ستراتفور: قرار تركيا بعمليات عفرين ليس مفاجئا

عملية عفرين.. تصعيد تركي عسكري وخطابي
عملية عفرين.. تصعيد تركي عسكري وخطابي (الجزيرة)

قال موقع الأبحاث الأميركي ستراتفور إن قرار تركيا بشن هجوم عسكري كاسح في منطقة عفرين السورية لا ينبغي أن يكون مفاجئا لأنه خلال السنوات الثلاث الماضية لحملة دحر تنظيم الدولة تحولت الولايات المتحدة بشكل متزايد تجاه الأكراد السوريين، وقوتهم القتالية والسياسية الأكثر هيمنة المتمثلة في وحدات حماية الشعب، المنظمة الشقيقة لحزب العمال الكردستاني الذي حارب الدولة التركية لأكثر من أربعة عقود واستغل الحرب الأهلية الدائرة في سوريا لإقامة منطقته المستقلة في شمال شرق سوريا المعروفة بالروجافا (كردستان السورية).

وأشار المقال إلى تخوف أنقرة من أن يؤدي تجرؤ كرد سوريا وهيمنة وحدات حماية الشعب، الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي زادت قوته في السنوات الأخيرة، إلى إثارة سكانها الأكراد القلقين، وبالتالي تعزيز تمرد حزب العمال. كما أن تركيا تلوم علاقة واشنطن بوحدات حماية الشعب وسياساتها في سوريا بالأزمة الحالية. وأضاف أن واقع الأمر يتعلق بفرص ضائعة وحسابات خاطئة من جانب تركيا ووحدات حماية الشعب والولايات المتحدة.

واستعرض بعض هذه الفرص الضائعة والحسابات الخاطئة -وفق رأي الموقع- منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا والحرب على تنظيم الدولة هناك، ورأى أن التوغل العسكري التركي يأتي في لحظة حاسمة لمستقبل سوريا والجغرافيا السياسية الإقليمية.

وأضاف أن خطاب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون الأسبوع الماضي وإعلان إدارة ترمب إستراتيجيتها في سوريا، وخاصة الإعلان عن قوة حدود من ثلاثين ألف فرد مشكلة أساسا من وحدات حماية الشعب كان إشارة الانطلاق للبدء في النظام السياسي بسوريا بعد تنظيم الدولة. والتوغل العسكري لأنقرة كان الغرض منه ممارسة الضغط على وحدات حماية الشعب، ولكنه ساعد أيضا في المطالبة بحصة أقوى في البلد مع تحرك المجتمع الدولي قدما في جهوده الرامية إلى تحقيق تسوية سياسية وإعادة بناء سوريا بعد التنظيم.

السياسة والأمن يتداخلان، ويجب على تركيا أن تدرك أن توغلها في سوريا لا يزيد من تطرف سكانها الأكراد وقواعد دعم حزب العمال فحسب، بل ويخاطر أيضا بتوحيد الجماعات الكردية المنقسمة في سوريا

ولأن الحضور يعني القوة، اكتشفت تركيا ذلك في كردستان العراق بالتسعينيات حيث توصلت إلى اتفاق مع دولة كردية بحكم الأمر الواقع. وبالتعاون مع التحالف الذي تقوده واشنطن في مراقبة منطقة حظر الطيران وبتطوير علاقات أقوى مع الأكراد العراقيين أصبحت تركيا أكثر قدرة على التأثير على الأحداث بالعراق ككل، بالإضافة إلى حصولها على الفوائد الاقتصادية التي جاءت مع إقامة علاقات تجارية مع حكومة إقليم كردستان.

وأشار المقال إلى إمكانية تكرار ذلك مرة أخرى في كردستان السورية، ولكن ليس قبل أن تضع واشنطن إستراتيجية سياسية تهدف إلى تهدئة المخاوف التركية بقدر ما تهدف إلى استخدام كردستان السورية كقوة فعالة وطويلة الأجل ضد عودة تنظيم الدولة وتوسع إيران، وفق خطاب تيلرسون الأسبوع الماضي.

وختم بأن السياسة والأمن يتداخلان، وأنه يجب على تركيا من جانبها أن تدرك أن توغلها في سوريا لا يزيد من تطرف سكانها الأكراد وقواعد دعم حزب العمال الكردستاني فحسب، بل ويخاطر أيضا بتوحيد الجماعات الكردية المنقسمة في سوريا.

وهذا التوغل التركي قد يؤدي إلى تثبيت حزب العمال كبطل للقومية الكردية على حساب الجماعات الكردية الأخرى في المنطقة التي تربطها بتركيا والغرب شراكة تاريخية، وخاصة كردستان العراق. وفي سبيل المضي قدما، يجب على الولايات المتحدة أن تهدف لتكرار التاريخ من خلال وضع إستراتيجية سياسية للأكراد السوريين بالطريقة نفسها التي اتبعتها مع الأكراد العراقيين، خشية أن يتم ملء الفراغ السياسي من قبل منافسيها.

المصدر : الصحافة الأميركية