ترمب والشرق الأوسط بعدما دمّره بوش وأوباما

U.S. President Donald Trump gestures as he delivers an address at the Israel Museum in Jerusalem May 23, 2017. REUTERS/Jonathan Ernst
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلقي خطابا أثناء زيارته الأخيرة لإسرائيل (رويترز)
تناولت مجلة فورين بوليسي الأميركية شأن الشرق الأوسط والأزمات التي تعصف بالمنطقة، ودعت إلى إعطاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرصة فيها بعدما أسهم سالفاه في تدميرها وإلحاق الضرر بمصالح أميركا.

فقد نشرت المجلة مقالا للكاتب ليون هادر قال فيه إن الرئيسين الأميركيين السابقين كلا من جورج بوش وباراك أوباما أسهما في تدمير الشرق الأوسط والإضرار بمصالح الولايات المتحدة، وتساءل: ماذا يمكن لترمب أن يفعل أسوأ مما فعله سالفاه؟

وقال الكاتب إنه بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بدأت الولايات المتحدة حملة عسكرية تهدف إلى تحدي الوضع السياسي الراهن في العالم العربي، كما بدأ التحوّل الجوهري للسياسة الخارجية الأميركية في الشرق الأوسط.

وأشار إلى أن الافتراض الأساسي من هذا التغيير في السياسة الأميركية كان يتمثل في محاولة إجراء عملية إصلاح سياسي واقتصادي تتماشى مع الليبرالية الديمقراطية -التي تشجع على تغيير النظام وبناء الدولة في العالم العربي- بحيث تكون قادرة على ضرب قوى التطرف مثل تلك التي ساعدت على ارتكاب هجمات 11 سبتمبر.

غزو العراق
وتحدث الكاتب بإسهاب عن عملية غزو العراق وما تبع ذلك من تبعات جسام على البلاد والمنطقة برمتها، وكذلك عن سياسات أوباما التي مكنت إيران من توسيع نطاق نفوذها في المنطقة، وعن ثورات الربيع العربي وما أدت إليه من سقوط بعض الأنظمة العربية كما في مصر وليبيا.

وأشارت مجلة فورين بوليسي إلى دور السعودية في تصدير المتشددين الإسلاميين مع بقائها متمشية مع سياسات الولايات المتحدة في المنطقة.

واستدرك الكاتب بالقول إن الرغبة في إصلاح منطقة الشرق الأوسط لم تبدأ مع إدارة بوش، فحتى قبل هجمات 11 سبتمبر حاولت الولايات المتحدة تحدي الأنظمة التي كانت تشكل تهديدا للمصالح الأميركية في المنطقة. وكانت هذه المناورات لتغيير الأنظمة مدفوعة بمصالح إستراتيجية واقتصادية، وليس من أجل تعزيز القيم الأميركية هناك.

وأضاف أنه خلال الحرب الباردة وفي أعقابها مباشرة وتحت رئاستي جورج بوش الأب وبيل كلينتون، كانت الولايات المتحدة عازمة على ردع اللاعبين الذين كانوا يحاولون تحدي الوضع الراهن في الشرق الأوسط.

سياسة وإشارات
وأشار الكاتب إلى أن الرئيس ترمب يتعامل أيضا مع الشرق الأوسط كما هو، وأن هذه ليست عقيدة ترمب حتى الآن، غير أن سياسة الإدارة الأميركية الجديدة في الشرق الأوسط ترسل ببعض الإشارات الواضحة.

وأوضح أن من بين هذه الإشارات ما يتمثل في أنه لا مزيد من الدعم لتعزيز الديمقراطية أو لجهود بناء الدولة في المنطقة. ومن بينها كذلك الرغبة في العمل مع الدكتاتوريين والملوك والثيوقراطيين من الذين يحافظون على أنظمتهم مستقرة، ومن الذين هم على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة في تعزيز المصالح المشتركة.

وأضاف أنه يمكن التأكد من أن ترمب لن يرحب بالمتظاهرين من أجل الحرية في طهران في ما إذا اندلعت ثورة خضراء ثانية.

أما في سوريا، فإن الولايات المتحدة ستركز على إلحاق الهزيمة بتنظيم الدولة الإسلامية، وعلى العمل مع روسيا في معركة الرقة، والسماح لرئيس النظام السوري بشار الأسد بالبقاء في السلطة.

وفي القضية الإسرائيلية الفلسطينية، لم يعد الأمر يتعلق بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ومنح حق تقرير المصير للفلسطينيين المضطهدين، بل إن السلام الإقليمي بين إسرائيل والدول العربية هو في المصلحة الإستراتيجية للولايات المتحدة. 

وإذا رغب الإسرائيليون والفلسطينيون في التوصل إلى اتفاق، فإن ترمب مستعد لمساعدتهم على تحقيق هذا الهدف. ويشعر البعض بالقلق من أن إدارة ترمب تتخبط في الخلاف الطائفي بين الإسلام السني والشيعي، أو بين السعودية وإيران.

وأضاف الكاتب أن النهج الواقعي للرئيس ترمب في الشرق الأوسط من شأنه إتاحة الفرصة لبدء تخفيض الخسائر الأميركية في المنطقة، وذلك مع الحفاظ على الالتزامات الإستراتيجية والمصداقية فيها.

ويمكن أن يساعد هذا على إقامة توازن مستقر للسلطة في المنطقة، بما في ذلك توازن بين العرب السنة وإيران، بل وربما يهيئ الظروف للسلام العربي الإسرائيلي، وهذا بدوره قد يؤدي إلى فك ارتباط بنّاء لأميركا في المنطقة، وربما لن ينجح هذا، ولكننا بحاجة إلى خوض هذه التجربة.

المصدر : الجزيرة + فورين بوليسي