الحج مشاعر من كل فج عميق

الحج مشاعر من كل فج عميق

حجاج بيت الله الحرام يأتون من كل فج عميق
إسماعيل محمد-مكة

 
"بسم الله والله أكبر" يُنادَى بها عند استلام الحجر الأسود أو الإشارة إليه، وبها يبدأ المؤمنون شوطهم الأول في طوافهم بعد قدومهم لأداء مناسك الحج سواء أكان الحاج قارنا أم متمتعا أم مفردا.
 
سمعناها بلغات شتى ومن ألوان شتى تقال بالعربية ثم يترجم معناها مطوفو الجنسيات المختلفة لمن يردد وراءهم.
 
أناس لم نفهم ما يقولون، لكن من غير شك هم يلهجون بالدعاء والتسبيح والتكبير، وبالتأكيد هم واثقون بأن ما يلهجون به يصل إلى من يتوجهون إليه بالرجاء والخوف.

الكل يطوف ويسعى ويصلي ويدعو يجمعهم مكان واحد وغاية واحدة هي الدنو أكثر ممن فرض الحج.

 
تطوف بينهم فيحدو الأمل قلبك كألوف حولك يُسرون ويعلنون الاستسلام لصاحب سر الطواف حول الكعبة المشرفة وتقبيل حجرها الأسود.
 
هنا حول الكعبة يجتمع ممثلو الإنسانية فلا تجد أرضا إلا وبعثت ببعض أبنائها وكأنهم على موعد جميعا، بل هم على موعد لا يتعدونه، إنه أيام الحج.

ومن بين الأصوات اللاهجة تسمع نداء رحمة وطلب غفران فتندفع معهم تسأل الرحمة والمغفرة وتخشع الأصوات حولك فتهمس أو ترتفع فتصيح والكل يرجو نيل المراد. لكن لا توجد لقدرة إنسانية أن تحصي كل المراد.
 
حركة العابدين

الكبار والعجزة أصروا على الحضور لأداء الفريضة
الكبار والعجزة أصروا على الحضور لأداء الفريضة

ويستمر المسجد بكعبته البهية يستقبل الألوف تلو الألوف وكثير من تلك الألوف يختار باب السلام للولوج إلى حرم المسجد اقتداء بسنة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

 
الناس حول الكعبة تجدهم يرملون لأنهم في أشواطهم الثلاثة الأولى، أو يمشون لمن شرع بالشوط الرابع، ومن الأمور المتجددة منذ أكثر من 1400 عام أن الطائفين يتجددون في كل لحظة حول الكعبة، فمن أتم سبعة أشواط التمس مكانا عند مقام إبراهيم أو تجاهه ولو من بعيد ليصلي ركعتين اتباعا للسنة، وتبدأ وفود جديدة طوافها حول الكعبة بتواصل لا يتوقف ليلا ونهارا.
 
حركة العابدين في الحرم المكي متعاكسة، فمن أنهى يتجه ناحية المقام، فإن صلى الركعتين فإنه يعود للحجر الأسود حيث يبدأ طوافه لينطلق منه إلى الصفا والمروة، وحول هؤلاء هناك أمواج المستمرين في الطواف.
 
بعض زوار البيت العتيق لا يطيقون فراقه فيواصلون البقاء فيه ساعات اليوم والليلة يقضونها تعبدا وتحنثا، وبهؤلاء تزداد ساحات الحرم ازدحاما.
 
لكن لن يحول الزحام ولا التعاكس في الحركة بينك وبين أن ترى شابا قويا يستخدم عنفوانه في تقديم العون لشيخ هرم أصر أن يتقرب من الله تعالى بزيارة البيت الحرام. ورغم خشونة التدافع أحيانا فإن هناك من يلتفت إليك متأسفا ولو بابتسامة عن احتكاك تسبب فيه أو تدافع دفعه إليه الشوق للبيت الحرام.
المصدر : الجزيرة