السياسات الحكومية تسبب تنامي العنف بالريف المصري

احد افران صناعة الخبز بالريف المصري
تدني الحالة الاقتصادية بالريف المصري يشكل أحد عوامل انتشار العنف(الجزيرة نت)

محمود جمعة-القاهرة
 
كشفت دراسة حقوقية حديثة أن تنامي حوادث العنف بين الفلاحين المصريين أسفر عن 23 قتيلا و35 مصابا في 21 حادثة شهدها الريف المصري خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار الماضيين فقط.
 
مؤسسة "أولاد الأرض" لحقوق الإنسان التي أجرت الدراسة وتلقت الجزيرة نت نسخة منها، حملت الحكومة المصرية المسؤولية عن تنامي هذه الظاهرة.
 
وأشارت الدراسة إلى أن "ما يحدث هو نتيجة منطقية لسياسة الإفقار التي تتبعها الحكومات المتعاقبة وما تسنه من قوانين وما تبرمه من اتفاقيات دولية دفعت بالفلاح المصري إلي سفح السلم الاجتماعي".
 
تشريد الآلاف
وأشار المدير التنفيذي للمؤسسة عادل وليام، في تصريح للجزيرة نت، إلى أن تدنى الحالة الاقتصادية في الريف إضافة إلى القوانين الحكومية المتعلقة بالزراعة، تعد السبب الرئيسي في حالة الاحتقان المتزايدة التي يعيشها الريف المصري.
 
وأوضح أن قانون 96 الصادر عام 1992 الخاص بتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر أدى إلى تشريد قرابة 900 ألف فلاح وتحويلهم إلى عمال بالنظام اليومي لدى الآخرين.
 
وأوضحت الدراسة أن منطقة الوجه البحري سجلت وقوع أربع حوادث سقط جراءها تسعة قتلى، بينما شهدت منطقة الوجه القبلي سبع عشرة حادثة خلفت 14 قتيلا خلال الشهرين الماضيين.
 
وأرجعت تزايد العنف بين فلاحى الوجه القبلي إلى ارتفاع معدلات البطالة هناك وتدنى الحالة الاقتصادية وعدم وجود فرص عمل بديلة، بخلاف الوجه البحري القريب من العاصمة المركزية.
 
العنف خلف 14 قتيلا في 17 حادثة بمنطقة الوجه القبلي خلال الشهرين الماضيين (الجزيرة نت)
العنف خلف 14 قتيلا في 17 حادثة بمنطقة الوجه القبلي خلال الشهرين الماضيين (الجزيرة نت)

ولاحظت أن الحوادث المذكورة "لم تخل من تجاوز كل الأعراف والتقاليد حتى وصل الأمر إلي استباحة دم الأشقاء بما يعني أن الريف المصري ينحدر بالفعل من سيئ إلى أسوأ".

 
ظواهر غريبة
وأوردت المؤسسة في هذا السياق مثلا تمثل في إحدى الحوادث الغريبة التي لقي خلالها فلاح مصرعه وأصيب ثمانية آخرون بجروح مختلفة في معركة نشبت بالأسلحة النارية بين أسرتين تنتميان إلى عائلة واحدة بإحدى قرى الصعيد بسبب خلاف نشب بين الأسرتين أثناء تنافسهما على أولوية شراء الخبز من أحد المخابز بالقرية.
 
وعقبت المؤسسة الحقوقية على ذلك بالقول "في الماضي كان من يخبز في القرية يوزع الخبز على جيرانه، واليوم أصبح الأقارب يقتلون من أجل حفنة من الأرغفة، هذا ما آل إليه حال الريف المصري في عهد حكومتنا الرشيدة".
 
وأشارت إلى أن من بين ضحايا العنف من الفلاحين مزارعا انتحر بسبب عجزه عن توفير قوت يومه لأبنائه.
 
روح جديدة
من جهة ثانية، لاحظت الدراسة أن التظاهر كوسيلة للاحتجاج وجد طريقه أخيرا إلى مجتمع الفلاحين المصريين "بعد أن استنفدوا كل طاقات التحمل"، واعتبرت أن هذا الأمر يدلل بوضوح على الروح الإيجابية التي بدأ الفلاحون التمتع بها مؤخرا.
 
وفي هذا الصدد أوضح المدير التنفيذي للمؤسسة الحقوقية أن الأعوام القليلة الماضية شهدت نقلة نوعية في ثقافة الفلاحين الخاصة بالمطالبة بحقوقهم، والتي تمثلت في عدد من الاعتصامات والتظاهرات الاحتجاجية التي نفذها الفلاحون أمام مجلسي الشعب والشورى بالعاصمة للاعتراض على قوانين جديدة أو المطالبة بإلغاء فوائد القروض عليهم، ولا سيما القروض التي قدمت لهم لزراعة محصول القطن.
المصدر : الجزيرة