تقرير ذكرى يوم الأسير 2010

أصدر نادي الأسير الفلسطيني اليوم تقريرا إحصائيا عن عدد الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال، بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني 17 أبريل/ نيسان 2010، مبينا أن سلطات الاحتلال اعتقلت ما يزيد عن سبعين ألف فلسطيني وفلسطينية منذ عام 2000، بينهم 800 أسيرة وما يزيد عن ثمانية آلاف طفل.

وذكر رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس بأن عدد الأسرى الإجمالي يبلغ قرابة 7000 أسير فلسطيني وعربي، موزعين على 25 معتقلا ومركزا للتوقيف والتحقيق، أكبرها النقب ومجدو وعوفر، من بينهم 780 أسيرا يقضون أحكاما بالسجن المؤبد لمرة واحدة أو عدة مرات، و316 أسيرا منذ توقيع اتفاقية أوسلو من بينهم 25 أسيرا تجاوزوا الربع قرن، أقدمهم الأسيران نائل وفخري البرغوثي من كوبر اللذان اعتقلا في العام 1978م.

وأضاف قدورة أن من بين مجموع الأسرى يوجد 16 نائبا ووزيرين سابقين و36 أسيرة بينهن أربع أمهات، و ما يزيد عن 340 طفلا أقلهم عمرا لم يتجاوز 13 من عمره، وأن غالبية الأسرى من سكان الضفة الغربية ما يقارب 5700 أسير، ومن قطاع غزة 780 أسيرا، ومن الأراضي المحتلة والقدس ما يقارب 450 أسيرا، وأسرى الدوريات "العرب" 47 أسيرا.

وقال إن تجربة الشعب الفلسطيني في المعتقلات والسجون تعد من أقدم التجارب العالمية، إذ بدأت هذه التجربة المريرة مع صدور وعد بلفور المشئوم عام 1917، الذي أعطى وطناً قومياً لليهود في فلسطين، بحيث استخدمت سلطات الانتداب البريطاني السجون لكسر إرادة الحركة الوطنية الفلسطينية التي كانت تكافح ضد الانتداب البريطاني من جهة، وضد التسهيلات التي قدمتها الحكومة البريطانية للحركة الصهيونية لاحتلال فلسطين من جهة أخرى.

وخلال هذه الفترة، سطر المعتقلون الفلسطينيون أروع شهادات العز والكرامة والصمود أمام جلاديهم وسجانيهم.

وبعد قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، وبعد إحكام السيطرة الإسرائيلية على أرض فلسطين الانتدابية، وانطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة، كانت الاعتقالات والسجون وخوض المعارك مع السجانين والجلادين الإسرائيليين هي العنوان الأول لخوض معركة التحرر من الاحتلال وظلمه.

"
قرابة سبعة آلاف أسير فلسطيني وعربي يقبعون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، 120 منهم مضى على اعتقالهم أكثر من عشرين عاما، و340 من القصر، و36 من النساء و250 رهن الاعتقال الإداري
"

لقد تعرض المعتقلون الفلسطينيون للتعذيب الشديد، وحرموا من أبسط الحقوق التي كفلتها المواثيق الدولية للأسرى في الحروب والصراعات، ومورست بحقهم وبحق عائلاتهم أعمال ترقى إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وأشار قدوره إلى أنه -ومع إحياء ذكرى يوم الأسير الفلسطيني- تعد قضية الأسرى الفلسطينيين من أكبر القضايا الإنسانية في العصر الحديث، خاصة أن أكثر من ربع الشعب الفلسطيني قد دخل السجون على مدار سني الصراع الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية، إذ يقدر عدد حالات الاعتقال في صفوف الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 800 ألف حالة، أي ما نسبته 25% من أبناء الشعب الفلسطيني، في واحدة من أكبر عمليات الاعتقال التي شهدها التاريخ المعاصر.

وقد كانت سنوات الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي انطلقت عام 1987، وسنوات الانتفاضة الثانية التي انطلقت عام 2000، من أصعب المراحل التاريخية التي تعرض فيها الشعب الفلسطيني لعمليات اعتقال عشوائية طالت الآلاف من أبناء وبنات هذا الشعب، إذ قدر عدد حالات الاعتقال اليومية التي حدثت في المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية بين 10-30 حالة اعتقال يومياً، وهي نسبة عالية جداً مقارنة بالسنوات التي سبقت اندلاع الانتفاضتين.

