الأمن يحول مدارس باكستان إلى ثكنات

مدرسة في إسلام آباد تبين الأسوار العالية والأسلاك الشائكة والحراسة أمام المدرسة
الداخلية خصصت لكل مدرسة شرطيا واحدا وطالبت المدارس بزيادة إجراءاتها الأمنية

مهيوب خضر-إسلام آباد

 
أعادت معظم مدارس باكستان فتح أبوابها ولكن وسط إجراءات أمنية غير معهودة في الوسط التعليمي، وهي إجراءات كلفت الكثير من المدارس أموالا طائلة لتحقيق الحد الأدنى من الأمان للطلبة وأولياء أمورهم كي تعود الأمور إلى طبيعتها قبل ضياع العام الدراسي الذي هدد مسيرته الغياب وكثرة التعطيل.
 
فعقب الهجوم على الجامعة الإسلامية العالمية في العاصمة إسلام آباد يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فضلت معظم مدارس البلاد الحكومية منها والخاصة وقف الدراسة إلى حين تقييم الوضع الأمني في البلاد حيث انصب الاهتمام على تعزيز الإجراءات الأمنية حسب توصيات مطولة لوزارة الداخلية.
 
مجرد زيارة أي مدرسة هذه الأيام أصبحت معضلة بذاتها، ابتداء بحاجز أمني يصادفك عند بداية الشارع لفحص سيارتك، إلى إجراءات أخرى من التفتيش الشخصي والتأكد من الأوراق الثبوتية وكأنك أمام مدخل لمخفر من الشرطة يتوقع استهدافه في أي وقت، وهو شعور تزيده تعقيدا مشاهد التعزيزات الأمنية من حولك.


"
وزارة الداخلية كانت قد عممت على جميع المدارس تعزيز إجراءاتها الأمنية بنفسها، بينما تقدم هي شرطيا واحدا يقوم بمهمة الحراسة أمام بوابة المدرسة
"

إجراءات مشددة
مديرة مدرسة "سيتي سكول" الخاصة في إسلام آباد آفشة نثار تقول إنه وفي ظل الأجواء الأمنية المتردية لم يكن لديهم خيار سوى التضحية بـ50% من أرباح هذا العام لصالح تعزيز الإجراءات الأمنية.

 
وأضافت في حديثها مع الجزيرة نت أن مدرستها عينت أربعة حراس جدد وشيدت جدرانا إضافية مع إحاطتها بأسلاك شائكة وتثبيت كاميرات تصوير في جميع الاتجاهات، وتعيين موظف لمتابعة ما تعرضه هذه الكاميرات من صور.
 
وحول الإجراءات الاحترازية الأخرى تقول نثار بأن جميع الطلبة منعوا من حمل الحقائب المدرسية العادية وتم استبدالها بحقائب بلاستيكية شفافة، كما منعت الزيارات في أوقات الدوام مقابل تخصيص ساعة لها بعد الدوام حتى لأولياء الأمور، وإلزام المدرسين وطاقم العمل بإبراز هوية المدرسة عند الدخول، وحظر علب الطعام الخاصة بالطلبة.
 
ويشار إلى أن وزارة الداخلية كانت قد عممت على جميع المدارس تعزيز إجراءاتها الأمنية بنفسها، على حين تقدم الوزارة شرطيا واحدا يقوم بمهمة الحراسة أمام بوابة المدرسة، وهو ما لم تكتف به معظم المدارس التي بدأت تعاني ضغوطا من أولياء الأمور للقيام بإجراءات أمنية مقنعة.

الأسوار العالية والأسلاك الشائكة أصبحت
الأسوار العالية والأسلاك الشائكة أصبحت

قلق مستمر
من جانبه يشكو مدرس في "سيلفر هوكز" هو فاروق أحمد اضطراب مسيرة التعليم بسبب الهاجس الأمني لا سيما أن مدرسته والمئات من المدارس غيرها أغلقت أبوابها قرابة ثلاثة أسابيع في وقت تفتح هي أبوابها وسط إجراءات أمنية مشددة توحي بأنها على شفا حرب، بحسب أحمد.

 
ويضيف أحمد في حديث للجزيرة نت أن إدارة المدرسة أصبحت هذه الأيام مشغولة بمتابعة الإجراءات الأمنية أكثر من أي شيء آخر، مشيرا إلى تعيين حراس جدد مجهزين بأجهزة تفتيش إلكترونية يفتشون كل طالب ومدرس يدخل المبنى، فضلا عن تركيب كاميرات تصوير ورفع مستوى بناء الجدران ووضع حواجز إسمنتية أمام البوابة.
 
عدد لا بأس به من أولياء الأمور لا يزالون يمنعون أبناءهم من التوجه إلى مدارسهم وقد حولوا منازلهم، عبر الدروس الخصوصية، إلى مدارس موازية، بينما من قرروا إرسال أبنائهم يعيشون في حالة قلق مستمر بين ناري التعليم والأمن.
 
يقول سهيل أختر، وهو آب لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية، إنه زار مدرسة أبنائه ثلاث مرات للتأكد من سلامة الإجراءات الأمنية قبل اتخاذ قرار إرسالهم، مضيفا في حديثه للجزيرة نت أنه يبقى يشعر بالتوتر حتى تصله مكالمة من المنزل تؤكد عودتهم سالمين.
 
ويعتبر طلاب العاصمة إسلام آباد أوفر حظا من نظرائهم في بيشاور الذين كلما وقع هجوم أو انفجار تعطل مدارسهم ليومين أو ثلاثة وسط مخاوف من خسارة العام الدراسي إذا ما استمر الحال على ما هو عليه في هذه المدينة.
المصدر : الجزيرة