اليمن.. حين تجوع الأم لتطعم أطفالها

One-year-old Fatima Abdullah Hassan, who suffers from severe malnutrition, lies in bed at a malnutrition treatment center in the Red Sea port city of Hodeida, Yemen December 20, 2017. REUTERS/Abduljabbar Zeyad
طفلة (عام واحد) تعاني من سوء التغذية الحاد بمستشفى بالحديدة ديسمبر/كانون الثاني الماضي (رويترز)
صعدت أم مرزاح إلى ميزان الطبيب لمعرفة وزنها الذي بلغ 38 كيلوغراما فقط حتى مع ملابسها السوداء. وفوق ذلك فهي حامل، لكنها ظلت تجوّع نفسها لتغذية أطفالها، وهي تضحية ربما لا تكفي لإنقاذهم.

الأمهات مثل أم مرزاح أصبحن في كثير من الحالات الدفاع الوحيد ضد الجوع الذي قتل آلاف اليمنيين. فإنهن يتخلين عن الكثير من وجبات طعامهن القليل أساسا، ويلجأن إلى النوم هربا من ألم الجوع، ويخفين وجوههن التي أصبحت خالية إلا من العظام، وأجسامهن الهزيلة في عباءات وأغطية سوداء ثقيلة.

ورد ذلك في تقرير نشرته صحيفة إندبندنت البريطانية عن المجاعة والأمراض والحرب في اليمن، قالت فيها إن طبيبا بالمستشفى الحكومي بمدينة عدن طلب من أم مرزاح أن تصعد مرة أخرى إلى الميزان بطفلها مرزاح ليتبين أن وزنه، وهو في الشهر السابع من عمره، يساوي 5.8 كيلوغرامات فقط وهو نصف الوزن الطبيعي للأطفال في عمره.

كل مؤشرات سوء التغذية الحاد والشديد، وهي أخطر مراحل الجوع، واضحة على مرزاح. ساقاه وقدماه متورمة جراء الحرمان من البروتين. فعندما يضغط الطبيب بأصبعه على جلد قدمه يظل الأثر ثابتا لفترة بالقدم.

حافة الموت
هناك حوالي ثلاثة ملايين امرأة وطفل باليمن يعانون من سوء التغذية الحاد بينهم 400 ألف طفل على حافة الموت، مثل مرزاح. وحوالي ثلث سكان اليمن البالغ مجموعهم 29 مليون نسمة يعتمدون بشكل كامل في طعامهم الآن على المساعدات، وفي حال عدم توفرها فليس أمامهم إلا الموت جوعا. وقد ازداد هذا الرقم بنسبة الربع خلال العام الماضي.

وحذرت منظمات العون من أن أجزاء من اليمن ربما تشهد قريبا بداية انتشار الموت من المجاعة، بالإضافة إلى ازدياد عدد من يصبحون معتمدين على المعونات المتناقصة.

والحرب التي أكملت سنتها الثالثة الآن تستمر بلا نهاية في الأفق بين الحوثيين والتحالف الذي تقوده السعودية.

لا أحد يعرف كم عدد الموتى جراء الجوع أو المرض لأن السلطات غير قادرة على تتبع وقائع الموت، لكن منظمة "سيف ذا شيلدرن" لإنقاذ الأطفال قدرت أواخر العام الماضي أن عددهم ربما يصل إلى حوالي 50 ألفا خلال عام 2017.

أكبر حالة طوارئ
يقول مدير اليمن ببرنامج الأغذية العالمي ستيفن أندرسون إنه، وللأسف، يعتبر اليمن حاليا أكبر حالة طوارئ في العالم، إذ لا يدري 18 مليون شخص به الآن من أين تأتي وجبتهم التالية.

ودمرت الحرب كل ما كان يحافظ على اليمن فوق حافة المجاعة. ومقاتلات التحالف تقصف المستشفيات والمدارس والمزارع والمصانع والجسور والطرق، وحاصرت برا وجوا وبحرا المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بما فيها ميناء الحديدة الذي كان يمر عبره 70% من واردات البلاد.

وفي العديد من المناطق هناك طعام بالأسواق، لكن وببساطة لا يستطيع الناس شراءه لأن مرتباتهم توقفت لشهور أو لأنه لا توجد فرص عمل، كما أن قيمة العملة اليمنية قد انهارت.

مجاعة كاملة وصريحة
وحذرت الأمم المتحدة من أن العديد من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة المدعومة من التحالف العربي هي الأرجح أن تضربها المجاعة الكاملة والصريحة.

وعن آلية ضرب الجوع وسوء التغذية للجسم، تقول الصحيفة إن سوء التغذية إذا طالت فترته يُفقد الجسم مخزونه من المواد الكربوهيدراتية والدهون والبروتينات فيبدأ الجسم أكل نفسه، ويبدأ الدماغ في الصراع من أجل الحصول على الطاقة، ويتقلص حجم القلب ويتشقق الجلد ليعرض الجسم لمختلف أنواع العدوى.

وتضيف أن وظائف الكلى والكبد تبدأ بالاختلال الأمر الذي يفتح الباب لتراكم السموم داخل الجسم لتؤدي إلى دائرة شريرة من الأمراض المهلكة.

المصدر : إندبندنت