكالة أنباء أو محطة تلفزيونية غربية أو منعتها من العمل على أرضها.

أما حين يتعلق الأمر بالجزيرة أو بصحيفة محلية أو محطة عربية فإن التوقيف يكون أسهل، فهل تخشى هذه الدول من الغرب وإعلامه وبالتالي تتغاضى عن أذاه، أم إن الجزيرة خاصة والإعلام العربي عامة هو الذي تخشى منه هذه الدول لتأثيره بين مواطنيها؟

فمع أن الأردن عجز عن منع محطة بي بي سي من نشر برنامج وثائقي عن الدعارة في الأردن، فقد اكتفى هذا البلد حسب صحيفة القدس العربي بأن يذكر البرنامج أن الدعارة لم تصل حد الظاهرة في الأردن.

ولو تتبعنا الأمثلة مع دول عربية أخرى تناولها الإعلام الغربي والعربي فإن ردها على الإعلام الغربي غالبا ما يكون متسامحا، في حين يكون ردها على الإعلام العربي قاسيا، بالمنع والمتابعة.

وما قرار البحرين الأخير بتجميد عمل قناة الجزيرة على أرضها إلا سير على تلك العادة التي عانت منها الجزيرة أكثر من غيرها في دول عربية عديدة.


عطوان: إغلاق الجزيرة يعتبر منقبة محمودة لأنها محطة عربية (الجزيرة-أرشيف)
عطوان: إغلاق الجزيرة يعتبر منقبة محمودة لأنها محطة عربية (الجزيرة-أرشيف)

خوف من الغرب
يقول مدير صحيفة القدس العربي عبد الباري عطوان -في حديث هاتفي مع الجزيرة نت- إن الدول العربية "تخشى من إغلاق أي محطات أو دور نشر أو أي مؤسسات غربية لأن ذلك يعرضها للمساءلة"، وقال إنها "تخشى من لسان الصحافة الغربية السليط"، ومن المؤسسات الحقوقية الغربية على صورتها.

وأوضح أن "إغلاق الجزيرة بالمقابل يعتبر منقبة محمودة لأنها محطة عربية"، وقال إن الدول العربية متفقة على إغلاقها وعرقلة عملها.

واعتبر عطوان أن الدولة التي تغلق مكتب الجزيرة أو تعرقل تظهر وكأنها قامت بعمل بطولي، ورد سبب الإغلاق إلى ظهور شخصيات تقول الحق على شاشة هذه القناة.

ولكن عطوان أبدى أسفه لأن الحملة التي ووجهت بها الجزيرة نجحت في التأثير على القناة، وخفضت من سقف الحرية فيها وجعلت نسبة الجرأة في برامجها تتراجع، حسب تعبيره.

بل إن عطوان يرى أن الجزيرة أصبحت تهتم أكثر بالمحافظة على مصالحها ومكاتبها، مما دعاها إلى مهادنة من سماها بالدكتاتوريات العربية.

ورأى عطوان أن تأثر القناة بالحملة هو الذي جعل الدول تتجرأ أكثر فأكثر على الجزيرة، وهو الذي جعل الحملة تتزايد باعتبار أنها بدأت تؤتي أكلها.

وأشار عطوان في حديثه إلى أن وثيقة الإعلام التي تبنتها الحكومات العربية في مؤتمر وزراء الإعلام العرب في القاهرة، كان الهدف منها التصدي لقناة الجزيرة وتأديبها.


مناع: سبب تعامل الدول العربية مع الجزيرة بالإغلاق والمنع هو تأثير هذه القناة (الجزيرة-أرشيف)
مناع: سبب تعامل الدول العربية مع الجزيرة بالإغلاق والمنع هو تأثير هذه القناة (الجزيرة-أرشيف)

ثمن النجاح
أما الناشط الحقوقي وعضو اللجنة العربية لحقوق الإنسان هيثم مناع فيلخص سبب تعامل الدول العربية مع الجزيرة بالإغلاق والمنع في "تأثير هذه القناة"، ويقول إنه "ثمن النجاح".

ويقول مناع -في حديث عبر الهاتف مع الجزيرة نت- إنه تكلم في ثماني قنوات تلفزيونية مختلفة، ولكن الدقائق التي تكلم فيها على قناة الجزيرة هي التي يجد لها صدى أكبر، وما زالت الاتصالات بشأنها متواصلة.

وهو لذلك يفسر عدم لجوء الدول العربية إلى التصادم مع القنوات والمحطات الغربية إلى التأثير الضعيف لهذه القنوات في داخل الدول العربية، في حين أن الجزيرة قوية التأثير مما يجعلها قادرة على تغيير الرأي العام بسرعة.

وقال مناع إن ما سماه "الاستماع الكبير" الذي تحظى به الجزيرة هو الذي يخشى منه أصحاب القرار في الدول العربية، ويجعلهم حساسين تجاه هذه القناة.

وضرب مناع مثلا بما قامت به فرنسا من إغلاق مؤسساتها الإعلامية الكبيرة في وجه الآراء المناهضة لمنع البرقع حتى قلبت الرأي العام الفرنسي ضد البرقع خلال سنة واحدة بإبعاد الرأي المناهض له عن وسائل الإعلام، وترك الرأي المساند لمنعه في الساحة.

المصدر : الجزيرة