باحث: الشرق الأوسط لن يتغير

ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، في الكلمة الافتتاحية لاجتماع التحالف الإسلامي العسكري ضد الإرهاب
باحث يرى أن قيام تحالف بين السعودية وإسرائيل لموازنة نفوذ إيران بالشرق الأوسط فكرة حمقاء (رويترز-أرشيف)

أشار باحث إلى ما وصفه بالهوس المستمر بفكرة "تحالف" بين السعودية وإسرائيل من المفترض أن يتطور بتوجيه أميركا، كما تروج له العديد من الهيئات البحثية حول العالم، وأنه وفقا للعديد من التكهنات فإن الأمر مسألة وقت فقط قبل أن تهبط  طائرة ملك السعودية بمطار بن غوريون في تل أبيب، وعندها ستوحد الدولتان اليهودية والسعودية جهودهما كجزء من ناتو شرق أوسطي جديد لاحتواء وربما حتى القيام بعمل عسكري ضد جمهورية إيران الإسلامية لمنعها من إنشاء ما يسمى "الهلال الشيعي".

وقال ليون هادار، محلل بوكالة ويكيسترات للاستشارة الجيوستراتجية بأستراليا، إن مثل هذه التقارير والتكهنات، بالإضافة إلى القصص عن اجتماعات "سرية" بين الإسرائيليين والسعوديين، تتراوح بين القيل والقال المسلي حول الصداقة المتنامية بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وجاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترمب -أو بعبارة أخرى الاتحاد بين بيت آل سعود وأسرة ترمب كوشنر- لقولبة فكر أكثر جدية يتصور تحولا جذريا في ميزان القوى في الشرق الأوسط في شكل حرب سنية شيعية باردة أو ساخنة يمكن أن تغيّر العالم الذي نعرفه.

وفي هذا السياق يتم تحذيرنا من أن نكون على وجل شديد ونحن نواجه شبح الولايات المتحدة يُزج به في الصراع بين السعودية وإسرائيل، وكأن المشهد السابق لما حدث قبيل حرب العراق يتكرر، ونجد أنفسنا مرة أخرى في مستنقع عسكري آخر بالشرق الأوسط.

ويرى الباحث في مقاله بمجلة ناشونال إنترست أن المشكلة مع هذه التحليلات والتكهنات المماثلة هي أنها تربك البحث عن ركود مع السعي للتغيير وثورة مضادة مع ثورة ومحاولة للعودة إلى وضع ما قبل حرب العراق وما قبل الربيع العربي في الشرق الأوسط مع مشروع وهمي لإعادة تشكيل المنطقة.

القوة العسكرية
وأفاض الباحث في ذكر تجارب التاريخ الحديث في صراعات الشرق الأوسط وتدخلات الولايات المتحدة لتشكيل الوضع الراهن في المنطقة، وانتهى إلى أن الأمور تغيرت بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001. فبعد سقوط برجي التجارة العالميين كانت هناك مخاوف في واشنطن من أن الدعم الأميركي للاستبداد في المنطقة، وكذلك لإسرائيل، كان يشعل المشاعر المعادية للولايات المتحدة، بما في ذلك أشكال الإرهاب القوية.

قرر صناع القرار الأميركيون أن إزالة المستبدين العرب من السلطة بالقوة العسكرية أو عن طريق استيعاب المتمردين المناهضين للحكومة، فضلا عن تسريع عملية السلام العربية الإسرائيلية، سيجعل من السهل متابعة إستراتيجيتها في المنطقة

ولذلك قرر صناع القرار الأميركيون أن إزالة المستبدين العرب من السلطة بالقوة العسكرية أو عن طريق استيعاب المتمردين المناهضين للحكومة، فضلا عن تسريع عملية السلام العربية الإسرائيلية، سيجعل من السهل متابعة إستراتيجيتها في المنطقة. وغني عن البيان أن هذا الأمر لم ينجح كما كان متوقعا. فقد انتهت السياسة الأميركية بتحويل العراق من قوة عسكرية ساعدت في إحداث توازن مضاد لإيران في منطقة الخليج إلى حليف لها، بينما عززت أقمار طهران الصناعية في المنطقة.

وبطريقة ما يجد صناع القرار الأميركيون أنفسهم الآن أنهم عادوا مرة أخرى إلى المربع الأول، حيث ما زالت الولايات المتحدة ملتزمة بالدفاع عن السعودية -والوصول إلى مصادر الطاقة في المنطقة- وإسرائيل، ويحذر الباحث البلدين من أن تجرؤ إيران أكثر من شأنه أن يهدد مصالحهما. وبانضمام مصر والحكومات العربية السنية الأخرى إليهما تضغط الدولتان على واشنطن للمساعدة في إعادة الوضع القائم القديم في المنطقة، ليس فقط من خلال التخلي عن السعي لإصلاح سياسي في الشرق الأوسط، ولكن أيضا من خلال تحدي ما يعتبرونه تحرك طهران من أجل تفوق إقليمي.

وبينما كان هناك الكثير من النقد الموجه إلى السعودية ونجمها الصاعد ولي العهد لتأجيجه التوترات السنية الشيعية في الشرق الأوسط، تشير معظم الدلائل إلى أن الإيرانيين ليسوا على وشك التخلي عن خططهم لأن يصيروا القوة الشيعية في المنطقة. وباختصار لا توجد دلائل على أن إيران توقفت عن كونها لاعبا إقليميا رجعيا بينما تعود الولايات المتحدة للعب دورها التقليدي لقوة الوضع الراهن في الشرق الأوسط.

ميزان القوى
وخلص الباحث إلى أنه ينبغي على الولايات المتحدة تجنب الانجرار في حرب بين السنة والشيعة في المنطقة وفي الوقت نفسه تتخذ خطوات لحفظ التوازن العسكري بين السعودية وإيران، فهذا هو النهج ذاته الذي تبنته أثناء الحرب بين العراق وإيران في الثمانينيات.

وفي إطار العودة إلى دورها التقليدي في الشرق الأوسط، يتعين على واشنطن مواصلة جهودها لدفع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين على غرار ما تسمى "المبادرة السعودية" لعام 2002 في شكل اقتراح لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتطبيع العلاقات بين العرب وإسرائيل.

وفي المقابل سيكون هناك انسحاب إسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة عام 1967 و"تسوية عادلة" للقضية الفلسطينية.

وختم بأن المجهود الأميركي المتجدد في هذا الاتجاه، بدلا من "تحالف" سعودي إسرائيلي وهمي، يبدو وكأنه خيار أكثر واقعية، ويمكن أن يساعد في تقدم المصالح الطويلة الأجل للولايات المتحدة وحلفائها الإقليميين، وتوجيه ميزان القوى في الشرق الأوسط في اتجاههم.

المصدر : الصحافة الأميركية