إن قضية الاعتقال كانت وما زالت مرتبطة بعملية النضال المتواصل للخلاص من الاحتلال، والتطلع إلى الحرية وتحرير الأرض من مغتصبيها. لهذا السبب، أصابت عملية الاعتقال المجتمع الفلسطيني بكل تكويناته ولم يسلم بيت فلسطيني إلا واعتقل احد من أبنائه أو بناته.

وقضية الأسرى هي قضية شعب ومجتمع ترتبط بشكل عضوي بالتطلع إلى الحياة الإنسانية والمستقبل المنشود دون معاناة وقيود. وخلال سنوات النضال الطويلة ضد الاحتلال لم تترك حكومة الاحتلال أية وسيلة حربية ونفسية إلا واستخدمتها في عمليات الاعتقال العشوائية والجماعية، ودون تمييز بين كبير وصغير، أو بين ذكر وأنثى، أو مريض ومعافى، في محاولة لردع الشعب الفلسطيني وكسر إرادته وصموده الأسطوري.

لقد مارست إسرائيل وحركتها الصهيونية حرباً شاملة وممنهجة، حولت شعباً بأكمله إلى شعب أسير يحمل على جسده آلام السجون وعذابات الزنازين والغربة في الوطن، يقضي شبابه أعمارهم اليانعة في الظلمات الدامسة وتحت وطأة الممارسات التعسفية والوحشية والتصفية بدم بارد والموت في زنازين العزل.

وأوضح فارس أنه مع بداية شهر أبريل/نيسان 2010، بلغ عدد الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية 7000 أسير وأسيرة، موزعين على 25 سجناً ومعتقلاً، من بينهم 788 أسيرا وأسيرة محكومين بالسجن مدى الحياة، و577 أسيرا محكومين بالسجن أكثر من 20 عاماً، وأكثر من 1100 أسير محكومين بالسجن بين 10-20 عاما.

أما توزيع الأسرى في السجون فيأتي على النحو التالي:


الأسرى القدامى: الأسرى القدامى هو المصطلح الذي يطلق على الأسرى الفلسطينيين والعرب المحتجزين في السجون الإسرائيلية منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية عام 1993.

وبحسب إحصاءات النادي، فإن عدد الأسرى القدامى يبلغ 316 أسيرا، ينحدرون من كافة الأراضي الفلسطينية.

ويعتبر الأسرى القدامى أقدم أسرى ما زالوا يقبعون في السجون الإسرائيلية، إذ مضى على اعتقال أقل أسير منهم ما يقارب 17 عاماً، أما أقدم هؤلاء الأسرى فما زال معتقلاً منذ 32 عاماً.

ومن بين هؤلاء الأسرى، يوجد 120 أسيرا أمضوا في السجون الإسرائيلية أكثر من عشرين عاماً، و13 أسيرا أمضوا في السجن أكثر من ربع قرن بشكل متواصل، منهم ثلاثة أسرى أمضوا أكثر من ثلاثين عاماً وهم نائل وفخري البرغوثي وأكرم منصور.

وهؤلاء الأسرى القدامى ترفض إسرائيل الإفراج عنهم بحجة أن أياديهم ملطخة بالدماء، وهم من لم تشملهم أي اتفاقية وقعت مع إسرائيل منذ توقيع اتفاق أوسلو.


الأسيرات: تحتل المرأة الفلسطينية في النضال الفلسطيني صدارة العنوان، وهي تمارس حقها الوطني في الدفاع عن قضية شعبها وتصديها للاحتلال الظالم، بكل ما تملك من قدرات لتكون الشهيدة والجريحة والأسيرة والأم الصابرة.

وقد أطلقت أدبيات الحركة الأسيرة الفلسطينية على المرأة الفلسطينية مصطلح "حارسة النار المقدسة"، وذلك تقديراً للعطاء والتضحية العالية التي قدمتها المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل في مراحل الصراع المختلفة مع الاحتلال الإسرائيلي.

وعلى مدار سني الصراع الطويلة مع إسرائيل، دخل السجون الإسرائيلية أكثر من 15.000 امرأة وشابة فلسطينية، بحيث لم تميز إسرائيل بين كبيرة في السن أو قاصرة أقل من 18 عاماً.

