العمال العرب يتظاهرون في باريس ضد العنصرية

مظاهرة للعمال العرب

مشهد من المظاهرة أمام نهر السين بباريس (الجزيرة نت)


عبد الله بن عالي-باريس
 
تظاهر الخميس في باريس، عشرات من العمال العرب المقيمين في فرنسا رافعين لافتات تندد بما أسموه موجة العنصرية المتصاعدة التي يعاني منها المهاجرون في هذا البلد.
 
وقام المتظاهرون، بمعية عمدة باريس، بارتران دولانوي وعدد من ممثلي الأحزاب والجمعيات المدنية والحقوقية الفرنسية، بوضع أكاليل من الزهور قرب لوحة تذكارية نصبت في المكان الذي قتل فيه المهاجر المغربي، إبراهيم بوعرام الذي مات غرقا، في أول مايو/أيار 1995.
 
وقتل بوعرام بعد أن قامت مجموعة من حليقي الرؤوس كانت تشارك في مسيرة لحزب الجبهة الوطنية، الذي يقوده اليميني جان ماري لوبان، بإلقائه في نهر السين الذي يشق العاصمة الفرنسية. ووقف الحاضرون دقيقة صمت ترحما على روح الفقيد.
 
وفي تصريح للجزيرة نت، قال الكاتب العام لجمعية العمال المغاربيين في فرنسا عليات شياهو إن تخليد ذكرى اغتيال بوعرام أصبح "تقليدا ثابتا للعمال العرب في فرنسا منذ ثلاث عشرة سنة".
 
وأضاف "في مثل هذا اليوم الذي يصادف تاريخ عيد العمل من كل سنة، نأتي لهذا المكان الواقع في قلب باريس لنذكر المجتمع الفرنسي بنتائج خطاب الحقد وكراهية العرب والإسلام الذي يبثه العنصريون في هذا البلد".
 
واعتبر شياهو أن العرب والسود يعانون "اضطهادا منهجيا" في فرنسا يتمثل في نظرة الازدراء والرفض التي يقابلون بها من طرف أوساط واسعة من المجتمع الفرنسي.
 
وندد النقابي بـ"التمييز العنصري" الذي يتعرض له طالبو العمل من أبناء الجالية الإسلامية الذين "قلما يتم انتدابهم في المؤسسات العامة وشركات القطاع الخاص بعد الاطلاع على أسمائهم العربية أو الأفريقية".
 

 مولود عونيت (الجزيرة نت)
 مولود عونيت (الجزيرة نت)

تنامي الاعتداءات

من جانبه، استنكر رئيس جمعية الحركة ضد العنصرية ومن أجل الصداقة بين الشعوب مولود عونيت، تنامي الاعتداءات ذات الطابع العنصري ضد العرب والمسلمين في فرنسا.
 
وذكر عونيت أنه "في الفترة الأخيرة، تمت محاولة حرق مسجد وتدنيس قبور جنود مسلمين ماتوا دفاعا عن فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية، كما قامت إحدى القنوات التلفزيونية بمنع طفل من أصل جزائري من المشاركة في مسابقة تلفزيونية معللة ذلك بأن اسمه (إسلام)".
 
ورأى عونيت أن تصاعد العنصرية يعود إلى ما أسماه "ابتذال خطاب كراهية الأجانب في هذا البلد". وأضاف أن الرئيس الفرنسي الحالي نيكولا ساركوزي، "اعتمد خلال حملته الانتخابية معجما لغويا لا يختلف عن التعابير المألوفة لجان ماري لوبان"، فقد وصف المهاجرين بـ"الرعاع".
 
كما كرر ساركوزي حسب عونيت عبارة سيئة يرددها غلاة اليمينيين حينما يتحدثون عن الهجرة والمهاجرين وهي "أحب فرنسا أو اخرج منها". وأكد عونيت "أن اليمين المتطرف وإن لم يكن شكليا في السلطة إلا أن أفكاره هي التي تحكم فرنسا حاليا".
 

برتران دولانوي (يسار) وعليات شياهو (يمين) (الجزيرة نت)
برتران دولانوي (يسار) وعليات شياهو (يمين) (الجزيرة نت)

مقاومة جدية


بيد أن عمدة باريس برتران دولانوي، الذي يعتبر أيضا واحدا من أبرز قادة الحزب الاشتراكي المعارض، صرح للجزيرة نت بأن  هناك "مقاومة جدية" في فرنسا لهذه "الانحرافات اللفظية والسياسية".
 
وأوضح أنه آلى على نفسه -قبيل انتخابه للمرة الأولى على رأس بلدية العاصمة الفرنسية في مارس/آذار2001- أن يقوم فور نجاحه بوضع لوحة تخلد في ذاكرة المدينة "الاعتداء الآثم" الذي راح ضحيته المغربي بوعرام.
 
وأضاف "لقد نفذت ذلك الوعد لأنني أعتبر أن مثل هذه الأحداث غير مقبول ويجب أن يكون محلا لإدانة ورفض مطلقيْن في البلد الذي صدر منه الإعلان العالمي لحقوق الإنساني".
 
ورأى رئيس الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان جان بيير دوبوا، أن لا سبيل لمواجهة العنصرية "التي أصبحت مألوفة في فرنسا" إلا بالتعبئة ضد تقسيم المجتمع إلى عصبيات عرقية ودينية، والتضامن بين "كافة قوى الممانعة المؤمنة بقيم التقدم والأخوة الإنسانية ووحدة المصير البشري".
المصدر : الجزيرة