المقالة التي هزت الاتحاد السوفياتي

آندريه ساخاروف طالب غورباتشوف بالشفافية بشأن تشيرنوبيل (غيتي)
ساخاروف كان ألمع علماء الفيزياء النووية في الاتحاد السوفياتي (غيتي)

قبل خمسين عاما من اليوم قال عالم الفيزياء النووية الروسي أندريه ساخاروف إنه يجب على من يعيشون في مجتمعات مفتوحة أن يكافحوا من أجل حرية من ولدوا في مجتمعات مغلقة.

وكتب ساخاروف ذلك في مقالة بدأ توزيعها سرا في 22 يوليو/تموز 1968 على نطاق الاتحاد السوفياتي لتساهم لاحقا في إسقاط النظام السوفياتي، وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد كرست عددا من صفحاتها لنشر ذلك المقال بعد أسابيع من توزيعه بالداخل.

وأوضح الكاتب ناتان شارانسكي -الذي عمل متحدثا باسم ساخاروف في مقال له بنيويورك تايمز أمس- أن مقالة ساخاروف صدرت بعنوان مخفف هو "أفكار بشأن التقدم.. التعايش السلمي والحرية الفكرية"، لكنها كانت مقالة متفجرة.

الخرافات الجماعية
وورد في مقالة ساخاروف "إن الحرية الفكرية هي الضمان الوحيد لحماية البشر من عدوى الخرافات الجماعية، والتي يستغلها الخونة المنافقون والديماجوجيون ويحولونها إلى ديكتاتوريات دموية".

وبانتشار تلك المقالة أصبح ألمع الفيزيائيين في الاتحاد السوفياتي فجأة أكبر المنشقين أهمية هناك، حيث جردته السلطات من أوسمته وجوائزه وسجنت العديد من زملائه، ونفته إلى مدينة غوركي على نهر الفولغا.

وساهمت مقالة ساخاروف -التي تصادف نشرها مع ربيع براغ 1968- في تنشيط الحركات الديمقراطية المنشقة التي كانت في بداياتها في عهد ما بعد الرئيس الأسبق للاتحاد السوفياتي جوزيف ستالين.

بوصلة أخلاقية
وقال شارانسكي إن الاحترام الذي كان يتمتع به ساخاروف صنع منه بوصلة أخلاقية ليس في الشرق فحسب، بل في الغرب أيضا.

رغم الاختلاف الكبير بين سياسات الرئيسين الأميركيين السابق باراك أوباما والحالي دونالد ترامب فإنهما يتشاركان في الفصل بين حقوق الإنسان والسياسة الخارجية

وكان ساخاروف يصر على أن العلاقات الدولية يجب أن تأخذ في اعتبارها السلوك الداخلي للدول "الدولة التي لا تحترم حقوق شعبها لن تحترم حقوق الجيران والدول الأخرى".

وعندما شن ساخاروف وزملاؤه في السبعينيات والثمانينيات حملة ضد تلطيف العلاقات بين المعسكرين الاشتراكي والغربي دون الاهتمام بحقوق الإنسان، وقد دعم الجمهوريون والديمقراطيون "ذوو الضمائر" في الولايات المتحدة دعوة ساخاروف.

ورغم اختلاف رؤاهما في كثير من القضايا كان الرئيسان الأميركيان السابقان الديمقراطي جيمي كارتر والجمهوري رونالد ريغان يربطان بشكل وثيق بين حقوق الإنسان والسياسة الخارجية الأميركية.

أيام مماثلة
وقال الكاتب إن الذكرى السنوية الخمسين لمقالة ساخاروف تأتي في أيام مماثلة في ظلمتها بالولايات المتحدة.

وأضاف أنه ورغم الاختلاف الكبير بين سياسات الرئيسين الأميركيين السابق باراك أوباما والحالي دونالد ترامب فإنهما يتشاركان في الفصل بين حقوق الإنسان والسياسة الخارجية، إذ كان أوباما يعطي أولوية للشراكة مع النظم الديكتاتورية بدلا من رفض سجلاتها في حقوق الإنسان.

أما ترامب فقد نقل السياسة الخارجية الأميركية الخالية من الاهتمام بحقوق الإنسان إلى مرحلة جديدة من "العبثية"، فقوله إن الكوريين الشماليين يدعمون رئيسهم كيم جونغ أون يهدد الموقف الأخلاقي لأميركا ويهدد "منشقي" كوريا الشمالية، ويمنح شرعية لديكتاتورها، وكذلك رفضه مجابهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية 2016.

المصدر : نيويورك تايمز