وقد حدثت أكبر عملية اعتقالات بحق النساء الفلسطينيات خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، إذ وصل عدد حالات الاعتقال في صفوفهن إلى 3000 أسيرة فلسطينية. أما خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي اندلعت عام 2000، فقد وصل عدد حالات الاعتقال بحق النساء الفلسطينيات إلى ما يقارب 900 امرأة.

ومنذ منتصف عام 2009 تراجع عدد الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال، إذ يبلغ عددهن حاليا 36 أسيرة فلسطينية بعد أن تم الإفراج عن 21 أسيرة فلسطينية مقابل شريط فيديو سلمته حركة حماس لإسرائيل عن الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط يوم 1/10/2009.

وتقبع الأسيرات الفلسطينيات في سجون"هشارون والدامون وعزل نفي تريستا.


الأسرى الأطفال (الأشبال): اعتقال الأطفال الفلسطينيين على يد جيش الاحتلال ليس سياسة جديدة، بل استخدمت هذه السياسة منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو، وتحديداً خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، حيث اعتقل مئات الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشرة سنة، وقد مورس بحق هؤلاء الأطفال شتى صنوف التعذيب والمخالفات الجسيمة التي تتعارض مع اتفاقيات حقوق الطفل.

"
العديد من الأطفال الذين اعتقلوا وهم تحت السن القانونية اجتازوا سن الثامنة عشرة وما زالوا في الأسر حتى اليوم
"

ومنذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000، اعتقل ما لا يقل عن 7000 طفل فلسطيني، ما زال محتجزا منهم حتى اليوم 340 طفلا أعمارهم أقل من 18 عاماً، من بينهم 23 طفلاً لم تتجاوز أعمارهم 16 عاماً، يقبع معظمهم في سجني عوفر وريمون.

كما أن العديد من الأطفال الذين اعتقلوا وهم تحت السن القانونية اجتازوا سن الثامنة عشرة وما زالوا في الأسر حتى اليوم.


الأسرى الإداريون: الاعتقال الإداري هو العدو المجهول الذي يواجه الأسرى الفلسطينيين، وهو عقوبة بلا جريمة، يحتجز الأسير بموجبه دون محاكمة ودون إعطاء الأسير أو محاميه أي مجال للدفاع، بسبب عدم وجود أدلة إدانة، واستناد قرارات الاعتقال الإداري إلى ما يسمى "الملف السري" الذي تقدمه أجهزة المخابرات الإسرائيلية.

ويتراوح أمر الاعتقال الإداري ما بين شهر حتى ستة شهور، يصدرها القادة العسكريون في المناطق الفلسطينية المحتلة بشكل تعسفي مستندين إلى العديد من الأوامر العسكرية المتعلقة بالخصوص.

وشمل الاعتقال الإداري جميع فئات المجتمع الفلسطيني، وعلى مختلف الأجناس امرأة ورجل، صغير وكبير، كما أن العديد من الأسرى الإداريين هم من الأطباء والمهندسين والأساتذة والصحفيين.

وحتى بداية أبريل/نيسان 2010، فإن عدد الأسرى الإداريين في السجون بلغ ما يقارب 240 أسيرا، غالبيتهم موجودون في سجني النقب وعوفر.


الأسرى المرضى: لا تتوفر إحصائية رسمية عن الأسرى المرضى داخل السجون الإسرائيلية، لكن هناك تقدير بأن عددهم يتجاوز 1200 أسير، ثلاثون أسيرا منهم يقبعون بصورة دائمة في مستشفى سجن الرملة.

يعتبر وضع المرضى والجرحى الرازحين في السجون الإسرائيلية من أكثر القضايا إلحاحا في ظل معاناة كبيرة وقاسية يواجهونها، تتمثل في سياسة الإهمال الطبي المتعمد بحقهم وعدم تقديم العلاج المناسب لهم.

لقد اعتقل العديد من الجرحى والمصابين برصاص الاحتلال ضمن حملات الاعتقال الواسعة والمكثفة التي نفذتها وتنفذها سلطات الاحتلال، وكثيراً ما اختطف جرحى من سيارات الإسعاف ومن المستشفيات.

