هكذا جرى إنقاذ معبد أبو سمبل من الغرق

في 22 سبتمبر/أيلول 1968 انتهت عملية نقل غير مسبوقة لمعبد أبو سمبل المنحوت في جبل صخري جنوبي مصر، والذي شيده الملك رمسيس الثاني في منتصف القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

وبدأت عملية نقل هذه الأيقونة المعمارية بعد أن قرر الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1955 بناء سد أسوان، وكان حينها تحديا اقتصاديا وجيوسياسا للمصريين.

ولتنفيذ المشروع، انطقلت عام 1959 حملة تبرعات دولية تبنتها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونيسكو) لنقل المعبد إلى موقعه الحالي.

وكانت المياه المتجمعة ستغمر معبد أبو سمبل خلال سنوات قلائل، إن لم يجر نقله من مكانه الأصلي حيث كان مقاما على جزيرة معرضة للغرق بسبب ارتفاع منسوب مياه سد أسوان.

وكان التحدي خلال هذه المدة يتمثل في الاستجابة للحاجة الاقتصادية الملحة للبلاد من حيث توفير المياه -ببناء بحيرة ناصر الاصطناعية التي تمتد على 5000 كيلومتر مربع- وأيضا إنتاج الطاقة الكهربائية، وفي الوقت نفسه عدم المساس بالإرث التاريخي المتجسد في معبد أبو سمبل بشقيه الكبير والصغير.

وفي تقرير صحيفة ليبراسيون بعنوان "في مصر، رمسيس الثاني أُنقذ من الماء"، كتبت الصحيفة أن السد الجديد كان يمثل ضرورة لمصر التي تعاني من الجفاف وحوالي 90% من مساحتها صحراء قاحلة.

القطع الضخمة
وجرت عملية النقل بالاستناد على مشروع الفنان التشكيلي المصري أحمد عثمان (1907-1970) الذي ابتكر فكرة نشر القطع الضخمة للمعبد وتقطيعها إلى أجزاء وترقيمها ثم إعادة تركيبها بالهيئة نفسها في الموقع الحالي.

وخلال هذه العملية التي وصفت حينها بأكبر عملية نقل في التاريخ وشارك فيها المئات من الخبراء والمهندسين وعلماء الآثار وكلفت حوالي 40 مليون دولار أميركي، نقلت القطع التاريخية للمعبد قطعة قطعة بضع مئات من الأمتار، وبارتفاع أعلى من ارتفاع المكان الأصلي.

واستخدم في نقل القطع التي يزن بعضها ما بين 20 و30 طنا، رافعات وشاحنات عملاقة في عملية اتسمت بالحذر الشديد حفاظا على الآثار الفرعونية، وخلالها وزعت المهام على فرق مختلفة بحسب الاختصاص.

بالتوازي، جرى تهيئة المكان الجديد الذي استضاف القطع المنقولة التي رُقمت ونُقلت بعناية، ثم أُعيدت إلى سابق عهدها، في عملية تجمعية تمت على واجهة صخرية صلبة أُعدت خصيصا لذلك.

‪سياح يزورون معبد أبو سمبل في أسوان‬  (رويترز)
‪سياح يزورون معبد أبو سمبل في أسوان‬  (رويترز)

افتتاح رسمي
وأنجز الشق الأكبر من العمل خلال ثلاث سنوات، ليتم افتتاحه رسميا عام 1968، في حين افتتح سد أسوان عام 1971.

ويقع معبد أبو سمبل المطل على بحيرة ناصر على بعد 290 كيلومترا للجنوب الغربي من مدينة أسوان الواقعة على بعد نحو 900 كيلومتر إلى الجنوب من القاهرة.

وكانت الشمس تتعامد على وجه تمثال رمسيس في عمق المعبد داخل الجبل مرتين في السنة، يوم ميلاده 21 فبراير/شباط ويوم جلوسه على العرش 21 أكتوبر/تشرين الأول.

وكان المعبد مطمورا بالرمال حتى عام 1813 عندما اكتشفه المستشرق السويسري بورخاردت، لكنه لم يتمكن من دخوله.

وفي عام 1817 تمكّن الرحالة الإيطالي جيوفاني بلزوني من إزاحة التراب عن المعبد ودخوله. واكتشفت الإنجليزية إميليا إدواردز والفريق المرافق لها ظاهرة تعامد الشمس على وجه رمسيس الثاني، الذي حكم مصر لعقود.

المصدر : الصحافة الفرنسية + مواقع إلكترونية