العلاقات العربية الروسية شراكة مطلوبة لكن بحسابات مختلفة

المشاركون في الجلسة الثالثة - ملتقى العلاقات العربية الروسية بالدوحة
المشاركون اعتبروا أن الشراكة العربية الروسية مطلوبة لكن بحسابات مختلفة (الجزيرة نت)

عدي جوني -الدوحة

 
وضعت الجلسة الثالثة من ملتقى العلاقات العربية الروسية -الذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات- إطارا عاما من المنظور الأمني والإستراتيجي اعتبر المشاركون فيه أن الشراكة مطلوبة لكن بحسابات مختلفة نظرا لاختلاف الهموم والمصالح في عالم سريع التبدل والمعطيات يتطلب من الجميع معرفة الهدف قبل تحديد الآليات.
 
أدار الجلسة المذيع في قناة الجزيرة جميل عازر الذي قدم النقاش بالإشارة إلى جملة عوامل رئيسية أهمها أطر التعاون المطلوبة لتحقيق الأهداف في منظومة إستراتيجية دولية متغيرة تقوم أصلا على اختلال التوازن مما يستدعي قراءة دقيقة تفضي إلى وضع الآليات بما يخدم مصلحة الطرفين.
 
ابتدأ النقاش نائب رئيس مجلس الأعمال الروسي العربي فاسيلاف لوتسينكو الذي تحدث عن الإطار التاريخي للعلاقات الاقتصادية العربية الروسية التي حكمتها في الحقبة السوفياتية طبيعة الأنظمة السياسية التي كانت ترى في الاتحاد السوفياتي السابق منظومة تقليدية تعتمد مقايضة السلاح والتكنولوجيا بالمواد الخام أو الإنتاج الزراعي.

أما في عهد روسيا الاتحادية فقد اختلف الوضع -يقول لوتسينكو- وشهدت هذه العلاقات تراجعا كبيرا لتغير النظام الاقتصادي في روسيا إلى اقتصاد السوق المفتوح مما حيد العامل الأيديولوجي من المعادلة الجديدة وفرض قوانين السوق بكافة تفاصيلها.

 

التعاون العسكري

قسطنطين سيفكوف (أقصى اليسار )أثناء إلقاء مداخلته في الجلسة الثالثة (الجزيرة نت)
قسطنطين سيفكوف (أقصى اليسار )أثناء إلقاء مداخلته في الجلسة الثالثة (الجزيرة نت)

وبما أن السياسة والاقتصاد يرتكزان بشكل أساسي على مفهوم الأمن، تحدث نائب رئيس المركز الروسي  للدراسات الجيو إستراتيجية  قسطنطين سيفكوف -وهو عسكري سابق-عن التعاون العسكري بين روسيا والعالم العربي في إطار العلاقة التاريخية التي حكمتها قوانين الحرب الباردة خلال الحقبة السوفياتية والتي لعب العامل الأيديولوجي فيها دورا مؤثرا.

وركز سيفكوف في مداخلته على أن التعاون العسكري العربي الروسي يبقى مطلوبا لتشابه التهديدات التي يواجهها الطرفان في ظل الهيمنة الأميركية، معترفا بأن الحسابات الإستراتيجية الروسية في هذا الإطار ربما لا تتفق تماما مع الحسابات العربية سواء من حيث أمنها الإقليمي أو في إطار الصراع العربي الإسرائيلي، في إشارة إلى تعدد الاختلافات العربية بهذا الشأن بالدرجة الأولى.

 
التعاون الإستراتيجي
من جهته شدد الكاتب وعضو مجلس الإعلام الوطني اللبناني غالب قنديل على أن المشكلة التي تقف عائقا أساسيا في تطوير التعاون الإستراتيجي بين العرب وروسيا هي تعدد الإستراتيجيات العربية التي تصنف الدول العربية في كيانات ذات أبعاد ومصالح إستراتيجية تكاد تكون متناقضة.

ومع مطالبته بتأسيس شراكة إستراتجية بين العالم العربي وروسيا، نبه قنديل إلى وجود عاملين يؤثران في طبيعة هذه العلاقة بل ويوجهانها إلى صيغة أكثر عقلانية تتجاوز بكثير الأحلام والأمنيات.

وأول هذين العاملين طبيعة المصالح الروسية وتقدير الرد الأميركي ومدى قدرة روسيا على التعامل مع هذا الرد وإمكاناتها في تعطيل مفاعيله، مستشهدا على ذلك بخطوات تعزيز التعاون العسكري السوري الروسي التي جاءت -بحسب قراءته- على خلفية انكشاف الدور الإسرائيلي في الحرب الجورجية الروسية والدور الإسرائيلي المتماهي في محاولات الغرب لتحييد روسيا عن التحكم في مصادر الطاقة.

أما العامل الثاني فيتصل -وفقا لقنديل- بتطور حركة الصراع في المنطقة وطبيعة التحولات في الموقف السياسي الروسي وتوظيفها لصالح أمن المنطقة دون دفع روسيا لتسديد تكاليف سياسية مجانية.

الأمن الإقليمي

 عرفات (يمين) اشترط توفر الندية لقيام شراكة إستراتيجية روسية عربية (الجزيرة نت)
 عرفات (يمين) اشترط توفر الندية لقيام شراكة إستراتيجية روسية عربية (الجزيرة نت)

من جانبه شدد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قطر الدكتور إبراهيم عرفات على ضرورة توفر شرط الندية والتكافؤ لقيام شراكة إستراتيجية روسية عربية يمكن توظيفها في تحقيق الأمن الإقليمي تعبر عن حاجة كل من الطرفين للآخر، مع ضرورة تحرير العلاقات المستقبلة "من الطبيعة العاطفية التي هيمنت عليها خلال الحقبة السوفياتية" والابتعاد عن "الرغبات والتمنيات بقراءة الظروف المحيطة قراءة عقلانية.

واعتبر الدكتور عرفات أن الشراكة الروسية العربية الإستراتيجية تستطيع أن تبنى آلياتها على ثلاثة مواضيع رئيسية أولها التعددية الدولية لكنه طالب بالتمييز بين الطموح الروسي لإنشاء نظام عالمي متعدد الأقطاب كي تكون روسيا قطبا فيه وليست مجرد دولة تسعى للتعددية للهروب من هيمنة القطب الواحد.

أما العامل الثاني فهو التعاطي مع أنماط وأشكال الفكر الراديكالي مع إشارته إلى أن الحرب الشيشانية خلفت رواسب كثيرة في الذاكرة العربية والإسلامية وعلى نحو ربما لا يجعل هذا المطلب يسير المنال.
 
أما العامل الثالث والأخير فيتصل بالتسوية السلمية في الشرق الأوسط، وأكد أن مؤتمر موسكو المقبل للسلام يعتبر أمرا هاما وضروريا مع التنويه إلى أن روسيا قد تكون مرشحة للحلول محل تركيا في تنشيط المسار السوري الإسرائيلي.

المصدر : الجزيرة