إن العديد من الأسرى المرضى والجرحى بحاجة إلى إجراء عمليات جراحية وعناية صحية مكثفة، وهناك العديد من الأسرى مصابون بأمراض صعبة كالسرطان والقلب وأمراض الرئة والكلى وأمراض العمود الفقري، وهناك حالات عديدة مصابة بأمراض عصبية ونفسية، وعدد كبير من الجرحى مصابون بالشلل ومبتورة أياديهم أو أقدامهم.

أما العلاج الذي يقدم للأسرى المرضى فلا يتعدى الأدوية المسكنة فقط وحبوب الأكامول، ناهيك عن عدم توفر أطباء أخصائيين داخل عيادات السجون، كما أن إدارة السجون تماطل في نقل المرضى إلى المستشفيات، مما يزيد من تفاقم أوضاعهم الصحية، مع العلم أن العديد منهم بحاجة إلى إجراء عمليات جراحية طارئة.


الأسرى المعزولون: يقبع في زنازين وأقسام العزل في السجون الإسرائيلية عدد من الأسرى المعزولين، وهؤلاء الأسرى موزعون على السجون الإسرائيلية التالية: بئر السبع بقسميه ايشل واهالي كيدار، وجلبوع وعسقلان والرملة وشطة وكفار يونا.

ويعتبر العزل من أقسى أنواع العقوبات التي تلجأ إليها إدارة السجون الإسرائيلية ضد الأسرى، حيث يتم احتجاز الأسير بشكل منفرد في زنزانة معتمة وضيقة لفترات طويلة من الزمن لا يسمح له خلالها بالالتقاء بالأسرى.

إن أخطر ما يواجه الأسير المعزول هو عدم وجود سقف زمني محدد لعزله، ولا يقدم الأسير المعزول لأية جهة قضائية تبت في مسألة عزله، إذ يتحكم في مصيره جهاز المخابرات وجهاز الأمن في إدارة السجون أو وزير الأمن الداخلي.

يعيش الأسرى المعزولون في أقسام العزل ظروفاً جهنمية لا تطاق، مسلوبين من أدنى معايير حقوقهم الإنسانية والمعيشية، يتعرضون للضرب والإذلال بشكل يومي، معزولين اجتماعياً عن سائر زملائهم بالسجن وعن العالم الخارجي.

"
قضى بعض الأسرى سنوات طويلة في زنازين انفرادية معزولين عن العالم الخارجي كلياً وخرجوا منها مصابين بأمراض نفسية وعضوية خطيرة
"

ويمكن تشبيه الزنازين التي يعزلون فيها بالقبور، وقضى بعض الأسرى سنوات طويلة في زنازين انفرادية معزولين عن العالم الخارجي كلياً وخرجوا منها مصابين بأمراض نفسية وعضوية خطيرة.

ولا يزال 19 أسيرا وأسيرة يقبعون في العزل الانفرادي بموجب إجراءات خاصة على خلفية طبيعة النشاط النضالي الذي قاموا به في الخارج كعقوبة إضافية للعقوبة التي تفرضها المحاكم العسكرية الإسرائيلية في أطر سياسة انتقامية تهدف إلى تحطيم الأسرى وإذلالهم.

وهؤلاء الأسرى الثماني عشرة موزعين على عدة أقسام عزل وهم: الأسيرة وفاء البس من قطاع غزة، والأسير أحمد سعدات (الأمين العام للجبهة الشعبية وعضو المجلس التشريعي) والأسير ثابت مرداوي والأسير حسن سلامة والأسير أحمد المغربي والأسير عبد الله البرغوثي والأسير محمد جمال النتشة والأسير إبراهيم حامد والأسير معتز حجازي والأسير جمال أبو الهيجا والأسير محمود عيسى والأسير صالح دار موسى والأسير هشام الشرباتي والأسير مهاوش نعمات والأسير عطوة العمور والأسير أياد أبو حسنة والأسير مهند شريم ووالأسير عاهد غلمة.

وقال فارس إن جمعية نادي الأسير منذ تأسيسها في العام 1993، دأبت على متابعة أوضاع المعتقلين منذ لحظة اعتقالهم على يد الجيش الإسرائيلي إلى توفير الخدمة القانونية لهم من خلال تمثيلهم أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وزيارتهم داخل السجون ومراكز التوقيف والتحقيق التي يقبعون بها. وذلك من خلال محامي المؤسسة البالغ عددهم 31 محامياً ومحامية وفروع المؤسسة البالغ ومستمر.

