ضآلة هامش الحرية بالإعلام المصري تفقده المصداقية

الاعلام في مصر


محمود جمعة-القاهرة

نظم معهد الأهرام الإقليمي للصحافة بالتعاون مع المنظمة العربية للتعاون الدولي مناظرة بعنوان "الإعلام المرئي وحرية التعبير.. بين الإعلام الخاص وإعلام الدولة"، واتخذت المناظرة من أداء الإعلام المصري في تغطية أحداث الاستفتاء الأخير على الدستور نموذجا لتقييم هذا الأداء.

وشارك في المناظرة إعلاميون يمثلون إعلام الدولة في مصر وآخرون يمثلون الإعلام الخاص، ومثل الاتجاه الأول الإعلامي جمال الشاعر رئيس قناة النيل الثقافية الذي أكد أن الحرية الكاملة هي أكذوبة وخدعة كبرى.

وأشار الشاعر إلى أن "من يدفع للعازف يتحكم في اختيار اللحن"، مبررا بذلك تدخل الجهات الحكومية في تحديد مضمون ما يبث من مواد إعلامية في الإعلام الرسمي.

بدوره أكد الدكتور حسن راتب رئيس مجلس إدارة قناة المحور -الذي مثل الإعلام الخاص في المناظرة- أن ثمة سقفا للحرية يحدد وفقا لإدراك الإعلاميين بتأثير ما يقدم للمشاهدين على القضايا الوطنية الحيوية.

خوف من منافسة
إلا أن الشهادات التي أدلى بها متخصصون في الإعلام مثلت دليل إدانة للجانبين، كما يرى رئيس قسم الإعلام بالجامعة الأميركية بالقاهرة الدكتور حسن أمين.

"
كل مسؤول في الجهاز الحكومي أصبح لديه رقيب داخلي يسكن في عقله ويجعله خائفا وملكيا أكثر من الملك
"

وأضاف أمين أن القنوات التي تملكها الدولة المصرية شهدت في الآونة الأخيرة تحركا نحو تجويد الأداء الإعلامي والتخلص من السلبيات، ليس اقتناعا بأن ذلك يلبي احتياجات الناس وليس إيمانا بحق الجمهور في المعرفة، وإنما خوفا من منافسة القنوات العربية الخاصة.

وأورد وكيل كلية الإعلام بجامعة القاهرة الدكتور سامي الشريف مجموعة من السلبيات والمعوقات التي تكبل الإعلام الحكومي في مصر، منها ترهل الجهاز الإداري الإعلامي.

وأشار إلى أن أكثر من 37 ألف موظف يعملون في مبنى الإذاعة والتلفزيون المصري، فضلا عن انتشار المحسوبية والواسطة في اختيار المذيعين والإعلاميين، وضعف الإمكانيات المادية والتقنية التي توفرها الدولة لهذه القنوات وعجزها عن المنافسة، ووجود رقابة على ما يقدم للمشاهدين.

واستدل المحاضر الإعلامي بأن معظم برامج الإعلام المصري مسجلة وقليل منها ما يبث على الهواء، موضحا أن كل مسؤول في الجهاز الحكومي أصبح لديه رقيب داخلي يسكن في عقله ويجعله خائفا وملكيا أكثر من الملك.

وانتقد الشريف الإعلام الخاص المصري، مؤكدا أن من بين تسع قنوات خاصة مصرية توجد سبع قنوات كلها رقص وفيديو كليب، وهي قنوات "تبطل الوضوء لمن يشاهدها".

لا فرق

"
الإعلام المصري يمارس عملية "غسيل دماغ" للمشاهدين حيث لا يوجد برنامج واحد يثقف الجمهور فضلا عن الانحياز التام لموقف الدولة
"

من جانبه اعتبر الدكتور سعيد اللاوندي أن لا فروقات تذكر بين الإعلام المرئي الخاص والحكومي وأنهما يكملان بعضهما بعضا.

واتهم اللاوندي الإعلاميين في مصر بعدم إدراك أهمية الإعلام والرأي العام، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة أخشى ما تخشاه هو الرأي العام، بدليل إقدامها على إنشاء قنوات وإذاعات وصحف موجهة للرأي العام العربي مثل (قناة الحرة وراديو سوا وصحيفة هاي، وقال إن الولايات المتحدة تعلم أن من يملك المعلومة يملك العالم.

وأضاف أن رئيس الوزراء الإيطالي سلفيو برلسكوني وهو أكبر عضو في منظمة الجرائم العالمية استطاع أن يمحو صورته الإجرامية أمام الرأي العام الإيطالي لأنه يملك 85% من وسائل الإعلام هناك.

وفي شهادته أكد رئيس تحرير صحيفة الأهالي المعارضة نبيل زكي أن الإعلام المصري يمارس عملية "غسيل دماغ" للمشاهدين، حيث لا يوجد برنامج واحد يثقف الجمهور فضلا عن الانحياز التام لموقف الدولة، وهو ضد أبسط قواعد الإعلام.

ولفت زكي إلى دور الإعلام المصري الحكومي في إخفاء نوايا الحزب الحاكم لتحويل الاستفتاء إلى عملية صورية وضوابط مانعة وشروط تعجيزية، وحماية ترزية القوانين وهم يدبرون بليل طبخ التعديل الدستوري.

أما الكاتب جمال الغيطاني فقد اعتبر أن هذه المناظرة تهيئة للأذهان لقبول عملية خصخصة بعض قنوات التلفزيون المصري مقدمة لبيعها، مؤكدا أن القنوات الفضائية نزلت من الفضاء إلى الأرض لأن ذلك من شروط المشتري، في إشارة إلى ما يتردد من أن أحد المستثمرين سوف يشتري مجموعة من القنوات المصرية.
ــــــــــــــ
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة