جدل بشأن عقوبة الإعدام بغزة

محمد عابد النائب العام في الحكومة الفلسطينية
عابد أكد أن الحكومة تمتلك دستوريا كافة الصلاحيات لتنفيذ أحكام الإعدام دون الرجوع للرئيس عباس (الجزيرة نت)

أحمد فياض-غزة
بعد شروع الحكومة الفلسطينية المقالة في التصديق على أحكام الإعدام الصادرة على المدانين بالتعاون مع الاحتلال وبجرائم قتل في غزة, ثار جدل حول مدى قانونية الخطوة.

 
فبينما يرى مؤيدو الحكومة أن عملية التصديق خطوة في الاتجاه الصحيح، ندد حقوقيون بهذا القرار واعتبروه مخالفاً للقانون الأساسي الفلسطيني، لافتقاره إلى مصادقة رئيس السلطة الفلسطينية.
 
ويؤكد النائب العام بالحكومة المقالة محمد عابد أن حكومته تمتلك دستوريا كافة الصلاحيات التي تخولها تنفيذ أحكام الإعدام دون الرجوع إلى الرئيس محمود عباس "باعتباره منتهي الولاية القانونية منذ مطلع يناير/كانون الثاني 2009، ولكونه غير مخول التصديق على أي من أحكام الإعدام بعد انتزاع صفة الرئيس عنه".
 
وقال عابد "الحكومة ووفقا للقانون الأساسي الفلسطيني ونص المادة 46 (على أنها) تساعد رئيس السلطة في أداء مهامه التنفيذية، فإنها مخولة القيام بمهامه لانتهاء صفة الرئيس عنه".
 
وأضاف في حديث للجزيرة نت "أصبح الواجب القانوني ملقى على عاتق الحكومة الشرعية التي منحت الثقة من المجلس التشريعي، ومن هنا فإنه في حال غياب رئيس السلطة يحق لمجلس الوزراء أداء مهامه ومنها تنفيذ أحكام الإعدام والمصادقة عليها، ويعتبر ذلك دستوريا لكون الحكومة تساعد الرئيس في أداء مهامه".
 
وشدد عابد على أن عقوبة الإعدام أقرت قانونا, قائلا إن كل ما يصدر بهذا الخصوص "حكم مشروع لا يليق بالمؤسسات الحقوقية الاعتراض عليه".
 
واعتبر أن "على المؤسسات الحقوقية أن تنتصر لأحكام القضاء وليس للعملاء"، ورأى أن الأزمة السياسية الحاصلة بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) لن تقف عائقا أمام تنفيذ هذا القرار.
 

عصام يونس: عقوبة الإعدام تشكل مصدر قلق كبير للمؤسسات (الجزيرة نت)
عصام يونس: عقوبة الإعدام تشكل مصدر قلق كبير للمؤسسات (الجزيرة نت)

قلق حقوقي
من جانبه اعتبر مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان بغزة عصام يونس، أن نية الحكومة المقالة تنفيذ عقوبة الإعدام في عدد من المدانين بالتعامل مع إسرائيل تشكل مخالفة للقانون الأساسي الذي ينص على ضرورة مصادقة رئيس السلطة الفلسطينية.
 
ودعا إلى إعادة النظر في القرار قبل تطبيقه قائلا إنه يحتاج لإجراءات صارمة وضمانات لمحاكمة عادلة.
 
واعتبر أن عقوبة الإعدام تشكل مصدر قلق كبير للمؤسسات, ولفت في الوقت نفسه إلى أن هذا الموقف لا يعني الدعوة إلى التساهل والتهاون مع المجرمين، وإنما البحث عن بدائل أخرى.
 
الحكومة جادة
أما الناطق باسم وزارة الداخلية بالحكومة المقالة إيهاب الغصين فقد أكد أن الحكومة جادة في تنفيذ أحكام الإعدام التي صدرت من المحاكم "لتكون رادعا  لمن يقوم بارتكاب جرائم وخاصة الخطيرة منها"، مشيرا إلى أن الحكومة ستتخذ كافة الخطوات اللازمة حسب الأصول القانونية.
 
وشدد في حديث للجزيرة نت على أن الخطوة جاءت لتفعيل قرارات المحاكم حتى لا تكون الأحكام الصادرة من قبلها حبرا على ورق، لافتا إلى أن أحكاما قضائية صدرت على ستة أشخاص في سجون الحكومة أدينوا بعقوبة الإعدام بتهمة التخابر مع الاحتلال وجرائم قتل.
 

عبد العاطي: السلطة لا تزال تحتجز متهمين ممن أدينوا بالتخابر (الجزيرة نت)
عبد العاطي: السلطة لا تزال تحتجز متهمين ممن أدينوا بالتخابر (الجزيرة نت)

حالات سابقة


من جانبه أشار منسق الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان العاملة بالضفة الغربية وقطاع غزة صلاح عبد العاطي إلى أنه سبق للسلطة أن نفذت الإعدام خلال سنوات سابقة في ثلاث حالات أدين أصحابها بالتخابر مع الاحتلال.
 
وأوضح للجزيرة نت أن الحالات الثلاث لم تراع فيها الإجراءات القانونية المتعلقة بمصادقة الرئيس عليها، فضلا عن أنها صدرت عن محاكم أمن دولة، وأشار إلى أن السلطة بالضفة لا تزال  تحتجز بسجونها متهمين ممن أدينوا بالتخابر.
 
وحول ما إذا كانت اتفاقية أوسلو تقيد يد السلطة في محاربة ظاهرة العملاء مع الاحتلال، أكد مسؤول أمني سابق بالسلطة الفلسطينية أشرف على متابعة بعض بنود اتفاقية أوسلو مع الجانب الإسرائيلي في الميدان، أن اتفاقية غزة -أريحا بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل تطرقت في أحد بنودها لأول مرة لموضوع العملاء مع الاحتلال.
 
وأوضح للجزيرة نت أن هذا البند ينص على أن تصدر إسرائيل عفوا عن الفلسطينيين المطلوبين بتهم أمنية أو نشاطات سياسية مناهضة للاحتلال سبقت توقيع اتفاق أوسلو، إضافة إلى الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بالسجون الإسرائيلية، مقابل عفو السلطة عن العملاء الذين تعاونوا مع الاحتلال قبل أوسلو.
 
وأشار إلى أن العفو الفلسطيني شمل فقط من تعاونوا مع الاحتلال قبل أوسلو، أما العملاء الذين اعتقلوا بعد قيام السلطة فسيقدمون للمحاكمة، لافتا إلى أنه في نص آخر من الاتفاق طلب من السلطة الفلسطينية مع توليها لمهامها أن يلتزم الجانب الفلسطيني بحل مشاكل أولئك الفلسطينيين الذين كانوا على صلة بالسلطة الإسرائيلية وحتى التوصل إلى حل متفق عليه، يتعهد الجانب الفلسطيني بعدم ملاحقة هؤلاء الفلسطينيين أو الإضرار بهم بأي طريقة.
المصدر : الجزيرة