مسلمو فرنسا يحيون شعائر رمضان بموروثهم الثقافي

-

سيد حمدي- باريس

في رمضان يكاد الحي الباريسي باربيس يكون واحدا من الأحياء الشعبية في دول شمال أفريقيا, حيث اعتادت الأقلية الفرنسية التي تقطن الحي أن تضفي عليه نفس الملامح التي تكسو وجه الشوارع في العالم الإسلامي خاصة مع أذان الغروب وخلو الحي من المارة.

غير أن باربيس ليس وحده في مظاهره الرمضانية، إذ تشترك معه أحياء أخرى في قلب باريس. فهناك حي بلفيل الذي يتجاور فيه المسلمون من العرب والأفارقة والأتراك والباكستانيين مع غيرهم من اليهود والصينيين والفرنسيين.


مقاهي ومطاعم
مع اقتراب الشهر الكريم يدب المزيد من النشاط في مساجد حي كورون المجاور لحي بلفيل، إذ تعرف هذه المساجد وجودا ملحوظا لجماعة الدعوة برجالاتها القادمين من مختلف أنحاء العالم وهم يجوبون شوارع الأحياء العربية ومقاهيها للتبليغ بالدين والدعوة إليه.

وقبل رمضان بأيام قليلة تتبدل على جنبات الطرق خاصة في الأماكن المخصصة للأسواق أنشطة المقاهي والمطاعم لتتحول بين ليلة وضحاها إلى محلات بيع الحلويات المغاربية وأشهرها على الإطلاق قلب اللوز الذي يكاد يتطابق مع البسبوسة في المشرق العربي.

ويتنازع الجزائريون والتونسيون نسب هذه الحلويات التي تتقدم مائدة رمضان ومعها من الأصناف الأخرى المقروط والزلابية والبوراك والسجار.

"
مع اقتراب رمضان تدب الحياة في
مساجد الأحياء التي يعيش
فيها مسلمون مثلما تزدهر الأسواق بكل ما هو أصيل في ثقافات وتقاليد
الفرنسيين من أصول أخرى
"

وإضافة إلى الحلويات ينتشر اللبن وأنواع الخبز المصنوع في البيوت وأشهرها قاطبة المطلوع الذي يسمى أيضا بالكسرة أو الثمثونت باللهجة القبائلية. وتتبارى ربات البيوت المغاربيات في صناعة هذه الأصناف، ناهيك عن أنواع الحساء أو الشوربة البيضاء منها والحمراء و"الحريرة".

ويشترك الجميع في الإفطار على بعض من التمر الجزائري المعروف بـ"دجلة نور" الذي يعد من أفضل أنواع التمور في العالم.


حلقات العلم
أما ضواحي باريس فتحتضن العدد الأكبر من مسلمي فرنسا في مقاطعات مثل سن سان دوني وفال دواز.

ففي الأولى توجد مدينة سان دوني التي تضم أشهر ستاد لكرة القدم (ستاد دوفرانس) الذي شهد فوز فرنسا بكأس العالم لكرة القدم عام 1998.

غير أن صخب الجماهير التي تؤازر الفريق الوطني بقيادة المسلم زين الدين زيدان لا تذهب بحال السكينة التي تخيم على الأجواء مع الزيادة الواضحة في أعداد المصلين في شهر رمضان.

أما في فال دواز التي تقع فيها فيها مدينة أرجنتي ذات الوجود المكثف للمسلمين ومسجدها الشهير الذي اكتسب اسم مصنع داسو للطيران الواقع في نفس الشارع.

ويشهد هذا المسجد المزيد من حلقات العلم طوال شهر رمضان إضافة إلى مدرسة تعليم اللغة العربية يومي السبت والأحد من كل أسبوع.

ومع قدوم الشهر الكريم تتسع دائرة الدعوة التي تسهم في دخول غير المسلمين للإسلام.

وتعرف فرنسا أعدادا معتبرة من هؤلاء الذين تحولوا للإسلام، ومن بينهم مشاهير في عالم الرياضة مثل الليبيري جورج ويا لاعب موناكو السابق وأفضل لاعب في العالم قبل اعتزاله وترشحه حاليا للرئاسة في بلاده.

كما تضم القائمة لاعب المنتخب الفرنسي نيكولا أنيلكا الذي يلعب حاليا في الدوري التركي.
_____________
مراسل الجزيرة نت

المصدر : الجزيرة