نيوزويك: حصار قطر خطر على الأمن الأميركي

Trump (2-R) with King of Saudi Arabia Salman bin Abdulaziz Al Saud (2-L) during a welcome ceremony with traditional sword dancers at Murabba Palace, in Riyadh
زيارة ترمب للسعودية سبقت قرارات الحصار ضد قطر (الأوروبية)
تناولت مجلة نيوزويك الأميركية أزمة الخليج الراهنة والحصار المفروض على دولة قطر وموقف الولايات المتحدة منه، وأجابت عن تساؤل لماذا يؤدي دعم واشنطن للسعودية ضد دولة قطر إلى تعريض أمن أميركا للخطر.

ونشرت مقالا للكاتب أنتوني هاروود أشار فيه إلى الأزمة الخليجية، وقال إن السعودية وحلفاءها نشروا الجمعة الماضية لائحة تضم 13 مطلبا يجب على دولة قطر تحقيقها، وذلك من أجل إنهاء الحصار المفروض عليها، وحل الأزمة الإقليمية الأكثر جدية منذ حرب الخليج الثانية.

 وأشار إلى أن قطر تعرضت لتقطع السُبل، حيث فرض عليها جيرانها حصارا منذ الخامس من يونيو/حزيران الماضي، عندما أدى التوتر المتصاعد لاتخاذ السعودية والإمارات والبحرين ومصر خطوة غير مسبوقة تمثلت في قطع جميع العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل مع قطر وفرض حصار شامل عليها.

وأضاف أن هذا الحصار الذي فرضه المعسكر السعودي أدى إلى حدوث اضطرابات كبيرة في الغذاء والوقود والرحلات الجوية في جميع أنحاء المنطقة برمتها، وذلك وسط خشية الكثير من السكان من الانفصال عن أسرهم وفقدان لوظائفهم.

 طلبات دول الحصار
وقال الكاتب إن التحالف الذي تقوده السعودية يطالب دولة قطر ليس فقط بدفع تعويض مالي لا حدود له وبإغلاق شبكة الجزيرة، ولكن يطالب أيضا بخضوعها خضوعا تاما لجيرانها الخليجيين.

وأضاف أن الوضع برمته يشبه إلى حد ما المثل العربي الذي يقول "إن الذي لا يرغب في إعطائنا ابنته للزواج إنما يبالغ بمهرها" وقال إن مطالب المعسكر السعودي من دولة قطر تم تصميمها لتكون مستحيلة للامتثال.

وأضاف أن ما شجع هذا التحالف السعودي على اتخاذ إجراء ضد دولة قطر هو الالتزام الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بمعالجة الإرهاب في المنطقة.

واستدرك بالقول إن ترمب، وبشكل أكثر حدة وزير خارجيته ريكس تيلرسون، بدآ يدركان الآن عدم دقة هذه الادعاءات الموجهة من جانب المعسكر السعودي ضد دولة قطر، وإنهما بدآ بمحاولة إنهاء الحصار المفروض عليها.

ادعاءات معقدة
وقال الكاتب إن المراقبين الدوليين يتفقون على أن العوامل المحفزة لعزل قطر كانت مبنية على مجموعة معقدة من القضايا والاستياء، وذلك أكثر من كونها مبنية على دعم مزعوم من جانب قطر للتطرف.

وأضاف أن الباحث المتخصص بالسياسات الدولية في جامعة راجاراتنام التقنية بسنغافورة جيمس دورسي علق مؤخرا بالقول إنه يبدو أن لائحة المطالب التي تقدمت بها السعودية والإمارات من أجل رفع الحظر الاقتصادي والدبلوماسي عن قطر إنما تعتبر بعيدة كل البعد عن كونها "معقولة وقابلة للتنفيذ".

 وأضاف أن مجموعة المطالب التي قدمها التحالف بقيادة السعودية مصممة بشكل واضح ليس للتوصل إلى حل سلمي، بل لإلحاق عقاب وأضرار لا حدود لها، وذلك في محاولة لتشويه سمعة جارة صغيرة ولكنها لها صوتها.

وقال الكاتب إنه بينما يتوجه وزير الخارجية القطري إلى الولايات المتحدة، فإنه قد حان الوقت لواشنطن لأن تعمل على التئام هذا الصدع مع حليف قديم قبل أن تتصاعد الأزمة، وإنها أيضا فرصة لتجديد الجهود ضد التطرف أينما وُجد.

وأضاف أنه على الرغم من مبالغة السعودية والإمارات وحلفائهما في أسباب عزل قطر، فإن العواقب غير المقصودة لإعادة تركيز الجهود الأميركية على التطرف في الخليج يمكن أن تحدث تغييرا حقيقيا، وأنه إذا كان الرئيس ترمب وإدارته ملتزمان حقا بهذه المسألة، فإنه قد حان الوقت الآن للتصرف.

