الانتهاكات بسجون الأردن مستمرة رغم دعوات الإصلاح

صورة من داخل سجن سواقة
صورة من داخل سجن سواقة حيث ينفي الأمن العام وجود ظاهرة التعذيب (الجزيرة نت-أرشيف)

محمد النجار-عمان
 
رغم التطور الذي شهدته مشاريع تحديث السجون في الأردن لتحويلها مراكز "إصلاح وتأهيل"، فإن تقارير منظمات حقوق إنسان محلية ودولية ما زالت تؤكد انتشار التعذيب، وهو ما ينفيه المسؤولون في مديرية الأمن العام التي تتولى إدارة السجون.
 
آخر التقارير الدولية أعلنته منظمة مراقبة حقوق الإنسان الأميركية (هيومن رايتس ووتش) في أكتوبر/تشرين الأول الماضي والذي أكد أن "التعذيب في سجون الأردن منتشر بعد مرور عامين على دعوة الملك عبد الله الثاني إلى فرض إصلاحات من أجل وقف التعذيب نهائيا".
 
وقال التقرير إن أكثر أشكال التعذيب انتشارا في السجون "الضرب بالكابلات الكهربائية والعصي والتعليق من المعاصم إلى قضبان معدنية لساعات، وأثناء ذلك يقوم الحراس بجلد السجناء العزل".
 
هذه المزاعم نفتها مديرية الأمن العام وقال الناطق باسمها الرائد محمد الخطيب إن "المنظمة اعتمدت شهادات فردية غير علمية أخذتها من عينة قليلة من النزلاء"، وقال إن التعذيب في الأردن جريمة يعاقب عليها القانون.
 
لكن وزيرا سابقا للداخلية في الأردن أكد للجزيرة نت أن "اتهامات التعذيب في السجون باتت مزعجة كثيرا للمسؤولين". ولفت المسؤول –الذي طلب عدم ذكر اسمه- أن تكرار الاتهامات تؤكد الحاجة لضرورة تغيير طريقة إدارة السجون ونقلها من عهدة أجهزة الأمن لوزارة العدل.
 
إدارة مدنية
الدحلة: نطالب بإدارة مدنية قضائيةمستقلة للسجون في الأردن (الجزيرة نت) 
الدحلة: نطالب بإدارة مدنية قضائيةمستقلة للسجون في الأردن (الجزيرة نت) 
ويتفق هذا المطلب مع دعوة أطلقها رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان هاني الدحلة بضرورة تحويل إدارة السجون في المملكة لـ"إدارة مدنية قضائية مستقلة".
 
وأضاف في حديث للجزيرة نت أن هناك أنواعا متكررة من الشكاوى من سجناء وأهاليهم منذ عام 1990 حتى اليوم.
 
وبحسب الدحلة فإن منظمته ممنوعة من تفقد السجون على الرغم من سماح الحكومة لمنظمات وهيئات دولية بزيارة السجون وتفقدها.
 
وقال "الشكاوى تبدأ من عدم كفاية وجبات الطعام والشراب، إلى عدم وجود كشف طبي دوري، والاكتظاظ الكبير"، وأضاف أن "أبرز الشكاوى هي الحبس الانفرادي للسجين لمدد غير قانونية، إضافة لمنع سجناء قضايا أمن الدولة من الزيارة لأشهر".
 
وتتفق تقارير دولية ومحلية على وجود "تعذيب منتشر" في مختلف السجون الأردنية، لكن مديرية الأمن العام تؤكد أن ما يحدث ليس سوى "حالات فردية" تتم معاقبة مرتكبيها أمام القضاء، حسب ما أكده الخطيب في تصريح للجزيرة نت.

ويؤكد الباحث في قسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش كريستوف ويلكي أن استمرار نفي الأمن العام الأردني وجود تعذيب منتشر في السجون "نفي زائف ويظهر فشل المديرية في إدراك الحقيقة الخطيرة للحياة داخل مراكز الإصلاح".

 
وقال ويلكي -في رسالة وجهها لمديرية الأمن العام قبل أيام وخص الجزيرة نت بنسخة منها- إن وفد المنظمة شاهد في زياراته الأخيرة للسجون بنفسه "آثارا حديثة للتعذيب" تعرض لها سجناء التنظيمات الإسلامية.
 
وأكد أن شكاوى سجناء التنظيمات الإسلامية أكثر من شكاوى بقية أصناف النزلاء في مراكز الإصلاح المختلفة.
 
ممارسات فردية

ويلكي: ينبغي أن يقوم القضاة وليس ضباط الشرطة بمحاكمة المتهمين بجرائم التعذيب (الجزيرة نت)
ويلكي: ينبغي أن يقوم القضاة وليس ضباط الشرطة بمحاكمة المتهمين بجرائم التعذيب (الجزيرة نت)

لكن مديرية الأمن العام أكدت أن محاكم الشرطة حكمت على أعداد من مختلف مرتبات الأمن بعقوبات متفاوتة وصلت في بعضها حد الفصل من الخدمة، وهو ما يؤكد وجود آليات فعالة ضد ممارسات "فردية" حسب ما يقول الخطيب.

 
ودلل الخطيب على رفض الأمن العام للتعذيب بالقول إن أبواب السجون مفتوحة في وجه المنظمات الحقوقية ومنها هيومن رايتس ووتش.
 
ويتفق ويلكي والدحلة على أن أساس المشكلة في مكافحة التعذيب المنتشر في السجون هو أن من يعاقب مرتكبي المخالفات من رجال الشرطة هم الشرطة أنفسهم.
 
وقال الدحلة "لا يمكن لرجل أمن أن يدين زميله لذا نحن طالبنا ولا زلنا بإخضاع السجون لرقابة القضاء المدني وأن تتولى إدارة السجون وزارة العدل".
 
فيما اعتبر ويلكي أن الأردن "بحاجة لآلية مستقلة وفعالة من أجل استقبال شكاوى التعذيب والتحقيق فيها على نحو عاجل، وينبغي أن يقوم المدعون والقضاة المدنيون وليس ضباط الشرطة بمحاكمة المتهمين في هذه الجرائم".
 
وكانت هيومن رايتس ووتش طالبت الدول المانحة للأردن بربط دعمها اقتصاده بمدى احترامه معايير حقوق الإنسان، ووجد مسؤولو الأمن العام في هذه التوصية تأكيدا على أن تقارير المنظمة الأميركية "مسيسة"، وهو ما نفاه ويلكي إجمالا وتفصيلا.
المصدر : الجزيرة