الديمقراطية في الغرب.. مريضة أم في طريقها للموت؟

COLOGNE, GERMANY - APRIL 22: Protesters demonstrating against the right-wing populist Alternative for Germany (AfD) political party federal congress on April 22, 2017 in Cologne, Germany. Up to 50,000 people were expected to participate in the protests against the AfD, which is holding its federal congress of delegates following the recent surprise announcement by its chairwoman Frauke Petry that she will not run in German federal elections scheduled for September. The AfD saw a surge in popularity that helped it capture seats in 10 state parliaments, though more recently that party has seen its poll numbers slip. It has also been plagued by infighting between more moderate and radical factions of its leadership. (Photo by Lukas Schulze/Getty Images)
ألمانيا شهدت احتجاجات على الحزب اليميني المتشدد "بديل لألمانيا" في أبريل/نيسان 2017 (غيتي)
هل الديمقراطية في طريقها إلى الموت بأنحاء أوروبا أم أنها فقط تعاني جراء المرض والاعتلال؟ وماذا عن حالها في أميركا؟ وما القوى التي ينبغي لليبراليين مواجهتها في هذا السياق؟

هذا ما تتساءل بشأنه صحيفة تايمز البريطانية من خلال الكاتب أليكس ماسي الذي يقول إن الشباب ينظرون بشكل متزايد إلى المساءلة السياسية كخيار إضافي، وهو ما يعطي التطرف موطئ القدم الذي يحتاجه.

ويصف الكاتب الأوضاع الراهنة في أوروبا بأنها قاتمة، ويقول إن الأضواء إن لم تكن في طريقها للانقطاع في جميع أنحاء القارة، فإنها على الأقل بدأت تومض منذرة بالانطفاء.

ويشير إلى نزعة الثأر والاستياء القومي في أوروبا بدءا من مدينة ستيتين في بحر البلطيق إلى مدينة تريستي في الأدرياتيكي.

الرئيس جورج بوش الابن جالسا بالمكتب البيضاوي في 20 يناير/كانون الثاني 2001 بينما يشاركه اللقطة والده الرئيس جورج بوش الأب (غيتي)
الرئيس جورج بوش الابن جالسا بالمكتب البيضاوي في 20 يناير/كانون الثاني 2001 بينما يشاركه اللقطة والده الرئيس جورج بوش الأب (غيتي)

نظام عالمي جديد
ويضيف أن نظرية المكاسب الهامشية التي طالما دافع عنها الديمقراطيون الليبراليون والأوصياء على ما اعتبره الرئيس جورج بوش الأب على نحو متفائل "النظام العالمي الجديد"، لم تعد تبدو مصيرا واضحا.

ويشير إلى أن العولمة قد شكلت نجاحا مدهشا -وإن كان بشكل غير مكتمل- وذلك بالنسبة لمليارات الأشخاص في آسيا وأفريقيا، لكن المكاسب في الشرق والجنوب جاءت على حساب الغرب والشمال، على حد قوله.

ويبدو على نحو متزايد كأن عصر ما بعد الحرب كان يشكل فترة استثنائية رغم كل مشاكله، وخاصة إذا كان المرء ضمن الشرائح الطموحة في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية، وذلك حيث توقع الآباء أن يكون لأطفالهم آفاق أفضل مما كانوا يتمتعون به هم أنفسهم.

ويشير إلى أن القناعات والثوابت القديمة تعتبر في حالة عراك في كل مكان، وأن الولايات المتحدة تتجه نحو منطقة المحيط الهادئ عندما لا تكون مشغولة بنفسها وتقوم بتمزيق القواعد التي تحكم الشؤون الدولية.

هذا بالنسبة للولايات المتحدة، فماذا بشأن أوروبا؟

تمزيق القواعد الدولية
يقول الكاتب إنه مع تعرض العلاقة بين ضفتي الأطلنطي للخطر، فإن أوروبا تبدو أيضا متوترة شرقا، ولا تهتم كثيرا بما تراه.