قطر تقاتل التطرف
وقال الكاتب إنه لمن المفارقة أن الدعم المستمر الذي تقدمه دولة قطر يعتبر جزءا أساسيا في القتال ضد المتطرفين.

وأضاف أن قطر أيضا تستضيف على أراضيها قاعدة العديد التي يتمركز فيها 11 ألف عسكري أميركي، والتي تعتبر أكبر قاعدة أميركية بالمنطقة، الأمر الذي يجعلها حاسمة في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلامية.

وأشار إلى أنه تم استخدام هذه القاعدة عام 2016 لإطلاق الضربات في العراق وسوريا، وقبل ذلك كانت قاعدة رئيسية للحملة الأميركية على أفغانستان.

وقال الكاتب إن التعاون العسكري بين قطر وأميركا يعتبر على أعلى مستوى له في التاريخ، وأشار إلى الاتفاق الذي وقعه الرئيس ترمب بـ 12 مليار دولار لتوريد طائرات من طراز أف15 إلى قطر، والذي جرى بعد انتقاد ترمب لقطر بدعم الإرهاب، وقال إن هذا الاتفاق يشير إلى وجود ولاءات براغماتية قوية بين البلدين وأنه من غير المرجح أن تتغير في المستقبل القريب.

وأضاف أنه علاوة على هذا، فإن وزير الخارجية الأميركي قال الأسبوع الماضي إن الحصار يعوق بالفعل الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة.

وقال الكاتب إنه لعل الدعم الأهم الذي يمكن أن تقدمه قطر للولايات المتحدة هو الذي يتمثل في الدعم الأيديولوجي.

شبكة الجزيرة
وقال الكاتب إنه بالرغم من أن شبكة الجزيرة تتلقى تمويلا من دولة قطر، فإنها تحظى باحترام دولي كمنصة إعلامية، وإنها تعتبر ذات قيمة بالنسبة لأهداف السياسات الأميركية والغربية في المنطقة.

ودعا إلى مقارنة هذا مع تلك التشريعات الجديدة في الإمارات، والتي تعاقب أولئك الذين "يُظهرون التعاطف" مع قطر بأحكام تصل إلى 15 عاما بالسجن.

وأشار الكاتب إلى صفقة الأسلحة التي عقدتها السعودية مع أميركا بقيمة 110 مليارات دولار، وقال إنه يجب على الولايات المتحدة أن تعتمد نهجا أكثر دقة يوازن بين المصالح المتعددة في الخليج.

وحذر إزاء مخاطر أي خطوة خاطئة قد تتخذها الولايات المتحدة في هذه المرحلة والتي قد تشعل الصراع الآن وفي المستقبل، وذلك في منطقة تشهد أكبر تدخل عسكري غربي في التاريخ الحديث. 

وقال إنه ينبغي لهذه الأحداث الأخيرة أن تكون بمثابة تذكير دائم بأن كل أمة في الشرق الأوسط تدعم جدول أعمال معقد، وإنه مما لا شك فيه أن السعودية تعتبر إيران أكبر تهديد لسيادتها، وإن ترمب يرى ذلك في طهران أيضا.

مخاطر جدية وحلول
وقال الكاتب: ولكن الدعم الكامل للسياسة السعودية سيؤدي إلى مخاطر جدية على الولايات المتحدة والعالم الغربي.

وأضاف: يجب ألا نتجاهل حقيقة أن الأيديولوجية التي تلهم العديد من المنظمات الإرهابية الأكثر عنفا هي الوهابية، وهي عقيدة سنية متطرفة لها جذورها التاريخية في السعودية وفق رأي الكاتب.

وقال الكاتب أيضا إنه بغض النظر عن الولاءات مع الرياض، فإنه علينا وقف مصادر تمويل الكراهية في جميع أنحاء العالم.

وأضاف أنه وكما لاحظ مراقبون، فإن الحل الوحيد الممكن للمأزق الحالي هو إما أن تستسلم دولة قطر بالكامل وتصبح ليس أكثر من مجرد دولة عميلة للسعودية، أو أن تواجه الطرد من مجلس التعاون الخليجي وتتجه بالتالي إلى الأحضان الإيرانية التي هي بانتظارها.

وقال الكاتب إنه ينبغي أن يكون الحل واضحا، وإنه يتمثل في دعوة فريق من الخبراء القانونيين يحظى باحترام دولي، وذلك لبحث الادعاءات القائلة بأن قطر تروج للإرهاب.

وأضاق: وإذا كانت الأدلة موجودة، فندعو القطريين للتعامل مع هذا بشكل صريح وشفاف. ولكن لا تعرقلوا منارة الأمل التي يمثلها مجلس التعاون الخليجي في المنطقة والعالم.

المصدر : الجزيرة + نيوزويك