الإعلام الألماني يدعو ميركل لعدم الثقة بالنظام المصري

Egypt's President Abdel Fattah al-Sisi and German Chancellor Angela Merkel shake hands following a news conference at the El-Thadiya presidential palace in Cairo, Egypt, March 2, 2017. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh TPX IMAGES OF THE DAY
الإعلام الألماني واكب زيارة ميركل لمصر (رويترز)

خالد شمت-برلين

واكبت وسائل إعلام ألمانية زيارة المستشارة أنجيلا ميركل للقاهرة الخميس، ودعتها لعدم الوثوق بالنظام المصري في حل مشكلة تدفق اللاجئين، مشيرة إلى أن هذا النظام يعاني بدوره أوضاعا مروعة على صعيد حقوق الإنسان، فضلا عن انسداد سياسي وأزمة اقتصادية.

وقارنت كبريات الصحف الألمانية بين مصر وتركيا فيما يتعلق بالتعاون مع أوروبا لمكافحة الهجرة غير النظامية، واعتبرت أن الحكم الحالي بالقاهرة ليس شريكا موثوقا به لتقليل أعداد اللاجئين القادمين لأوروبا، وحثت مقالات الرأي برلين على عدم التفكير بعقد اتفاقية للاجئين مع مصر إلا بعد قطع نظامها خطوات حقيقية باتجاه الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

وتحت عنوان "منع اللاجئين لا ينبغي أن يكون أولوية.. الديمقراطية قبل النقود"، كتب باول أنتون كروغر في زود دويتشه تسايتونع أنه إذا كان لا مفر أمام ميركل من التعاون مع القاهرة ضمن بحثها عن آلية دائمة لمنع تهريب اللاجئين، فعليها ألا تنسى الدروس المستفادة من الثورات العربية عام 2011، وخروج الملايين لميدان التحرير مطالبين بالخبز والحرية والعدالة الاجتماعية، ورحيل طاغية أسس حكمه الطويل على القمع وقبل به الغرب توهما للاستقرار.

وأضاف الكاتب أن المصريين باتوا متعبين ولا أحد منهم يدعو لثورة جديدة، غير أن الأوضاع على ضفاف النيل بلغت شأوا خطيرا، ويسود هناك صمت قبور فرضه نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالقمع السياسي الوحشي والتعذيب، وإلقاء الآلاف بلا محاكمات في غياهب سجون أوضاعها مروعة.

واعتبر أن الأوضاع الحقوقية بمصر تردت الآن لدرك سحيق يفوق آلاف المرات ما كان موجودا في عصر الرئيس المخلوع حسني مبارك، وقال إن السيسي نجح بشيء واحد هو بناء جدار من الخوف مماثل للذي أسقطه المتظاهرون في 2011 بميدان التحرير.

مظاهرة معارضة للسيسي خلال زيارته لبرلين في يونيو/حزيران 2015 (الجزيرة نت)
مظاهرة معارضة للسيسي خلال زيارته لبرلين في يونيو/حزيران 2015 (الجزيرة نت)

ورأى كروغر أن النظام العسكري الحالي نجح مبدئيا في تجنيب مصر الإفلاس بواسطة القروض الخارجية والتخفيض الحاد في قيمة العملة، ولم يفلح في إنجاز شيء للنمو وتحريك الاقتصاد المنهار، إلا وعود بمشروعات عملاقة مشكوك فيها، وذكر أن مصر لن تستقر أبدا من دون مشاركة سياسية واسعة ومجتمع مدني حي.

وخلص المراسل الإقليمي لزود دويتشه تسايتونغ إلى مطالبة الحكومة الألمانية بربط مساعداتها بتحقيق القاهرة خطوات حقيقية باتجاه الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، والتفكير بعد ذلك في التعاون مع مصر في مجال الهجرة.

وتحت عنوان "شريك ليس موثوقا به"، أجرت صحيفة ديرتاغ شبيغيل مقابلة مع شتيفان رول رئيس وحدة مصر بالمؤسسة الألمانية للدراسات السياسية والأمنية -الوثيقة الصلة بدوائر صناع القرار بالغرب- خلص فيها الباحث إلى أن نظام السيسي لا يمكن اعتباره شريكا موثوقا يمكن لأوروبا التعاون معه بتقليل أعداد اللاجئين القادمين للقارة.

وقال رول إن المسؤولين بالقاهرة يضخمون أعداد اللاجئين الموجودين ببلدهم، ولا يعنيهم من التعاون مع أوروبا في مجال الهجرة إلا الحصول على مساعدات مالية يحتاجونها بإلحاح لإنقاذ مصر المفلسة واقعيا، موضحا أن نظام السيسي سيقوم بالمقابل بتحسين الرقابة الحدودية لمنع أعداد كبيرة من اللاجئين من التوجه لأوروبا.

رول: نظام السيسي ليس شريكا موثوقا به لأوروبا في مشكلة اللجوء (الجزيرة نت)
رول: نظام السيسي ليس شريكا موثوقا به لأوروبا في مشكلة اللجوء (الجزيرة نت)

افتقاد المصداقية
ورأى الباحث الألماني أن هذا لا يعالج الأسباب الحقيقية لمشكلة اللجوء، وقال إن حل هذه المشكلة يحتاج إصلاحات سياسية وسيادة للقانون ومشاركة سياسية واسعة وقيادة حكومية أفضل، مؤكدا أن كل هذا مفتقد تحت حكم السيسي.

وذكر رول أن أسوأ سيناريو يمكن توقعه هو فتح النظام المصري الحدود بأي وقت أمام المهاجرين لابتزاز ألمانيا وأوروبا إن أصبحت خزائنه خاوية، مشيرا إلى أن الحكم المصري الحالي ليس له مصداقية تركيا في التعاون في مشكلة اللجوء، ويقامر بهذه المشكلة ويستغلها لتقديم مطالب هائلة لأوروبا.

من جانبه، تعرض موقع أخبار القناة الأولى شبه الرسمية بالتلفاز الألماني "أي آر دي" لأوضاع حقوق الإنسان بمصر من خلال مقابلات أجراها مع نشطاء حقوقيين منهم رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان جمال عيد المهدّد بحكم بالسجن لسنوات طويلة بسبب نشاطه الحقوقي.

وأشار عيد إلى بناء 17 سجنا جديدا بمصر ووجود 60 ألف معتقل سياسي بالسجون المصرية منذ وصول السيسي للسلطة، واعتبر أن السيسي يكره الديمقراطية ويقود البلاد نحو عدم الاستقرار، وخلص لدعوة الألمان إلى عدم دعم الدكتاتورية وإدراك أن القمع يقود بالنهاية لعدم الاستقرار.

المصدر : الجزيرة