علاقة أميركا مع الدلاي لاما.. منفعة بلا ثمن

AFP/ US President George W. Bush (R) presents His Holiness the 14th Dalai Lama of Tibet (L) with the Congressional Gold Medal as US Senator Robert Byrd (C) looks on in the Rotunda of the US Capitol in Washington, DC, 17 October 2007.

الرئيس الأميركي(يمين) يسلم الميدالية الذهبية للدلاي لاما (الفرنسية-الأرشيف)


شفيق شقير

يحظى الزعيم الروحي للتبت الدلاي لاما الذي يعيش في المنفى باحترام خاص في الغرب عموما ولا سيما في الولايات المتحدة التي حل فيها ضيفا مرارا، منها ثلاث مرات على الإدارة الأميركية الحالية برئاسة جورج يوش الذي ظهر معه إلى العلن في خطوة غير مسبوقة من رئيس أميركي وذلك في زيارته الأخيرة إلى واشنطن في أكتوبر/ تشرين الأول 2007، كما كرمه الكونغرس الأميركي بالميدالية الذهبية، وهي أعلى وسام مدني أميركي.

"
هناك إجماع شعبي ورسمي في أميركا على الترحيب بالدلاي لاما وينظر إليه على أنه شخصية حقوقية تشبه المهاتما غاندي في تبنيه المقاومة السلمية ورفضه للعنف
"

وفي السياق يقول سلامة نعمات الصحفي المقيم في واشنطن إن الموقف الأميركي من الدلاي لاما ليس محل خلاف في أميركا على جميع المستويات، فهناك إجماع شعبي ورسمي على الترحيب به وينظر إليه على أنه شخصية حقوقية تشبه المهاتما غاندي في تبنيه المقاومة السلمية ورفضه للعنف، كما أنه يتبنى أجندة الحريات التي هي من أبرز العناوين التي كانت على برنامج الرئيس بوش الانتخابي.

ولكن الحفاوة الأميركية بالدلاي لاما تعرف أين تقف على الدوام، فلم يستقبل الرجل في واشنطن بوصفه زعيما سياسيا برغم أنه يجوب العالم بوصفه "رئيس حكومة التبت في المنفى" إضافة إلى منصبه الديني.

وفي زيارته الأخيرة إلى واشنطن وصفت الإدارة الأميركية استقبال بوش له بأنه لا يعدو استقبالا يليق "بزعيم روحي يريد السلام"، كما أن استقباله كان بمسكن الرئيس الأميركي في البيت الأبيض وليس في المكتب البيضاوي، في خطوة فسرت بأنها مراعاة للصين التي تتهم الدلاي لاما بأنه يدعو لانفصال التبت عن الصين.

مع العلم بأن إدارة بوش توصف بأنها تتعامل مع الصين على أساس التنافس بخلاف ما كان عليه الأمر في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون الذي كان يرى في الصين شريكا إستراتيجيا.

من أحداث العنف الأخيرة في التبت (الفرنسية)
من أحداث العنف الأخيرة في التبت (الفرنسية)

ويؤكد سلامة في هذا الإطار أن الصين وأميركا يفهمان مصالحهما جيدا، فواشنطن قد تفيد من الدلاي لاما للضغط على الصين لدفعها إلى الانفتاح السياسي ولكن بحدود، كما لن تخرج في دعمها للدلاي لاما عن الجانب الحقوقي لأن واشنطن تدرك مصالحها مع الصين ولا تريد أن تستفز دولة كبرى مثلها، في المقابل تدرك الصين تماما أن السوق الأميركي هي أكبر الأسواق العالمية لمنتجاتها الاقتصادية وتراعي ذلك جيدا في التعامل مع واشنطن.

ويعود سلامة مرة أخرى ويقول إن الجانب الحقوقي والسلمي للدلاي لاما لا يكلف الرئيس الأميركي كثيرا وسيصب في رصيده الحقوقي، ولن يؤثر سلبا على علاقة أميركا مع غيرها. بخلاف ما لو قامت واشنطن بدعم شخصيات أخرى في مناطق أخرى من العالم على سبيل المثال في العالم العربي، لذلك هناك من يتهم الإدارة الأميركية بأنها انتقائية في تبنيها لقضايا وشخصيات حقوقية دون أخرى.

ومع اندلاع الأزمة الأخيرة في إقليم التبت لم تخرج الإدارة الأميركية عن المعتاد حيث حثت الصين على ضبط النفس كما حثت الطرفين على "وقف العنف"، في حين قد يكون الأكثر حرجا هو الدلاي لاما نفسه الذي هدد بالاستقالة من "رئاسة حكومة المنفى" إذا لم يتوقف العنف، لأن أنصاره الذين من المفترض أنهم أساس المقاومة السلمية هم من يمارس العنف.

المصدر : الجزيرة