وقد قامت خلال عام 2009، ومع نهاية الربع الأول من العام 2010م بمتابعة مئات الملفات لأسرى سياسيين داخل السجون وأمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، وتمت خلال عام 2009 زيارة أكثر من ألفي أسير وإنهاء مئات الملفات أمام المحاكم، وتم الترافع عن ما يقرب من 300 جلسة إداري، بالإضافة إلى متابعة حوالي مائتي حالة مرضية من خلال الزيارات والتنسيق مع مؤسسات حقوق إنسان أخرى للمطالبة بتوفير العلاج الطبي.

وبين أن النادي سجل الكثير من الانتهاكات بحق الحركة الأسيرة كان من أهمها:

أولا: الاعتداء على الأسرى منذ لحظة اعتقالهم وأثناء خضوعهم للاستجواب والتحقيق
تشير التقارير التي خرجت من السجون الإسرائيلية والشهادات التي يدلي بها الأسرى للمحامين أثناء متابعتهم للأسرى في التحقيق ومراكز التوقيف أن ما نسبته 70% من مجمل المعتقلين تعرضوا للتعذيب القاسي والإساءة من قبل المحققين والجيش الإسرائيلي، مع العلم أن معظم حالات الاعتقال خلال العام المنصرم كانت نتيجة للمشاركة في الفعاليات الشعبية والجماهيرية المناهضة لبناء جدار الفصل العنصري والتوسع الاستيطاني ومصادرة الأراضي، وأيضا على خلفية مقاومة عمليات إخلاء وهدم منازل المواطنين في القدس المحتلة.

ولم تميز إسرائيل في عمليات الاعتقال العشوائية بين كبير وصغير، أو بين رجل دين أو قائد سياسي، أو امرأة وشابة.

وبالرغم من أن الشعب الفلسطيني اتجه في العامين المنصرمين إلى أسلوب المقاومة الشعبية، فإن ذلك لم يشفع للمواطنين الذين اعتقلوا على خلفية هذه الاحتجاجات من تعرضهم للتعذيب والإساءة.

وقد قدم العديد من هؤلاء الأسرى شهادات حية عن التعذيب الذي تعرضوا له، واشتمل على الضرب والاعتداء بشكل وحشي وهمجي عليهم أثناء اعتقالهم وقبل نقلهم إلى مراكز التحقيق والتوقيف، بالإضافة إلى إجبارهم على خلع ملابسهم وتركهم لساعات طويلة في البرد القارص أو تحت أشعة الشمس الحارقة وتركهم مكبلي الأيدي والأرجل وحرمانهم من استعمال المراحيض، وهذا يدل على مدى استهتار جيش الاحتلال بكرامة الأسرى وإنسانيتهم.

كما جاء في شهادات الأسرى أنهم تعرضوا لتحقيق قاس في أقبية التحقيق ومراكز التوقيف المنتشرة في إسرائيل، حيث أدلوا بشهادات عن أنواع التعذيب الذي تعرضوا له والذي اشتمل على الحرمان من النوم لمدة تزيد عن الأسبوع، والشبح المتواصل والحرمان من لقاء المحامي والشبح على الكرسي ووضع الكيس المتعفن على الرأس والتهديد بالقتل وهدم المنزل ومعاقبة العائلة باعتقال الزوجة والأم في محاولة لإجبار الأسرى على الاعتراف، إضافة إلى العزل في زنازين انفرادية لمدة طويلة وصلت في بعض الأحيان إلى أكثر من شهرين.

وكل ذلك كان يصاحبه اعتداء بالضرب المبرح على جميع أنحاء الجسم، والحرمان من العلاج الطبي إذا كان الأسير مريضاً أو مصاباً بالرصاص الحي.

وقد تعرضت الفتيات والنساء الأسيرات لنفس الأسلوب في التحقيق، وكانت شهادات الأسيرات مليئة بالمعاناة والألم، وخصوصاً الأسيرات اللواتي اعتقلن وهن حوامل وتعرضن لضغط شديد في التحقيق وهددن بالإجهاض، ومنعن من زيارة طبيبة نسائية أثناء وجودهن في التحقيق وحرمن من الأكل الخاص بالنساء الحوامل.

