سويسرا تلتزم الصمت بعد إعدام وثائق نووية

الرئيس السويسري باسكال كوشبان - الجزيرة نت

الرئيس السويسري باسكال كوشبان (الجزيرة نت)

تامر أبو العينين-برن
رفضت الحكومة السويسرية التعليق على تحقيقات إعلامية قالت إن السلطات أعدمت وثائق على قدر عال من الأهمية بهدف إخفاء تفاصيل تعاون سري بين سويسرا ووكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي أي).

وتتعلق تلك الوثائق بجزء من التحقيقات التي تجريها السلطات القضائية حول ضلوع ثلاثة سويسريين في تعاون نووي مع باكستان وإيران وليبيا وجنوب أفريقيا.

وقال الرئيس السويسري باسكال كوشبان في تصريح للجزيرة نت "لا تعليق على تلك التقارير، وما لدينا قلناه في بيان الحكومة في هذا الصدد".

إلا أن برلمانيين من اليسار والخضر طالبوا البرلمان بفتح تحقيق لتوضيح ملابسات التخلص من تلك الوثائق لا سيما أنها ضرورية لإتمام التحقيق مع المشتبه فيهم.

غموض وإبهام
وكان مجلس الحكم السويسري قد أصدر حديثا بيانا مقتضبا قال فيه إنه توصل إلى أن "الإبقاء على تلك الوثائق يشكل خطرا على الأمن القومي للبلاد وسياستها الخارجية، فضلا على أن الاحتفاظ بها يتعارض مع التزامات سويسرا بموجب معاهدة منع الانتشار النووي، إذ قد تسقط تلك الوثائق في أيادي مجموعات إرهابية أو دول لا يحق لها الإطلاع على محتواها".

وأكد بيان الحكومة السويسرية أن تدمير الوثائق جرى بحضور مندوب عن وكالة الطاقة الذرية.

في المقابل علمت الجزيرة نت من مصدر موثوق به -طلب عدم الإفصاح عن هويته- بأن مبررات الحكومة غير صحيحة "إذ لا يوجد أي نص في معاهدة الأسلحة يجبر سويسرا على إعدام تلك الوثائق أو غيرها".

ويتابع المصدر أن "ما قالته الحكومة عن حضور مندوب من وكالة الطاقة الذرية أثناء عملية التخلص من الوثائق غير صحيح، فسويسرا استشارت الوكالة فقط لتقييم أهمية الوثائق، أما من حضر عملية إعدام الوثائق فكان مندوبا أميركيا".

كما فند المصدر أقوال الحكومة المتعلقة بمضمون الوثائق، وقال إن الوثائق لا تتضمن سوى معلومات عن كيفية بناء وحدات كاملة لتخصيب اليورانيوم لاستخدامها في محطات توليد الطاقة النووية أو الأسلحة وليس تفاصيل بناء وتصنيع أسلحة نووية متطورة.

ويشير المصدر إلى أن سويسرا أسرعت في التخلص من تلك الوثائق لإخفاء أدلة تؤكد تعاونها مع جهاز "سي آي أي" فوق الأراضي السويسرية عبر الفرع الداخلي لجهاز المخابرات السويسري ووزير العدل والشرطة السابق كريستوف بلوخر.

تاريخ شائك
وتعود تفاصيل الأحداث إلى ربيع عام 2004 عندما اكتشفت السلطات السويسرية استنادا إلى تقارير جهاز المخابرات الإستراتيجي تورط الأخوين أورس وماركو ووالدهما فريدريك تينر في عملية تسريب معلومات عن صناعة الأسلحة النووية إلى ليبيا عبر شركتهم المتخصصة في تقنيات التصنيع المتقدمة.

وأسفرت التحقيقات الأولية آنذاك عن وجود وثائق تثبت ضلوع عائلة تينر في تعاون نووي مع باكستان وإيران والعراق، ووجهت لهم السلطات تهمة "تصدير معدات حربية من دون وجه حق" وبشكل مخالف للقانون السويسري، ثم ألقي القبض على سويسري رابع مقيم في جنوب أفريقيا ومهندس ألماني مقيم رُحل إلى بلاده.

ومثلما هو شائع في مثل هذه القضايا الشائكة، فقد تكشفت يوما بعد يوم حقائق مختلفة عن أطراف متعددة لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة بها، حيث وجدت التحقيقات أن أحد عملاء "سي آي أي" قد أبرم في العام 2003 صفقة بمليون دولار مع عائلة تينر كي تقوم بموجبها بإعطاء معلومات وبيانات غير صحيحة عن التقنية النووية لكل من باكستان وإيران.

وليس من المستبعد أن يطالب قاضي التحقيق بتعاون قانوني مع دول أجنبية للحصول على ما أعدمته الحكومة السويسرية من بيانات.

المصدر : الجزيرة