شواهد تخلد صمود مخيم جنين

الحصان الحديدي مشهد اخر من المشاهد التي يتذكر بها اهالي المخيم صمودهم- الجزيرة نت
الحصان الحديدي يخلد صمود أهالي مخيم جنين (الجزيرة نت)

عاطف دغلس-جنين
 
ما أن دخلنا حتى استبقت أعيننا النظر إلى حصان حديدي وضع على مشارف المخيم، وشعارات ورسومات خطت على الجدران، وعلى أسطح المنازل صور "ضوئية" وملصقات للشهداء، "وحتى القبور حكت قصص أصحابها الذين استماتوا دفاعا عن مخيمهم".
 
هذه بعض مشاهد الانتصار والصمود التي يحاول بها أهالي مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين بشمال الضفة الغربية دعم معنوياتهم، إضافة لقصص وحكايات لا تزال تحفر في ذاكرتهم خلال الاجتياح الإسرائيلي للمخيم مطلع أبريل/ نيسان عام 2002.
 
كنت شاهدا
هذا الانتصار وتلك المشاهد رواها لنا "س" كما أطلق على نفسه وهو أحد المقاومين الذين شاركوا في معركة التصدي للاجتياح.
 
وقال إن ما ميز مقاومتهم –رغم أنهم بضع مئات- اعتمادهم على أساليب قتالية مختلفة في مقارعة الاحتلال بين كر وفر، وصبر على الجوع والعطش والنوم، "حيث كنا ننام بالتناوب ولفترات وجيزة، وكانت البندقية هي المسند والمتكأ".
 
صور الشهداء في كل مكان بالمخيم
صور الشهداء في كل مكان بالمخيم

وأكد للجزيرة نت، بمناسبة ذكرى اجتياح مخيم جنين، أن من وسائلهم القتالية الوحدة بين الفصائل جميعا واحتكامهم لرأي قائد واحد في غرفة العمليات المشتركة، إضافة لمساعدة أهالي المخيم من الرجال والنساء، مشيرا إلى أن قدوم مقاومين من خارج المخيم عزز صموده والدفاع عنه.

 
وكان لعامل الإيمان –يضيف المتحدث- دور مهم في الثبات بأرض المعركة أحد عشر يوما متواصلة، مشيرا إلى أن من كان يستشهد منهم يأتي مكانه عشرة، في حين أصيب جنود الاحتلال بحالات خوف وإرباك شديد "فكانوا يطلقون النار بشكل فجائي وكثيف على كل ما يشتبهون فيه".
 
وأشار إلى أن "عش الدبابير" -وهو الاسم الذي أطلقته الصحف الإسرائيلية على مخيم جنين- كان بالفعل كذلك، حيث اعتمدنا على عنصر المباغتة، ونصبنا كمائن للجيش في حاويات القمامة وخلف أعمدة الكهرباء وتحت شبكات الصرف الصحي، "فلم يستطع جيش قوامه آلاف الجنود اقتحام المخيم إلا بعد ستة أيام".
 
وشدد على تركيزهم خلال المعركة على الحرب الإعلامية عبر مكبرات الصوت بالمساجد، "حتى إن قائد المعركة "أبو جندل" -الذي يُتكتم إلى الآن على اسمه الحقيقي- شكل حالة هستيرية لدى الجنود، "وقدنا بتجربتنا البسيطة حربا تعجز عنها جيوش بأكملها".
 

القبور ما زالت تحكي صمود شهداء المخيم(الجزيرة نت)
القبور ما زالت تحكي صمود شهداء المخيم(الجزيرة نت)

دلائل الانتصار

وعلى الجانب الغربي لمخيم جنين كانت مشاهد "مقبرة الشهداء" و"حرش السعادة" تثير تساؤلاتنا التي أجابنا عنها الشاب فريد جواد بقوله "إن مقبرة الشهداء اختصت بدفن شهداء معركة جنين فقط، وسميت بأسمائهم".
 
وأضاف أن ما ميز المقبرة أيضا أن بها قبورا جماعية لشهداء أقرباء أو أصدقاء سقطوا برصاص أو قذائف الاحتلال الإسرائيلي في وقت واحد، وهو ما يعني أن لكل قبر حكايته.
 
وقال "أما حرش السعادة فهو معسكر إسرائيلي أوجعه المقاومون ضربا إبان الاجتياح والمعارك مع الاحتلال فرحل عنه (المحتل) رغم أنفه".
 
وفي وسط المخيم أقامت النساء معرضا حكت فيه معروضاته من جداريات وصور للأسرى والشهداء ومجسمات بطولات المخيم وصموده.
 
وقالت باسمة أبو طبيخ وهي مديرة مركز نسوي بمخيم جنين "أردنا بذلك إيصال رسالة للجيل الصغير من أبناء المخيم مفادها النضال والصمود على أرضه".
 
حصان العزة
أما حكاية الحصان الحديدي فهي قصة في حد ذاتها، حيث عمد أهالي المخيم إلى جمع قطع المركبات التي أصابتها آليات الاحتلال "بما في ذلك سيارات الإسعاف" وقطع الحديد من المنازل المدمرة، وقاموا بعمل مجسم على شكل حصان.
 
ووضعوه على مشارف المخيم ووجهوه نحو مدينتهم حيفا التي شُرِّدوا منها عام 1948 ليجسد -حسب باسمة أبو طبيخ- "النخوة والأصالة الفلسطينية، والقوة التي دحرنا بها المحتل من المخيم، ولنؤكد أننا عائدون يوما ما إلى أرضنا".
المصدر : الجزيرة