خلاف محتدم بين حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي بالمغرب

الجزيرة / عباس الفاسي

قرار عباس الفاسي اقتطاع أجور المشاركين في الإضرابات أشعل الخلاف مع الاشتراكي (الجزيرة نت)

الحسن سرات-الرباط

اشتد الخلاف بين حزب الاستقلال الذي يقود أمينه العام عباس الفاسي الحكومة الحالية بالمغرب، وحزب الاتحاد الاشتراكي المشارك في الحكومة نفسها، وبلغ الخلاف أوجه عندما هاجم الفاسي في مقابلة صحفية منشورة الاتحاد الاشتراكي لمطالبته بإصلاحات دستورية جديدة. فما لبث أن رد الاشتراكي ببيان شديد اللهجة انتقد فيه الفاسي، خاصة قراره اقتطاع أجور المشاركين في الإضرابات التي دعت إليها عدة نقابات وقاطعته نقابة حزب الاستقلال.

ويرى محللون سياسيون أن خلافات الحزبين ليست وليدة اليوم، وقد تؤثر على مستقبل التحالف الحكومي الحالي، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات البلدية بالمغرب المقررة في 12 يونيو/حزيران المقبل.


صراع قديم
رشيد مقتدر الباحث في العلوم السياسية بجامعة الرباط أوضح للجزيرة نت أنه "بالعودة إلى مرحلة إرساء تجربة ما كان يسمى بالتناوب التوافقي، برز صراع بين الحزبين حول قيادة هذه التجربة، وكل أدلى بدلوه في هذا المضمار، إلا أن اختيار الملك الراحل لعبد الرحمن اليوسفي حسم الصراع مؤقتا بين الحزبين" وأضاف مقتدر أن "الصراع سرعان ما برز بقوة بعد الاستحقاقات التشريعية لسنة 2002، وأفضى عدم الاتفاق بينهما إلى تعيين إدريس جطو في الوزارة الأولى".

وحسب مقتدر، فالمرجعيتان الأيديولوجيتان للحزبين متناقضتان، فالاستقلال بمرجعية محافظة ويمينية، بينما الاشتراكي يساري تقدمي، وهو ما يفسر كل توتر بينهما. أما التوافق الذي حصل بين الحزبين بمشاركتهما في الحكومات الثلاث الماضية، فحكمته المصلحة والتفاهم حول الغنائم السياسية.

تيارات متنازعة داخل الحزب الاشتراكي حول التعامل مع الوضع السياسي في البلاد (الجزيرة نت)
تيارات متنازعة داخل الحزب الاشتراكي حول التعامل مع الوضع السياسي في البلاد (الجزيرة نت)

هاجس الانتخابات
ومن جهته، أوضح عبد العالي حامي الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة عبد المالك السعدي، أن الخلاف الأخير بدأ مع نهاية آخر مؤتمر عام للاشتراكي وخروجه بوثيقة سياسية قوية طالب فيها بإصلاحات دستورية وملكية برلمانية.

غير أن المحلل السياسي يرى في حديث مع الجزيرة نت أن التوتر الحالي بين الحزبين يعكس من زاوية أخرى توترا بين ثلاثة تيارات داخل الاشتراكي، تيار المشاركة في الحكومة ويجسده عبد الواحد الراضي الأمين العام للحزب ووزير العدل، وتيار المشاركة المشروطة ويجسده إدريس لشكر رئيس الفريق النيابي السابق، وتيار الخروج من الحكومة والعودة للمعارضة وتمثله شبيبة الحزب. وتوقع حامي الدين أن تزداد حدة التوتر الداخلي للاشتراكي ومع حزب الاستقلال أثناء الانتخابات المقبلة وبعد ظهور نتائجها.

ويرى مقتدر، أن الاشتراكي يسعى لتلميع صورته واسترجاع شيء من توهجه الذي فقده بالمشاركة في الحكومات السابقة عشية الانتخابات المقبلة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات البلدية بدأت بعض ملامح التحالفات تظهر في السطح، فغداة ظهور حزب الأصالة والمعاصرة الذي أنشأه فؤاد عالي الهمة وزير الداخلية السابق وصديق الملك، سارع الاشتراكي إلى التحذير مما سماه "الوافد الجديد" وخطورته على الديمقراطية. وبعد استجابة عدة أحزاب تحسب على اليمين لنداء التحالف الواسع الذي أطلقه الحزب الجديد، بدأ الاشتراكي يناقش فكرة التحالف مع حزب العدالة والتنمية.

ويتوقع حامي الدين ثلاثة سيناريوهات مقبلة لموقف الاشتراكي من الحكومة الحالية، فإما أن يتراجع عن مطالبه الدستورية ويندمج في السلطة، وهذا أمر مستبعد لتأثيره السلبي على صورة الحزب وفقدان المصداقية لدى الرأي العام، أو يضغط نحو مزيد من الحقائب الوزارية في حالة حصوله على نتائج جيدة في الانتخابات. أما السيناريو الثالث فهو الخروج من الحكومة والعودة للمعارضة، وهذا معناه خروج الأعيان الذين ترشحوا باسم الحزب وستكون كلفته غالية جدا.

المصدر : الجزيرة