وكذلك الأسرى الأطفال تعرضوا لانتهاكات فظيعة، وكانت شهاداتهم عن ظروف التحقيق معهم مليئة بعذابات الزنازين، وقد تم تهديد بعضهم بالاعتداء الجنسي وحرموا من النوم وتعرضوا للشتائم البذيئة والصراخ العالي من قبل المحققين وجنود الاحتلال، وأجبروا على التوقيع على إفادات مكتوبة باللغة العبرية لا يعرفون محتواها.

ثانياً: الاعتداء على الأسرى داخل السجون وفرض عقوبات قاسية بحقهم
تصاعدت خلال الأشهر الماضية عمليات العنف تجاه المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، حيث جرى الاعتداء على المعتقلين باستخدام قنابل الغاز والقنابل الصوتية والحارقة، إضافة إلى استخدام الهراوات والعصي رداً على احتجاجات الأسرى لتحسين شروط حياتهم الإنسانية أو تحت مبررات وذرائع ما يسمى أمنية، ونتيجة هذه الاعتداءات أصيب العشرات من الأسرى بجروح ورضوض واختناق إضافة إلى حرق خيامهم وحاجياتهم الشخصية.

وغالباً ما تقوم وحدة خاصة من الشرطة العسكرية الإسرائيلية تسمى (وحدة نحشون) المسلحة بالدروع والكمامات ومدافع الغاز والعصي ووسائل القمع بعمليات القمع هذه، وتشهد حاليا السجون الإسرائيلية حالة من الغليان بعد إن أقرت الحركة الأسيرة سلسله من الخطوات الاحتجاجية على ما تقوم به إدارة مصلحة السجون، كان أولها البدء بإضراب عن الطعام في يوم 7/4، يليه يوما 17 و27/4/2010م.

ثالثا: تركيب ألواح زجاجية عازلة في غرف الزيارات
شرعت مصلحة السجون خلال السنوات الأخيرة بتركيب ألواح زجاجية عازلة في غرف زيارات المعتقلين إضافة إلى الشبك المعدني، وتم تركيب أجهزة هاتف ليجري الحديث بين الأسير وذويه عبرها.

هذا الإجراء يحول دون توفير زيارة إنسانية سليمة بين الأسير وعائلته، حيث لا يظهر المتزاورون عبر الشبك بوضوح ولا يتسنى للأسير رؤية أطفاله أو حتى مصافحتهم، وإن كان عبر أصابع اليد سابقاً من خلال ثقوب الشبك.

رابعا: سياسة التفتيش العاري للأسرى وذويهم
يتمثل ذلك في سياسة التفتيش الجسدي وإجبار المعتقلين على التعري بحجة أسباب أمنية، إضافة إلى إجبار المعتقلين على خلع كافة ملابسهم لإجراء التفتيش أثناء عودتهم من المحكمة أو قدومهم من سجن آخر، والأسير الذي يرفض ذلك يتم الاعتداء عليه بالضرب وزجه في زنازين انفرادية.

كما أن هذه السياسة تطبق على أهالي الأسرى أثناء الزيارة، إذ تقوم مصلحة السجون بإجبار أهالي الأسرى على التفتيش المهين أثناء ذهابهم لزيارة أبنائهم الأسرى.

خامسا: اقتحام غرف المعتقلين بشكل استفزازي
تصاعدت سياسة التفتيش الاستفزازي لغرف المعتقلين ليل نهار بشكل ملحوظ من خلال اقتحام غرف الأسرى حتى في ساعات متأخرة من الليل بحجة إجراء تفتيش فيها، وقيام القوات التي تقتحم غرف الأسرى بالعبث بأغراض الأسرى الشخصية وقلبها فوق بعضها البعض… وهي سياسة تستهدف إرهاق المعتقلين والضغط عليهم عصبياً ونفسياً وحرمانهم من الاستقرار والراحة حتى أثناء نومهم.

سادسا: تقليص المواد الأساسية
بدأت إدارة السجون خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية بتقليص المواد الأساسية المقدمة للأسرى إلى أكثر من النصف وجاء ذلك على إثر سياسة التخفيض والتقليص التي أقرتها إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية، وشملت تقليص الملابس والمواد الغذائية وشفرات الحلاقة والصابون، والدخان ومعجون الأسنان وكذلك شملت تقليص مواد التنظيف.

