دعوة لإقامة نظام لا طائفي بلبنان

معن بشور مشاركا في رحلة سفينة كسر الحصار عن غزة

الروابط الشعبية اللبنانية شاركت في محاولات كسر الحصار عن غزة (الجزيرة نت)

نقولا طعمة-بيروت

ابتعاد زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي, وليد جنبلاط, عن قوى الرابع عشر من آذار دغدغ أحلام كثيرين في احتمال إعادة تشكيل "الحركة الوطنية اللبنانية".

والحركة جبهة تكونت عام 1969 من عدة قوى قومية ويسارية وعدد من الأحزاب منها: التقدمي الاشتراكي والشيوعي اللبناني ومنظمة العمل الشيوعي والسوري القومي الاجتماعي والبعث العربي الاشتراكي بشقيه المواليين لكل من سوريا والعراق وحركة الناصريين المستقلين وحركة أمل والتنظيم الشعبي الناصري وتنظيمات صغيرة أخرى.

وتبنت الحركة, التي تزعمها عند تشكلها كمال جنبلاط, برنامجا إصلاحيا في سنة 1973.

تحالفت الحركة في بداية الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 مع منظمة التحرير الفلسطينية في مواجهة الجبهة اللبنانية اليمينية ذات الأغلبية المسيحية، ثم انقسمت على خلفية الصراع بين سوريا ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1976. إلى أن تراجع دورها نهائيا بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982.

ضرورة صعبة

"
لا بد من مساحة لإطار وطني وقومي جامع، خارج الاصطفاف الطائفي والمذهبي الحاد الذي تعيشه البلاد
"
معن بشور

وتحدّث عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي اللبناني سعد الله مزرعاني للجزيرة نت عن احتمال تشكل حركة جديدة شبيهة بالحركة الوطنية، بقوله "هناك حاجة لإطار جبهوي يستمد شرعيته من موقع ثالث منافس للفريقين المسيطرين، ويطرح غير ما هو مطروح من الفريقين اللذين أثبتت تجربتهما أنهما لا يلبيان حاجات أساسية للبنان الوطن والشعب والدولة والمؤسسات بسبب تمسكهما بالنظام القائم على علاقات لبنان الخارجية، أي استدراج التدخل الخارجي، أو الاستقواء به".

وقال "لبنان بحاجة لإصلاح جذري بتغيير النظام الطائفي لصالح مشروع يعالج أزمات لبنان المتفاقمة".

البير منصور وزير سابق، تولى أمانة صندوق الحركة الوطنية، وساهم في وضع اتفاق الطائف، قال للجزيرة نت إن الظروف التي نشأت فيها الحركة الوطنية لم تعد موجودة، "ونحن بصدد العمل على إنشاء تجمع للقوى الوطنية غير الطائفية لإخراج الساحة الوطنية من التمحور المذهبي والطائفي الذي تغرق البلاد فيه، ولإخراج الساحة الوطنية من المشروع الإسرائيلي-الأميركي، الذي قوامه تحويل دول المنطقة إلى اتحادات بلديات على غرار ما فعلوا بالعراق".

وأشار إلى اتصالات جرت مع العديد من القوى والشخصيات لوضع رؤية وطنية عروبية مستقبلية يتم على أساسها نوع من لقاء واسع.

المنسق العام للجان والروابط الشعبية –وهي حركة متوازية مع الحركة الوطنية- معن بشور اعتبر أن البحث في هذا الموضوع ما زال سابقا لأوانه، خاصة أن ظروفا كثيرة قد تبدلت منذ العام 1982 وحتى اليوم، "لكنني أعتقد أنه لا بد من مساحة لإطار وطني وقومي جامع، خارج الاصطفاف الطائفي والمذهبي الحاد الذي تعيشه البلاد دون أن يعني ذلك أن هذا الإطار هو متناقض مع المكونات الحالية للمشهد السياسي اللبناني".

ألبير منصور (الجزيرة نت)
ألبير منصور (الجزيرة نت)

تأثير الموقف الجنبلاطي
تنظر غالبية القوى والشخصيات إلى الوزير وليد جنبلاط على أنه ذهب بعيدا جدا في مشاريع سلطوية لم يعد قادرا معها على لعب دور في تشكيل إطار جديد، لكنها ترى أن موقفه يساعد موضوعيا نظرا للدور التاريخي للحزب التقدمي الاشتراكي والشعارات التي رفعها لعقود.

يعتقد مزرعاني أن "موقف جنبلاط مساعد، ولكن ليس كما يظن البعض بأن هنالك احتمالا لإنشاء حركة وطنية كأن يشغل موقعا كالذي شغله والده، هذا أمر لا يريده أصلا".

واستدرك بقوله إن خطوة وليد جنبلاط تساعد، لأن الحزب التقدمي الاشتراكي وتراث كمال جنبلاط المستمر في الحزب كان عاملا ضاغطا على إنشاء هذا المشروع.

ويرى منصور أن "مواقف جنبلاط بالنسبة لهذا المسعى لا تقدم ولا تؤخر، وإنما قد يستنتج منها عبرة عن سقوط الرهانات على الدعم الخارجي، ويخفف من الأوهام المركبة على المشروع الأميركي والصهيوني الذي يتقدم في المنطقة".

بشور استنتج أن "الأستاذ وليد جنبلاط لن يسعى حاليا إلى إطلاق هذه الصيغة وهو الذي أعلن بنفسه وفاتها، لكنني أعتقد أن مساعي حثيثة كانت قائمة وستبقى لتشكيل إطار من هذا النوع، رغم الصعوبات الناجمة عن التجاذبات الذاتية التي تتحكم بسلوك العديد من القوى والأطراف، أو عن ظروف موضوعية محلية وإقليمية تتحكم بالساحة الحزبية".

المصدر : الجزيرة