ويضيف أنه لا عجب في أن أوروبا تشعر بأنها قد تُركت في الخلف، ولا عجب أيضا في أن الديمقراطية تبدو أضعف مما كانت عليه في السنوات الماضية، وذلك لأنه تم إفراغها من أسفلها عن طريق الموجات الشعبوية الساخطة، ولأنه أيضا تم قمعها من فوقها عن طريق ميل الاتحاد الأوروبي للاعتقاد أنه دائما يعرف ما الأفضل.

ويقول إن الليبرالية يمكنها أن تواجه واحدة من هاتين القوتين، بيد أن مقاتلتها للقوتين معا تبدو فوق طاقتها.

الآلاف في المجر تظاهروا احتجاجا على الفساد في بلادهم أواخر 2014 (رويترز)
الآلاف في المجر تظاهروا احتجاجا على الفساد في بلادهم أواخر 2014 (رويترز)

تطرف اليمين واليسار
ويتحدث الكاتب بإسهاب عن مزيد من التفاصيل بهذا السياق، مشيرا إلى أن الحكومات القومية في المجر وبولندا تهدد حكم القانون، وأن أحزاب اليمين المتطرف أو اليسار المتطرف في إيطاليا وألمانيا والنمسا واليونان تسجل نتائج انتخابات قياسية، وأن كتالونيا لا تزال تهدد بالانفصال عن إسبانيا، بينما تشير استطلاعات الرأي في السويد إلى أن اليمين المتطرف قد يفوز بنسبة 20% من الأصوات في الانتخابات في وقت لاحق من العام الجاري.

أما الاتجاهات الأطول أمدا فهي -إن وجدت- أكثر كآبة، مضيفا أن الأوروبيين ينسون بسهولة أن الديمقراطية تعتبر تطورا حديثا في الكثير من أنحاء أوروبا، وأن عمرها بالكاد يقترب من 25 عاما في شرق أوروبا، وأنها في منتصف العمر في معظم أنحاء البحر الأبيض المتوسط.

استطلاع بشأن أوروبا
ووفقا لاستطلاع أجرته مؤسسة بيو بشأن الاتجاهات العالمية ونشرته الخريف الماضي، فإن خمس المواطنين الإسبان واليونانيين يعتقدون أن الديمقراطية التمثيلية تعتبر طريقة سيئة لإدارة بلديهما، بينما يوافق 29% من الناخبين في إيطاليا على الحكومة التي يمكن للقائد القوي فيها اتخاذ قرارات دون تدخل من البرلمان أو المحاكم.

ويضيف الكاتب أن 26% من البريطانيين متساوون في النظرة الناعمة للأتوقراطية أو الاستبداد أو حكم الفرد المطلق.

ووفقا لبحث يعود إلى مجلة الديمقراطية (ذي جورنال أوف ديموكراسي) في 2016، فإن ما يقرب من 40% من أبناء الألفية البريطانية لم يعودوا يعتقدون أن الديمقراطية حيوية.

ويكرر الكاتب القول إن الديمقراطية ربما ليست في حالة موات، ولكنها مريضة، ويضيف أن استطلاعا أجرته شركة إيبسوس موري العام الماضي على ألفي بريطاني دون سن الثلاثين، كشف عن أن 44% منهم لم يصوتوا أبدا.

حال الديمقراطية بأميركا
ويمضي الكاتب في الحديث بإسهاب عن مزيد من التفاصيل في هذا السياق، حيث يقول إن الشيء الوحيد الذي يعتبر لصالح أوروبا هو أن الحال لدى الولايات المتحدة يعتبر أسوأ منها.

ويضيف أن 30% فقط من جيل الألفية الأميركيين يعتقدون أن من "الضروري" العيش في ظل نظام ديمقراطي، وهو افتراض يتم اختباره الآن على أساس تغريدة أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

بيد أنه على النقيض من هذا، فإن 75% من الأميركيين الذين ولدوا في ثلاثينيات القرن الماضي يعتقدون أن الديمقراطية تعتبر ضرورية. ولكن إذا كان أنصار ترمب وأعداؤه يتفقون على شيء واحد، فإنه اليأس.

المصدر : الجزيرة + تايمز