نيويورك تايمز تعلّم قراءها.. كيف تبلغنا بمعلومات خطيرة؟

New York Police officers are seen deployed outside the New York Times building following a fatal shooting at a Maryland newspaper, in New York City, U.S., June 28, 2018. REUTERS/Brendan McDermid
نيويورك تايمز تتلقى أكثر من 100 إخبارية يوميا (رويترز)

في سلسلة مقالات قصيرة تنشرها صحيفة نيويورك تايمز لتعريف القراء ببعض ممارساتها الصحفية، شرحت الصحيفة كيف تستفيد من المعلومات التي ترسلها إليها مصادر مجهولة، وكيف يستطيع القراء إمدادها بمثل هذه المعلومات والأسرار دون تعريض حياتهم للخطر.

ولطالما اعتمدت الصحيفة في جانب من عملها على الرسائل والوثائق التي يرسلها مجهولون، لكنها أطلقت آلية جديدة في ديسمبر/كانون الأول 2016 لمواكبة التطورات الهامة في هذا الصدد.

ففي ذلك التاريخ اشترك غابرييل دانس محرر التحقيقات المعاون في نيويورك تايمز مع رونا ساندفيك مديرة أمن المعلومات بالصحيفة لإعداد مجموعة من الأدوات التي تمكن القراء من إرسال معلومات قد تراها الصحيفة مهمة من دون الكشف عن هويتهم.

ويوضح المقال أن هذه الأدوات، وهي تطبيق واتساب وتطبيق سيغنال ونظام سكيور دروب والبريد الإلكتروني المشفر، مبينة على الموقع الإلكتروني للصحيفة في صفحة خاصة يشار فيها إلى نقاط القوة والضعف لكل أداة من هذه الأدوات. ومن تلك الصفحة يستطيع القارئ تنزيل البرنامج المناسب واستخدامه لإرسال المعلومات إلى نيويورك تايمز.

وظهر الأثر على الفور في غرفة الأخبار. تقول ساندفيك "تلقينا معلومات مفيدة خلال 24 ساعة من إطلاق الصفحة". وفي الآونة الأخيرة صارت المعلومات تصل بمعدل أكثر من 100 إخبارية يوميا، وتتراوح بين اقتراحات من جملة واحدة وقواعد بيانات بمئات الآلاف من السجلات.

فرز المعلومات
وحين تصل إخبارية من هذا النوع إلى نيويورك تايمز، تضاف إلى قاعدة بيانات محمية يشرف عليها غابرييل دانس. وتستبعد الصحيفة حوالي ثلث الإخباريات الواردة لأنها لا تجد فيها شيئا مهما.

وهناك ثلث آخر من هذه الإخباريات مرتبط بعامل الزمن، ولذلك توزع على مشرفي التحرير والصحفيين في الأقسام الأقدر على تمحيص تلك المعلومات. أما الإخباريات الباقية، وهي تلك التي قد تقود إلى تحقيقات صحفية مهمة، فيأخذها فريق التحقيقات لمزيد من الدراسة.

نيويورك تايمز أوضحت للقراء كيف يستطيعون إرسال معلومات مشفرة
نيويورك تايمز أوضحت للقراء كيف يستطيعون إرسال معلومات مشفرة

ويقول دانس إن الإخباريات الواردة من الهواتف المحمولة عبر واتساب وسيغنال لها فائدة كبيرة. ولهذا سبب وجيه، وهو أن واتساب -الذي لديه أكثر من 1.2 مليار مستخدم نشط– هو أحد أسهل الوسائل لإرسال المعلومات بأمان. ويوضح دانس "بالواتساب يكون الأمر ببساطة إرسال رسالة نصية، لكنها مشفرة".

ومن أمثلة المواد المهمة التي تلقتها الصحيفة تسجيل صوتي لكلمة ألقتها مرشحة الرئاسة السابقة هيلاري كلينتون أثناء تجمع مغلق في أعقاب انتخابات 2016، وقد وصل هذا التسجيل في يوم إطلاق صفحة الإخباريات.

وبعد أسابيع قليلة من إطلاق الصفحة، تلقت الصحيفة سلسلة من الأسئلة التي طرحها الفريق الانتقالي للمرشح الفائز دونالد ترامب على وزارة الخارجية. وتلقت الصحيفة أيضا إخبارية بدأت بفضلها في تغطية مداهمة مكتب التحقيقات الفدرالي لمكتب مايكل كوهين المحامي الشخصي لدونالد ترامب.

وتقول الصحيفة إن الاستجابة التي لقيتها من مرسلي المعلومات إيجابية جدا لدرجة أن غرفة الأخبار أنشأت قاعدة بيانات بإمكانية البحث لمساعدة الصحفيين في التعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات.

ولم تعد نيويورك تايمز وحدها في هذا المضمار، فسرعان ما حذا حذوها موقع بازفيد وصحيفة غارديان وصحيفة واشنطن بوست بإنشاء قنوات لتلقي المعلومات بطريقة محمية.

ورغم التطور الذي أحدثته هذه الوسائل، يؤكد غابرييل دانس أن جوهر العمل الصحفي لدى نيويورك تايمز لم يتغير، إذ إن الصحفيين يعكفون على الاستقصاء وعلى تمحيص تلك المعلومات الواردة بالطريقة نفسها التي يستخدمونها مع كل المعلومات.

المصدر : نيويورك تايمز