ونتيجة لذلك فتحت إدارة السجون المجال أمام الأسرى لشراء احتياجاتهم وأغراضهم من كانتين السجن على حسابهم الشخصي وبأسعار مضاعفة واستغلالية. وبالتالي فإدارة السجون استخدمت الأسرى كقوة شرائية إجبارية.

ومن خلال هذه الإجراءات لبيع المنتجات الإسرائيلية المختلفة للأسير وبالتالي فإن الأسير يصرف على نفسه ولا تتحمل إدارة السجون تكاليف اعتقال الآلاف من الأسرى اقتصاديا.

"
إحياء الشعب الفلسطيني ليوم الأسير كيوم وطني وشعبي يؤكد على أهمية قضية الأسرى التي تعتبر المحك العملي لأي سلام عادل وشامل على هذه الأرض
"

سابعا: فرض الغرامات المالية على الأسرى
شرعت إدارة السجون بتطبيق سياسة جديدة على المعتقلين الفلسطينيين وتزايدت بشكل ملحوظ خلال سنوات الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وتتمثل هذه السياسة بعقاب الأسير الفلسطيني بدفع غرامات مالية مصحوبة بسلسلة أخرى من العقوبات والإجراءات القمعية، وذلك لأتفه الأسباب وبدون مبررات قانونية وإنسانية.

تتراوح الغرامات العقابية على الأسرى بين 300-800 شيكل يتم خصمها من حساب الأسير الشخصي، يرافق ذلك عقوبات أخرى مثل الحبس في زنزانة انفرادية والحرمان من زيارة الأهل والحرمان من التعليم الجامعي وعدم السماح بالخروج إلى ساحة النزهة وغير ذلك.

وذكر قدروة أن الأسرى يعانون داخل السجون من شروط حياة قاسية حيث تفتقد أماكن الاحتجاز التي يعيشون فيها أبسط مقومات الحياة الإنسانية، متمثلة في الازدحام والاكتظاظ الشديدين، واضطرار الأسرى للنوم على الأرض، وعدم وجود أغطية كافية وتعرضهم للبرد الشديد أو الحر الشديد.

إضافة إلى قلة مواد التنظيف وعدم وجود الماء الساخن في بعض المعسكرات ومراكز الاعتقال وانتشار الأمراض الجلدية على أجسام المعتقلين إضافة إلى انتشار الحشرات والجرذان داخل السجون وانكشاف مرافق الصرف الصحي، ويشتكي الأسرى خاصة في معسكرات الاعتقال مثل حوارة وقدوميم وسالم وبنيامين وعتصيون من النظام الذي لا يسمح من خلاله لهم باستعمال المراحيض سوى مرتين أو ثلاثة يومياً مما يضطرهم لقضاء حاجاتهم في براميل أو زجاجات داخل الغرف.

ثامنا: النظام القضائي العسكري الإسرائيلي
إن سياسة القضاء العسكري الإسرائيلي لا ترجع لأسس قضائية أو معايير قانونية، إذ تطبق إسرائيل في محاكماتها للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين أحكام قانون الطوارئ البريطاني للعام 1945.

كما أن تعليمات الشاباك الإسرائيلي هي التي تتحكم في مصير المعتقلين، وأغلبية الأسرى تفرض عليهم غرامات مالية عالية، إضافة إلى الحكم بالسجن الفعلي ووقف التنفيذ.

وتكاد لا تخلو جلسة محكمة عسكرية تصدر أحكاما على الأسرى من غرامة مالية باهظة لتتحمل عائلة الأسير تسديدها، وفي حال عدم دفعها فإنها تستبدل بالسجن، مما يضيف أعباء اقتصادية كبيرة على ذوي المعتقلين الذين يضطرون لدفع هذه الغرامات، وبعضهم يلجأ إلى استدانة المبلغ وبعض الأسرى لا يستطيع ذووه دفع الغرامة المالية مما يعني أنه سيقضي مدة إضافية في السجن، وباختصار فإن المحاكم العسكرية تمثل اليد الطولى لجيش الاحتلال في قمع الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية.

المصدر : الجزيرة