الدواء المزور ظاهرة مقلقة بموريتانيا

من مؤتمر الصيادلة.
 مؤتمر الصيادلة ألقى باللائمة على رجال الأعمال في استفحال ظاهرة الأدوية المغشوشة

أمين محمد-نواكشوط

 
صادق البرلمان الموريتاني على قانون جديد ينظم قطاع الصيدلة في البلاد في وقت تزداد فيه المخاوف لدى الأوساط الصحية من انتشار الأدوية المزورة والمنتهية الصلاحية لدرجة قد يفقد معها المواطن الثقة في جهازه الصحي، حيث صار يعتمد بشكل كبير على الخارج في طلب العلاج.

وجاء القانون الجديد وسط استياء بالغ من قبل الصيادلة الموريتانيين الذين اعتبروا أنه يشرّع ويكرّس الفوضى العارمة التي يعيشها القطاع والتي تنعكس بشكل سلبي على صحة وحياة المواطنين.

تقنين الفوضى

"
من بين نحو 400 صيدلية في موريتانيا يملك الصيادلة المتخصصون نحو 10% منها فقط
"

ويقول الصيادلة إن التعديلات التي أدخلها البرلمان على المشروع المقدم من قبل الحكومة أفرغت القانون من محتواه، لأنها نصت بشكل واضح على أن القانون الجديد لن يعمل بأثر رجعي، وهو ما يعني أن الفوضى التي كان يعانيها القطاع ستستمر حتى بعد صدور القانون.

 
وقالت نقيبة الصيادلة الموريتانيين سمية بنت المصطفى للجزيرة نت إن قطاع الصيدلة يعيش وضعا مأساويا، فمن بين نحو 400 صيدلية في موريتانيا يملك الصيادلة المتخصصون نحو 10% فقط، فيما يملك مستثمرون خصوصيون نحو 70% من مجموع الصيدليات في البلد.
 
وترى أن القانون الجديد شرع حالة الفوضى وغياب القانون التي يعيشها القطاع، وهو ما يعني أن المواطن المسكين هو من سيدفع ثمن ذلك من صحته وعافيته جراء ما سيترتب على هذه الفوضى من مضاعفات خطيرة.
 
وبالتوازي مع ذلك تشير الإحصائيات إلى أن الأدوية المزورة أو المغشوشة تغرق السوق الموريتاني، وأنها تمثل ما يزيد على 40% من مجمل المعروض من الأدوية بسوق الأدوية في البلاد.

ظاهرة خطيرة

"
انتشار أمراض العقم والسرطانات وأمراض الكبد الفيروسي في موريتانيا يعود بدرجة أساسية إلى فساد القطاع الصيدلي وانتشار الأدوية المغشوشة في البلد
"

ويعتبر بيع الأدوية المغشوشة ظاهرة معروفة في موريتانيا، حيث تنتشر في الشوارع الرئيسية وتحت الأشجار والبنايات الكبيرة تجارة هذا النوع من الأدوية التي تتميز بالرخص وسهولة الاقتناء.

 
ولا تحتاج مثل هذه الأدوية لوصفات طبية، ومقتنوها غالبا من الطبقات الفقيرة الذين لا تسمح لهم أوضاعهم المادية الصعبة بشراء الأدوية السليمة من مراكزها الأصلية.
 
ويؤكد رئيس شعبة الصيادلة محمد محمود ولد الجيلاني للجزيرة نت أن نحو 10% من الأدوية المتداولة في أسواق العالم مزورة، منها 70% تتجه إلى أفريقيا، بينما تصل النسبة في موريتانيا نحو 40% من جميع الأدوية المعروضة.

ويرى الجيلاني أن انتشار أمراض العقم والسرطانات وأمراض الكبد الفيروسي في موريتانيا يعود بدرجة أساسية إلى فساد القطاع الصيدلي، وانتشار الأدوية المزورة في البلد.

 
وقد أطلقت السلطات الرسمية من جانبها منذ بعض الوقت حملة ضد الأدوية المغشوشة والمزورة، وبحسب مصادر في وزارة الصحة فإن الحملة أسفرت عن مصادرة وإتلاف عشرات الأطنان منها كما أدت أيضا إلى اختفاء بائعي الأدوية المزورة في الشوارع.

غياب التشريعات

"
تلجأ السلطات غالبا إلى توجيه عينات من الأدوية المستوردة إلى مختبرات إما في السنغال أو تونس لفحصها وكشف مستوى الجودة فيها
"

ويؤكد ولد الجيلاني أن الخطوات التي تقوم بها وزارة الصحة الموريتانية من حين لآخر من قبيل مصادرة وإتلاف أطنان من الأدوية أو ملاحقة موردي وبائعي الأدوية المزورة يحد من تأثيرها غياب تشريعات قانونية تعاقب مستوردي هذا النوع من الأدوية.

ويشير في هذا الصدد إلى اعتقال أحد موردي الأدوية المزورة في وقت سابق لكن سرعان ما تم الإفراج عنه بسبب غياب أي قانون يجرم ويعاقب على مثل هذا النوع من الجرائم.

 
ومن جهتها ألقت نقابة الصيادلة خلال مؤتمر صحفي باللائمة في استفحال هذه الظاهرة الخطيرة على بعض رجال الأعمال الذين سهلوا في نظرها تزوير وترويج الأدوية المزورة بتعاملهم معها كما لو كانت بضاعة عادية.

وما يزيد الأمر خطورة وتعقيدا غياب مخابر متطورة لمراقبة الأدوية في موريتانيا، حيث تلجأ السلطات غالبا إلى توجيه عينات من الأدوية المستوردة إلى مختبرات إما في السنغال أو تونس لفحصها وكشف مستوى الجودة فيها، هذا فضلا عن تفشي الرشوة والفساد في الأجهزة الإدارية.

المصدر : الجزيرة