السيول تفاقم معاناة غزة

الحاج نبيل القيشاوي يبكي على ما لحق بمنزله من دمار - السيول تفاقم معاناة غزة وتهدد جسورها - أحمد فياض-غزة

 نبيل القيشاوي يبكي على ما لحق بمنزله من دمار(الجزيرة نت)


أحمد فياض-غزة

للمعاناة وجوه كثيرة في قطاع غزة، تتعدد بتعدد الأضرار والخسائر، لكن المتسبب يبقى واحدا على الدوام.. إنه الاحتلال الإسرائيلي الذي تسبب في تشريد مئات الفلسطينيين وإلحاق الخسائر الفادحة بالممتلكات التي غرقت في دقائق معدودة، لتتحول أحلام الأبرياء إلى كابوس قض مضاجعهم قبل أن يخلدوا إلى النوم في ليل شديد البرودة.

 

الحاج نبيل القيشاوي (61 عاما) لم يستطع حبس دموعه وهو يشير بيده إلى معالم الدمار التي لحقت بمنزله جراء السيول الجارفة التي اجتاحت منطقة المغراقة جنوب مدينة غزة، بعدما فتحت إسرائيل سدا مؤديا إلى وادي غزة، لتندفع المياه في الوادي الذي فاض على الجانبين مخلفا مأساة جديدة.

 

وذكر القيشاوي للجزيرة نت أن قوة اندفاع المياه حرمته من نقل أي من ممتلكات منزله الذي يقطنه 19 فردا، ليخرج مسرعا بأبنائه وأحفاده تاركا خلفه كل ما يملك. وقال "فقدنا كل شيء في المنزل.. الأثاث والأغطية والألبسة وأدوات المطبخ، وحتى كراسات التلاميذ لم نستطيع إنقاذها".

 

صورة أكثر مأساوية تنقلها نورة العماوي ( 45 عاما) التي اجتثث المياه الهادرة منزلها البسيط المكون من بعض حجرات الصفيح وجريد النخيل ومعه عشرات رؤوس الماعز والدجاج التي تقتات هي وأفراد عائلتها العشرة من ريعها، وقذفت بها إلى الأمواج المتلاطمة في البحر المتوسط.

 

وقالت للجزيرة نت وهي في حالة ذهول "لم يبق لي من المنزل أي شيء أستر به نفسي، ولا أستطيع حتى الاقتراب من المكان مثل غيري، لأن المياه لم تبق منه أي أثر ولا يمكنني تحديد موقعه".

 

مياه سد وادي غزة داخل أراضي 48أغرق قرية المغراقة في القطاع (الجزيرة نت)
مياه سد وادي غزة داخل أراضي 48أغرق قرية المغراقة في القطاع (الجزيرة نت)

مهر العروس

لكن أكثر ما أحزن العماوي هو فقدانها مهر ابنتها العروس قبل أن تجهزها لعريسها الذي سيعقد قرانها في وقت قريب.

 

وللمرة الثانية في أقل من عشر سنوات يتسبب الاحتلال في إغراق منازل وأراضي وممتلكات السكان المدنيين في قطاع غزة بحسب مركز الميزان لحقوق الإنسان بغزة الذي أكد في بيان له أن قوات الاحتلال تعمدت فتح سد وادي غزة (الواقع داخل أراضي عام 1948) دون تحذير السكان والسلطات المختصة رغم علمها المسبق بالآثار الكارثية التي ستنجم عن اندفاع المياه المفاجئ بكميات كبيرة.

 

من جانبه توقع يوسف أبو هويشل رئيس بلدية المغراقة الأكثر تضرراً جراء الفيضان تكرار ما حدث في فترة لاحقة، بالنظر إلى استمرار موجة الأمطار الحالية وعدم إيلاء الاحتلال الإسرائيلي أي أهمية لحياة الفلسطينيين، لافتاً إلى أن الجهات المعنية تبذل قصارى جهدها لتفادي حدوث خسائر بشرية أو مادية.

 

وقال للجزيرة نت إن هناك العديد من الوزارات والمؤسسات الأهلية التي تستعد لتقديم كافة احتياجات الأسر المشردة خلال الساعات القليلة القادمة.

 

وقدر أبو هويشل تعرض 50 منزلا للتدمير جراء السيول الجارفة، إضافة إلى الخسائر في الممتلكات ومئات رؤوس الماشية ومزارع الدجاج والأراضي الزراعية وغيرها.

 

عائلة في المغراقة تبحث بين الأوحالعن ما تبقى لها (الجزيرة نت)
عائلة في المغراقة تبحث بين الأوحالعن ما تبقى لها (الجزيرة نت)

أساسات الجسور

 من جانبه حذر وزير الأشغال العامة في الحكومة الفلسطينية المقالة يوسف المنسي من تضرر أساسات الجسور التي تمر من أسفلها المياه في وادي غزة، خصوصاً إذا استمر تدفق المياه بقوته الحالية وتسبب ذلك في قطع الطريق الرئيسي بين جنوب قطاع غزة وشماله في فترات لاحقة.

 

وحمل المنسي في حديثه للجزيرة نت الاحتلال الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عما حدث، نتيجة تحكمه في السدود المؤدية إلى قطاع غزة، مؤكداً أنه كان على الاحتلال تحذير الفلسطينيين من ارتفاع معدلات المياه قبل تدفقها بوقت كاف.

 

ولم يستبعد الوزير الفلسطيني إقدام قوات الاحتلال على تكرار هذه المأساة في وادي غزة أو غيره من الأودية التي تتدفق من داخل إسرائيل، معتبراً هذه المعاناة صورة أخرى من صور الحرب الإسرائيلية على غزة بهدف إذلال الفلسطينيين ومفاقمة معاناتهم.

المصدر : الجزيرة