مجزرة دير ياسين تثير الجدل بين الإسرائيليين

afp - A Palestinian man carries the body of six-year-old Palestinian girl Rawan Hajjaj into the Al-Shifa hospital in Gaza City, 08 July 2006

مجازر إسرائيل سبقت قيامها واستمرت طوال العقود الماضية (الفرنسية-أرشيف)

وديع عواودة-حيفا

لا تزال مجزرة دير ياسين التي حلت ذكراها التاسعة والخمسون اليوم الاثنين، تثير جدلا بين المؤرخين الإسرائيليين الذين يقر بعضهم بها فيما يتهم آخرون منهم الفلسطينيين واليسار الإسرائيلي باختلاقها أو المبالغة في وقائعها.

وكانت المجزرة قد وقعت في التاسع من أبريل/ نيسان 1948 عندما دخلت قوات من العصابتين الصهيونتين "الإيتسيل"، "الليحي" قرية دير ياسين غربي القدس وقتلت 99 من أطفال ونساء وشيوخ القرية من بينهم عائلات كاملة أبيدت بالكامل كعائلة زهران.

في كتابه الجديد "فرية في دير ياسين-الكتاب الأسود" يزعم المؤرخ الإسرائيلي د. أوري ميليشتاين أن مجزرة دير ياسين لم تقع، وأن شهداء القرية قتلوا خلال الحرب.

ويزعم ميليشتاين في كتابه أن اليسار الإسرائيلي ابتدع "فرية دير ياسين" واتهم منظمتى الليحي والإيتسيل المتطرفتين باقتراف المجازر بهدف تسويد صفحة الخارجين على التيار الصهيوني المركزي المتمثل بالهجاناه.


حدث مؤّسس
وأكد ميليشتاين أن دير ياسين شكلت حدثا مؤسّسا لليسار الإسرائيلي الجديد مما يزعزع الأسس الأخلاقية لقيام إسرائيل واستمرارها كدولة وطنية لليهود، ويساعد في إعادة الحقوق السليبة للفلسطينيين محولا بذلك الدولة العبرية لدولة كل مواطنيها.

وأكد د. مئير بعيل (81 عاما) أحد مؤرخي جيش الاحتلال للجزيرة نت علاقة الهاجاناه بوقوع المذبحة، معتبرا كل مزاعم إنكارها من قبل بعض المؤرخين ضربا من العمل السياسي المغطى بغلاف علمي.

وروى أنه خدم وقتذاك ضمن القوات الضاربة التابعة للهاجاناه "البلماح"، ولفت إلى أن قائد الهاجاناه في منطقة القدس سمح بدخول المنظمتين بعدما وعدتا بعدم المس بالمدنيين مشيرا إلى قيامه لاحقا بدخول القرية متخفيا.

وأضاف بعيل "حتى اليوم لا أستطيع أن أمحو من ذاكرتي مشاهد القتل الوحشية، ولا تزال محفورة بذاكرتي صورة سيدة كانت مقتولة وسط بركة من الدماء وبجوارها طفلاها والرصاص اخترق جسديهما الملقيين على أرضية البيت، كما أذكر قيام عناصر المنظمتين بإلقاء الكثير من الجثث في الآبار المنتشرة في ساحات البيوت.. وأنا كيهودي أخجل مما حصل وتراودني مشاعر ندم وتدمع عيناي في كل مرة أستذكر المذبحة”.


أم مصطفى لا زالت تعيش ذكريات المجزرة المريرة (الجزيرة نت)
أم مصطفى لا زالت تعيش ذكريات المجزرة المريرة (الجزيرة نت)

شهادة إسرائيلية
وقال النائب السابق عن حزب "مبام" يئير تسبان -الذي دخل القرية في ذلك اليوم- أن الجثث كانت ملقاة داخل البيوت وشارك بإخراجها ودفنها في كروم القرية.

وأضاف "وما زلت أذكر قسوة تلك المشاهد إذ كان ذلك اللقاء الأول لنا مع الموت فانهار بعض الجنود إزاء مشاهد جثث النساء والأطفال والشيوخ".

وفي تصريح للجزيرة نت قالت الحاجة نفيسة الصياد أم مصطفى من دير ياسين والمقيمة في بلدة أبو ديس اليوم إنها كانت ليلة المجزرة في فرن القرية برفقة نسوة كثر حينما هجم اليهود على القرية عند الفجر فولت هاربة فور سماع الرصاص. وأضافت "بعد قتل عشرة من عائلة زهران المجاورة قام زوجي بتهريبي وأولادي الأربعة لدار شقيقي وقفل عائدا ليقاتل مع رجال القرية ضد الهجوم".


ماكو أوامر
وأكد الحاج محمد محمود أسعد عقل (78عاما) من دير ياسين سابقا -وفي القدس حاليا- استبسال أهالي القرية بالدفاع عنها، وتمكنهم من إلحاق الخسائر بالمهاجمين نافيا وقوع عمليات اغتصاب أو عقر النساء الحبالي. وأضاف "أذكر مقتل سيدتين حاملتين واحدة بالرصاص وأخرى بقنبلة.. ويبدو أن الصهيونية استخدمت المجزرة بهدف التخويف والترحيل".

أبو محمود أكد أن الصهيونية استخدمت المجزرة للتخويف والتهويل (الجزيرة نت)
أبو محمود أكد أن الصهيونية استخدمت المجزرة للتخويف والتهويل (الجزيرة نت)

واستذكرت الحاجة زينب محمد جابر (82 عاما) أنها أيقظت البنتين وأغلقت البيت بالمفتاح وهربت إلى عين كارم، وهناك حاولت استصراخ ضمائر الجنود العراقيين المرابطين فيها. وأضافت "غير أن هؤلاء اعتذروا بلطف وهم يقولون: ماكو أوامر".

وستقوم منظمة "زوخروت" الإسرائيلية، المتهمة بنشر الرواية التاريخية الفلسطينية حول النكبة، بإحياء الذكرى السنوية للمجزرة على أراضي دير ياسين غدا الثلاثاء بمشاركة بعض شهود العيان.

المصدر : الجزيرة