كيف اتحدت الإمارات واللوبي اليهودي للسيطرة على واشنطن؟
دعا أكاديمي بريطاني الأميركيين للتخفيف من هوسهم بالتدخل الروسي في الشؤون الأميركية، والاهتمام بتنسيق دولة الإمارات مع اللوبي اليهودي (أيباك) للسيطرة على واشنطن.
وأوضح أن شبكة معقدة من المحافظين الجدد التي وحّدت بين اللوبيات الإسرائيلية وعملاء الإمارات نجحت في خلق "مطبخ قوي" لا يمكن للجمهوريين ولا البيت الأبيض أن يتجاهلوه.
تغطية مهووسة
ونجح التأثير الإماراتي على دوائر المحافظين الجدد عموما وعلى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على وجه الخصوص أن يتوارى عن الاهتمام، وسط التغطية المهووسة بالتدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الرئاسية الأميركية 2016.
العلاقات الشخصية لكوشنر بابن زايد واللوبي الإماراتي وقربه من (أيباك) تسببت في جعل صهر الرئيس موافقا على خطة حصار قطر. ويبدو أن كوشنر نجح في تقويض اعتراضات وزيري الخارجية والدفاع |
وكما يشير التحقيق الذي يتمدد للمحقق الخاص روبرت مولر، ربما تكون الإمارات قد أصبحت الأكثر تأثيرا على سياسة واشنطن في الشرق الأوسط، كما أصبح تأثيرها يضاهي تأثير اللوبي الإسرائيلي (أيباك).
وأنشأت الإمارات بشكل بارع وماكر شبكة من صناع القرار السياسي والباحثين والخبراء والحسابات الإلكترونية "المفبركة" بالولايات المتحدة والتي تحاكي في كثير من الأوجه طرق بث الرسائل من قبل اللوبي الداعم لـ إسرائيل.
موانئ دبي العالمية
وظهرت إستراتيجية الإمارات لشراء النفوذ بواشنطن عام 2008 عقب هزيمة "موانئ دبي العالمية" حينما رفض كبار المسؤولين الأميركيين بيع الموانئ الأميركية الكبيرة لشركة مقرها الإمارات. وكان رد الأخيرة على تلك الهزيمة بأن تحاول الخروج من "الصورة السلبية" التي تظهرها باعتبارها مجرد دولة أخرى من الشرق الأوسط ولا أكثر من ذلك.
وقال كريغ إن ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد عهد إلى سفيره الجديد آنذاك يوسف العتيبة بمهمة خلق صورة جديدة لأبو ظبي في واشنطن باعتبارها دولة التسامح وشريكة واشنطن في همومها ومخاوفها الأمنية.
ونجح العتيبة في خلق الصورة المرغوبة داخل مطبخ المحافظين الجدد بواشنطن، وذلك بالضغط على وتر مخاوف هؤلاء المحافظين من الإسلام السياسي وإيران، وهي المخاوف التي بدأ إشعالها اللوبي الصهيوني ومؤيدوه.
مليارات الدولارات
وأنفق العتيبة عشرات مليارات الدولارات ليس بشراء النفوذ في مراكز البحث القائمة التابعة للمحافظين الجدد مثل مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية ومجلس الأطلنطي أو معهد الشرق الأوسط فحسب، بل لإنشاء مركز خاص بالإمارات "معهد دول الخليج العربية".
كان كوشنر صهر ترمب والقريب من اللوبي الصهيوني، والذي كان يواجه مصاعب مالية، عرضة للإغراء الإماراتي عقب رفض الدوحة إنقاذه ماليا |
وأكمل قرب الباحثين بهذه المراكز من صناع القرار بـ "الكابيتول هيل" البنية التحتية لدائرة تواصل الإمارات وتأثيرها في قلب السلطة الأميركية.
وبينما كانت مهمة العتيبة -يقول كريغ- ذات طبيعة دفاعية في مجملها في البداية، حولت ثورات الربيع العربي الإستراتيجية الإعلامية الإماراتية بواشنطن إلى موقف الهجوم.
حصار الصورة
ففي عام 2011، وعندما كانت ثورات تغيير الأنظمة تجتاح المنطقة العربية، وجدت الصورة التي خلقتها الإمارات عن "الاستقرار الاستبدادي" نفسها تحت الحصار، خاصة من قبل جارتها قطر التي دعمت تطلعات شعوب المنطقة للعدل الاجتماعي والتعددية السياسية.
ووظفت أبو ظبي بشكل إستراتيجي البنية التحتية لنفوذها ليس لانتقاد ومعارضة سياسة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما بالشرق الأوسط، بل لتشويه سمعة قطر في المقام الأول.
وأصبحت الرسائل الإماراتية ضد الدوحة بأميركا تتسم بتزايد العداء عقب أزمة 2014 بالخليج. فقد استخدمت جيشا من الحسابات الإلكترونية المفبركة "ترولات" وروبوتات الإنترنت لنشر المزاعم غير المقنعة والتي لا تستند إلى أساس واصطنعتها فرق البحث والخبراء القريبون من الإمارات حول "دعم قطر للإرهاب" وهي رواية تعيد صدى نظرية السير الناقل التبسيطية التي روّجت لها مراكز البحث التابعة للمحافظين الجدد والتي تخلط بين كل أشكال الإسلام السياسي والسلفية الجهادية التي يتبناها تنظيم الدولة.
سطوة الأكاذيب
وتم تصنيف المساعدات الإنسانية القطرية لـ حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في قطاع غزة باعتبارها دعما للإرهاب، وكذلك دعم الدوحة لحركات المعارضة السياسية في دول الربيع العربي، وهي رواية رنّ صداها بقوة وسط مؤيدي إسرائيل.
تصريحات ترمب بحديقة الورود بالبيت الأبيض حول حصار قطر كانت مجرد صدى لروايات الإمارات ومزاعمها ضد الدوحة |
وكانت حملة ترمب المفتقرة للخبرة والملونة بأيديولوجية المحافظين الجدد والمروّجة للخوف من "الإرهاب" عرضة بشكل قوي لتبني مزاعم أبو ظبي التي تصنعها بواسطة وكلائها -مثل إريك برينس وإليوت برويدي- الذين تربطهم وبعمق مصالح بالإمارات.
وعلى وجه الخصوص، كان جاريد كوشنر صهر ترمب والقريب من اللوبي الصهيوني -والذي كان يواجه مصاعب مالية- عرضة للإغراء الإماراتي عقب رفض قطر إنقاذه ماليا.
وبالرسائل المغرضة وشراء الخبرات وتطوير العلاقات التجارية والعلاقات الشخصية، استطاعت الإمارات أن تهيمن ليس على حوار واشنطن حول شؤون الشرق الأوسط فحسب، بل وأهم من ذلك الصياغة المباشرة للنهج الأولي لإدارة ترمب تجاه حصار قطر عندما أصبح كوشنر كبير مستشاري ترمب للمنطقة.
وتسببت العلاقات الشخصية لكوشنر بابن زايد واللوبي الإماراتي وقربه من (أيباك) في جعل صهر الرئيس موافقا على خطة حصار قطر. ويبدو أن كوشنر نجح في تقويض اعتراضات وزيري الخارجية ريكس تيلرسون والدفاع جيمس ماتيس ضد الحصار.
وختم الأكاديمي البريطاني مقاله بأن تصريحات ترمب في حديقة الورود بالبيت الأبيض حول حصار الدوحة كانت مجرد صدى لروايات الإمارات ومزاعمها ضد دولة قطر.