الصين في مواجهة تحدي التبت

REUTERS/Fire and smoke are seen along a street during a riot in Lhasa, Tibet, in this frame grab from China's state television CCTV March

الشارع العام بعاصمة التبت لاسا مسرح للنيران والدخان (رويترز-أرشيف)

شكلت أعمال العنف التي يمر بها إقليم التبت في الوقت الراهن حلقة متجددة من حلقات النزاع السياسي المستمر الذي تعرفه الصين منذ خمسين عاما.

وتبلغ مساحة إقليم التبت الواقع في الهيمالايا والذي كان مملكة دينية بوذية، ما يقارب 2.5 مليون كلم2. ويسكنه نحو سبعة ملايين تبتي إلى جانب عدة ملايين من الصينيين من إثنية "الهان" بشكل خاص حسب المصادر التبتية.

وتذكر المصادر الصينية أن مدينة لاسا تضم 200 ألف صيني و100 ألف تبتي فقط. كما أن التبت يعتبر حسب الخطاب الرسمي الصيني جزءا لا يتجزأ من الصين، وذلك منذ القرن الثالث عشر الميلادي.

وما إن أعلن الرئيس الصيني السابق ماوتسي تونغ ميلاد الصين الشعبية حتى زحف في السنة الموالية على التبت فأصبح جزءا منها منذ أكتوبر/ تشرين الأول 1950.

وفي مايو/ أيار 1951 وافق الزعيم الروحي للتبتيين الدلاي لاما الرابع عشر على الاتفاق الذي وقعته لاسا عاصمة التبت مع بكين والذي كرس "العودة إلى الوطن الأم" الصين.

وبعد ثماني سنوات من الاتحاد ظهرت أعمال عنف متفرقة فبرزت حركة تمرد في مارس/ آذار 1959 وصفت الوجود الصيني "بالاحتلال"، واتهمت النظام الشيوعي في بكين "بفرض الاشتراكية بالقوة". وقد واجهت حكومة الرئيس ماوتسي تونغ تلك الحركة بالقمع، ما أدى إلى سقوط عشرات الآلاف من القتلى.

الدلاي لاما (رويترز)
الدلاي لاما (رويترز)

الدلاي لاما في المنفى
غادر الزعيم الروحي الدلاي لاما إقليم التبت وتوجه إلى الهند، مؤكدا أنه أجبر على توقيع اتفاق لاسا عام 1951.

وقد أسس الدلاي لاما حكومة في المنفى في دارامسالا شمال الهند، كما دعا إلى الامتناع عن أعمال العنف في التبت وفي نفس الوقت ظل مطالبا بالحقوق السياسية والثقافية لمواطنيه.

وقد تلقى دعوات عديدة لزيارة العديد من دول العالم وخصوصا الغربية منها وأصبح من نجوم وسائل الإعلام. وندد في أكثر من مناسبة بالهيمنة المتزايدة للصين على التبت وما ينجر عن ذلك من تهجير السكان لمصلحة إثنية الهان التي تشكل أغلبية في الصين، فضلا عن تدمير الآثار الثقافية والمباني الدينية.

ورأت الصين في منحه جائزة نوبل للسلام في أكتوبر/ تشرين الأول 1989 تحديا لسياستها، خصوصا أن الجائزة منحت له بعد تمرد في التبت سحقته بكين بعنف.

إجراءات تهدئة رفضها التبتيون
منحت بكين منطقة التبت حكما ذاتيا جزئيا عام 1965، غير أن الثورة الثقافية التي شملت مناطق الصين كلها واستمرت عقدا من الزمن (من 1966 إلى 1976) أدت إلى تدمير آلاف المعابد في التبت وإتلاف نصوص مقدسة واعتقال رجال دين، كما وصفت الصين ما قام به الدلاي لاما بالخيانة.

وقد جرت محاولات للحوار ما بين عامي 1979 و1987، إذ أكدت بكين أنها مستعدة لنسيان "خيانة" الدلاي لاما والقبول بعودته، ولكن من دون أن يعهد إليه بمسؤوليات وبشرط أن يقيم في بكين وليس في لاسا.

رفض الدلاي لاما هذا العرض، وطرح في يونيو/ حزيران 1988 فكرة التخلي عن استقلال التبت والقبول بحكم ذاتي حقيقي.

كما عرض الرئيس الصيني السابق جيانغ زيمين عام 1997 فتح حوار جديد مع الزعيم الروحي، شريطة أن يعترف رسميا بأن التبت "جزء لا يتجزأ من الصين". وقد قابل الدلاي عرض زيمين بالرفض، متهما بكين بشن "إبادة ثقافية".

المصدر : الفرنسية