تقارير عن انهيار قطاع الصحة وجوانب الحياة بغزة

نيوزويك ترصد انهيار قطاع الصحة بغزة
مستشفيات قطاع غزة تعاني من شح الإمدادات الطبية وتتأثر بانقطاع الكهرباء (نيوزويك)

نشرت مجلة نيوزويك الأميركية الأحد تقريرا مأساويا عن انهيار القطاع الصحي في قطاع غزة، وسط تردي الخدمات وانقطاع الكهرباء وارتفاع البطالة إلى 60%.

وجاء في تقرير المجلة أن غزة تمر بأسوأ مرحلة منذ أن فرضت عليها إسرائيل حصارا بحريا وبريا وجويا قبل عشر سنوات، مما أدى إلى انهيار مختلف جوانب الحياة.

ويقول التقرير الذي كتبته راشيل بوريل إن القطاع الصحي في غزة ظل على حافة الانهيار منذ سنوات، ولكنه وصل الآن إلى القاع.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية توفي ثلاثة رضع حديثو الولادة في العناية المركزة بمستشفى الشفاء في قطاع غزة، وهؤلاء هم من تسعة مرضى توفوا هذا العام أثناء انتظارهم الرد على طلبات قدموها للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية من أجل تحمل نفقات علاجهم خارج القطاع.

ويعتبر الحصول على هذه التغطية من السلطة شرطا لتمكن مرضى غزة من العبور إلى إسرائيل أو إلى الضفة لتلقي العلاج.

وتقول التقارير إن السلطة تعمدت تجاهل الطلبات أو تأخيرها منذ أبريل/نيسان الماضي، في محاولة منها لتقويض غريمتها حماس التي تسيطر على القطاع.

وتحدثت الصحيفة إلى أبي خليل، وهو واحد من آلاف الغزيين الذين باتت حياتهم "في وضع الانتظار" نتيجة تأخر الرد على طلبات التغطية العلاجية.

تحديات هائلة
ويعاني اثنان من أبناء الرجل من مرض وراثي في الدم يدعى الثلاسيميا، ويحدق بهم خطر السكتة القلبية بالإضافة إلى مشاكل صحية أخرى. وقد توفي اثنان من أصدقائهما في يونيو/حزيران الماضي بسبب المرض ذاته القابل للعلاج.

وعرض طبيب إسرائيلي إجراء تحاليل لهما في مركز شيبا الطبي بإسرائيل، ولكن شبكة التعقيدات البيروقراطية تضع تحديات هائلة أمام أبي خليل مما يعيق تحويل ابنيه لتلقي العلاج.

وقبل كل شيء، بجب على أبي خليل الحصول على تعهد من السلطة الفلسطينية بتغطية علاج ولديه في إسرائيل.

ويوجد في غزة 1600 مريض -بينهم مصابون بالسرطان– ينتظرون رد السلطة على طلبات تغطية علاجهم، طبقا لإفادات من أطباء يعملون في منظمات حقوقية بإسرائيل.

يشار إلى أن أزيد من 90% من أدوية أمراض السرطان غير متوفرة في قطاع غزة.

وبعد غضب في وسائل الإعلام، بدا أن السلطة بصدد استئناف إصدار التعهدات المالية لتغطية تكاليف العلاج، مما يسمح للمرضى الغزيين بالتقدم للحصول على تراخيص "العبور للعلاج".

هذا التطور يعطي فقط بصيص أمل لأبي خليل، لأن مكتب الإحالات في غزة ليس بإمكانه تحمل تكاليف تحويل ابنيه للعلاج في إسرائيل، وهنا يتعيّن على الرجل تقديم ابنه خليل لأن وضعه الصحي أكثر خطوة من أخيه عبد الله.

‪المرضى الرضع يعيشون أوضاعا حرجة في مشافي غزة‬ (الألمانية)
‪المرضى الرضع يعيشون أوضاعا حرجة في مشافي غزة‬ (الألمانية)

ويجب على أبي خليل الانتظار أسبوعا آخر حتى ترسل نتائج الفحوص مع الطلب إلى الضفة الغربية، وهناك لجنة ستقرر ما إذا كان من حقه البدء في تقديم الطلب للحصول على رخصة عبور إلى إسرائيل من أجل تلقي العلاج.

ومنذ بداية العام الحالي وضعت إسرائيل مزيدا من القيود الصارمة، مما قلص أعداد الغزيين الذين يحصلون على رخص العبور من أجل العلاج.

وعمليا، تمانع السلطات الإسرائيلية منح رخص العلاج للشباب من الرجال.

خوف وتعقيد
وبينما يتيه أبو خليل في مواجهة هذه التعقيدات، يتواصل تدهور حياة ولديه خليل وعبد الله.

يقول أبو خليل "بإمكانك أن تعيش من دون الكهرباء وأن تنجو من أشد الحالات صعوبة، ولكن لا تستطيع تحمل عدم حصولهما على العلاج. أعيش في خوف من فقدان ولديّ في أي دقيقة".

لقد شنت إسرائيل ثلاث حروب على غزة منذ 2008، مما ألحق خسائر فادحة بالبنى التحتية وتسبب في المزيد من الوهن للقطاع الصحي، وقد بات السكان على أعتاب كارثة إنسانية.

وتلفت الصحيفة إلى أن إسرائيل يتعين عليها -كونها قوة محتلة- ضمان رفاه السكان في قطاع غزة. ولكنها تحاصرهم بشكل غير قانوني مما جعل أبا خليل وآخرين تحت رحمة البيروقراطية السياسية للحصول على العلاج الطبي الذي يعتبر من الحقوق الأساسية.

وترى الصحيفة أن قطع السلطة الفلسطينية الخدمات الأساسية -بما فيها الإمدادات لطبية- عن سكان غزة يعتبر تجاهلا صارخا لحق الفلسطينيين في الحياة والعلاج، وتجليّا لرغبتها في أخذ الضعفاء رهائن من أجل الحصول على مكاسب سياسية.

وتختم التقرير بالقول "للأسف، فإن سكان غزة -مثل أبي خليل وابنيه- مجبرون على دفع ثمن هذه الخلافات".

المصدر : نيوزويك