الأردن يتجه لإلغاء الإعدام عن جريمة التجسس للعدو

عقوبة الإعدام التي تدعو العفو الدولية إلى إلغائها في بعض الدول

 

محمد النجار-عمان

رغم أن الأردن بدأ منذ عامين تعديل قانون العقوبات لاستبدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد وبشكل تدريجي تطبيقا لالتزاماته الدولية بحظر هذه العقوبة، فإن نقاشا أثير مؤخرا تداخلت فيه اعتبارات حقوق الإنسان بالاعتبارات السياسية عندما كشفت الحكومة عن توجهها لإلغاء عقوبة الإعدام عن جريمة التجسس لصالح العدو.

وقدمت لجنة حكومية برئاسة وزير العدل أيمن عودة مؤخرا تعديلات تضمنت استبدال عقوبة الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة على ست من الجرائم المتعلقة بأمن الدولة من بينها "دس الدسائس لدى العدو مما يؤدي لفوز قواته على الدولة" وتجنيد جنود لدولة أجنبية عدوة، وغيرها من الجرائم.

ورغم أن سياق التعديلات جاء في إطار جهود حكومية لإصلاح واسع على قانون العقوبات تم بموجبه تشديد العقوبات على جرائم كالاغتصاب وبعض أنواع الإيذاء والسرقة، فإن إلغاء العقوبة على جرائم الجاسوسية يثير جدلا في المملكة.

 العرموطي أيد استبدال الإعدام بالسجن المؤبد على كل الجرائم باستثناء القتل العمد والاغتصاب (الجزيرة نت)
 العرموطي أيد استبدال الإعدام بالسجن المؤبد على كل الجرائم باستثناء القتل العمد والاغتصاب (الجزيرة نت)

ويؤكد نقيب المحامين السابق والخبير القانوني صالح العرموطي أنه يؤيد استبدال عقوبة الإعدام بالسجن المؤبد على كافة الجرائم باستثناء القتل العمد والاغتصاب.

وتابع العرموطي للجزيرة نت أن "الشريعة الإسلامية وضعت عقوبة الإعدام على الحدود وهي القتل والاغتصاب"، مشيرا إلى أن الدول العربية تتشدد في العقوبات ذات الصبغة السياسية وتتساهل في العقوبات التي تدمر المجتمع.

ويؤيد العرموطي إلغاء عقوبة الإعدام عن المدان بالجاسوسية في حال كان مدنيا، في حين يؤيد الإبقاء على الإعدام إذا كان المدان عسكريا وسرب أسرارا للعدو تلحق الضرر بالدولة.

ويلفت إلى أن بعض التهم بالجاسوسية "ظهر أنها كيدية"، وتابع "كون الذي ينظر في هذه الجرائم محاكم أمن الدولة الاستثنائية فهذا يضعف من الثقة في عدالة قرارات هذه المحاكم التي أدعوا لإلغائها نهائيا".

ويرى العرموطي عدم وجود أي ضرورة لعقوبة الإعدام في الجرائم ذات الصبغة السياسية لأنه "ثبت بالممارسة أن هناك اعتبارات وظروفا لا تتوافق مع معايير العدالة في تطبيقها".

ومن المقرر أن ترفع الحكومة تعديلات قانون العقوبات لمجلس النواب الذي سينظر في التعديلات ثم يحيلها لمجلس الأعيان وفي حال إقرارها ستكون سارية بعد موافقة عاهل الأردن عليها، كما تنص أحكام الدستور الأردني.


 أبو يامين رأى أن توقيت إلغاء الإعدام غير مناسب (الجزيرة نت)
 أبو يامين رأى أن توقيت إلغاء الإعدام غير مناسب (الجزيرة نت)

سوء التوقيت
ويذهب رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب مبارك أبو يامين إلى تأييد توجهات الحكومة لاستبدال عقوبة الإعدام بالسجن مدى الحياة.

وقال للجزيرة نت إن المشكلة ليس في التعديلات على عقوبة الجاسوسية للعدو وإنما في "التوقيت السيئ الذي تطرح فيه الحكومة هذه التعديلات".

وزاد "اليوم نمر بظروف سياسية تشهد تزايد العدوان من عدونا وتراجع لعملية السلام وتزايد المخاطر علينا، وطرح الحكومة للتعديلات على عقوبة الجاسوسية أمر ليس مقبولا لدى الكثير من أبناء شعبنا".

ولفت إلى أن القانون سيكون ملكا لمجلس النواب بعد إحالته إليه، وأن البرلمان سينظر في كافة موجبات ومحاذير التعديلات التي يتداخل فيها القانوني بالسياسي.

وينشط في الأردن تحالف من منظمات لحقوق الإنسان يدعو لإلغاء عقوبة الإعدام تطبيقا لاتفاقية دولية وقعت عليها الحكومة الأردنية تدعو لحظر عقوبة الإعدام.

ورغم تأييدها إعادة النظر ببعض العقوبات لصالح التشدد أو التخفيف، فإن المعارضة الإسلامية لا تجد أي مبرر لتخفيف عقوبة التجسس لصالح العدو.


 منصور اعتبر أن إلغاء الإعدام يضر الوطن ويمكن العدو من تحقيق أهدافه (الجزيرة نت)
 منصور اعتبر أن إلغاء الإعدام يضر الوطن ويمكن العدو من تحقيق أهدافه (الجزيرة نت)

رفض التساهل
ويرى رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي في مجلس النواب حمزة منصور أن إلغاء عقوبة الإعدام عن جريمة التجسس "التي تشكل خيانة عظمى وجريمة كبرى تضر الوطن وتمكن العدو من تحقيق أهدافه في إضعافه، وهذا أمر خطير"، وقال "لا يجوز التساهل مع الذي يبيع دينه ووطنه".

لكن منصور حذر من التطبيق الخاطئ للعقوبة، موضحا أن التجسس المقصود في القانون هو "التجسس للعدو الحقيقي وهو العدو الصهيوني والإدارة الأميركية"، محذرا من التساهل مع الجواسيس لصالح هذين العدوين، على حد وصفه.

ورغم تأكيد الحكومة أن المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام تحكمها اعتبارات قانونية وحقوقية، لا تخفي أوساط سياسية اعتبارها أن بعض الجرائم لا يمكن تعديلها لوجود حساسيات وطنية وسياسية خلف اعتباراتها القانونية والحقوقية.

المصدر : الجزيرة