لماذا تسعى روسيا للعمل مع طالبان؟

FILE PHOTO: U.S. Marines prepare themselves before going training with Afghan National Army (ANA) soldiers in Helmand province, Afghanistan July 6, 2017.REUTERS/Omar Sobhani/File photo
أفراد من المارينز الأميركيين يستعدون لتدريب أفراد من الجيش الأفغاني بمحافظة هيلمند في يوليو/تموز 2017 (أسوشيتد برس)

ذكر مقال نشرته واشنطن بوست أن موسكو تسعى للعمل مع جزء من حركة طالبان لتحدي قواعد العمل المتفق عليها دوليا بشأن العمل مع هذا التنظيم الإسلامي "المتطرف"، ولأن التوصل إلى سلام في أفغانستان دون طالبان غير ممكن.

وقال الباحث في جامعة أكسفورد البريطانية صمويل راماني إن صناع القرار في روسيا يؤيدون العمل مع فصائل طالبان التي تؤيد تسوية سلمية في البلاد، وفي الوقت نفسه الضغط على الفصائل التي تسعى لزعزعة استقرار أفغانستان التي مزقتها الحرب.

وأوضح أن الإستراتيجية الروسية الانتقائية للعمل مع طالبان تتباين مع الرفض التاريخي الأميركي للعمل مع الحركة، وهو ما يشير إلى أن موسكو تسعى لبناء إجماع عالمي حول نهجها وتعزيز وضعها كقوة مجابهة للهيمنة الأميركية.

معسكران بطالبان
وتصنف روسيا رسميا طالبان منظمة "إرهابية"، لكن منذ 2007 ظلت موسكو تحتفظ بروابط دبلوماسية مع أعضاء من طالبان، وفسر الكاتب هذا التناقض بأنه نابع من اعتقاد موسكو بإمكانية تقسيم طالبان إلى معسكرين رئيسيين.

المعسكر الأول يضم المعتدلين الراغبين في المشاركة في محادثات سلام وهزيمة "الإرهاب" العابر للدول، والمعسكر الثاني -المقابل- يضم الأعضاء الممانعين الذين يتطلعون لتهديد سلطة الحكومة الشرعية في أفغانستان.

وأضاف راماني أن صناع القرار الروس يميزون بين المعسكرين بتحليل المصالح الإستراتيجية والتفضيلات السياسية للقادة في الصفوف الوسطى والعليا بالحركة، خاصة بالبحث عن الفصائل التي تتمتع بنفوذ سياسي كبير في المناطق التي بها تركيز عالٍ من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، والذين يعارضون تهريب المخدرات.

حلفاء عمليا
ويقول إنه نظرا إلى العداء الأيديولوجي بين طالبان وتنظيم الدولة، فإن روسيا تعتبر مقاتلي طالبان في المناطق الغربية من أفغانستان -التي توجد فيها أعداد كبيرة من مقاتلي تنظيم الدولة- حلفاء على الصعيد العملي.

ففي ديسمبر/كانون الأول 2015، قال الخبير السابق في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) فيليب ماد إن روسيا تتبادل من وقت لآخر معلومات استخبارية مع أعضاء طالبان المعارضين لتنظيم الدولة.

كذلك تردد أن روسيا زودت مقاتلين من طلبان في منطقة خراسان بأسلحة صغيرة، ودعمت جهود إيران لتدريب المؤيدين لطالبان في المنطقة.

تهريب المخدرات
ولموسكو مخاوف من تهريب المخدرات من أفغانستان إلى آسيا الوسطى وروسيا، لذلك فإن أعضاء طالبان المعارضين لتهريب المخدرات أصبحوا عمليا شركاء لموسكو.

وتعتبر موسكو التعاون الناجح مع فصائل طالبان في مكافحة "الإرهاب" والمخدرات أساسا مفيدا للبناء عليه، وانخراط قادة هذه الفصائل في تسوية سلمية. وقال الكاتب إن هذا التقويم المتفائل يعتمد على التعامل التاريخي لروسيا مع طالبان.

وأشار المبعوث الرئاسي الروسي لأفغانستان زامير مابولوف إلى نجاح موسكو في حل أزمة الرهائن 1995-1996، لتبرير أن الحوار مع المعتدلين في طالبان يمكن أن يحقق نتائج إيجابية.

تكرار النجاح
وأشار الكاتب إلى أن العروض الدبلوماسية الروسية لطالبان تهدف لتكرار ذلك النجاح، وإنشاء نموذج للعمل الدبلوماسي مع التنظيمات الإسلامية "المتطرفة" التي يمكن تطبيقها في مناطق صراع أخرى.

كما أشار أيضا إلى هدف روسيا الأكبر وهو بناء إجماع دولي يعزل الولايات المتحدة. فقد ظلت موسكو منذ ديسمبر/كانون الأول 2016 تستضيف محادثات دبلوماسية منتظمة لحل أزمة أفغانستان السياسية، وتتضمن هذه المحادثات طلبات مباشرة للمعتدلين بطالبان للمشاركة في محادثات سلام مع الحكومة الأفغانية.

وقد رفضت الولايات المتحدة المشاركة في هذه المحادثات لترددها في التعامل الدبلوماسي مع طالبان، لكن اتساع هذه المحادثات من قمة لثلاث دول هي روسيا والصين وباكستان في ديسمبر/كانون الأول 2016، إلى تجمع يضم 11 دولة منها دول آسيا الوسطى وإيران والهند، وممثلين لأفغانستان في أبريل/نيسان 2017؛ يشير إلى أن إستراتيجية العمل الروسية الانتقائية تجتذب المزيد.

المصدر : واشنطن بوست