كيف تتعقب فرنسا مسلميها المتشددين؟
لوفيغارو قالت إنها اطلعت عن كثب على الكيفية التي تكتشف بها الأجهزة الأمنية للدولة التطرف العنيف والطرق التي تستخدمها للحيلولة دون انتشاره، وذلك بحسب تدابير تطبق في كل أرجاء فرنسا منذ تشريع خطة "مكافحة الجهاد" التي دخلت حيز التنفيذ عام 2014.
وأشارت الصحيفة في البداية إلى خطة إيمانويل ماكرون لمكافحة التشدد التي ستعرض على النواب أوائل عام 2018، قائلة إنها تشمل تكاتف جهود "العديد من الخدمات الحكومية" بغية الحيلولة دون "تنفيذ التهديدات وإنشاء هيئات خاصة لتحديد السلوكيات الأكثر خطورة"، وذلك بالتعاون الوثيق مع القضاة.
وأرجعت سبب اتخاذ هذه القرارات إلى التوقعات التي تُجمِع -تقريبا- على أن ظاهرة التشدد ليست في انحسار وإنما هي في تمدد، وفق ما تؤكده الإحصاءات. إذ قدرت الاستخبارات العامة عدد السلفيين في فرنسا عام 2006 بخمسة آلاف، وعدد النشطاء الأكثر تشددا بخمسمئة، وصدر حكم بالسجن على 175 من هؤلاء، فيما أدين 99 بارتكاب أعمال إرهابية. وبعد مرور 11 عاما، ها هي "قائمة الإبلاغ عن التشدد ذي الطابع الإرهابي والوقاية منه" قد بلغت 12 ألف عنصر تم الإبلاغ عنهم بوصفهم "نشطين"، ناهيك عن أعداد أخرى من "الخاضعين للرقابة".
وفي الوقت الحالي، بلغ عدد المسجونين في قضايا تتعلق بالإرهاب أو تمجيده خمسمئة عنصر، وبلغ عدد السجناء الذين تحولوا إلى متشددين 1150 عنصرا. وقد جعلت هذه الزيادة وموجة الأعمال الإرهابية التي ضربت فرنسا ما بين 2015 و2017 من الضروري تكاتف جهود فاعلين عدة لتبادل المعلومات، شملوا وزارة التربية والتعليم والخدمات الاجتماعية والأندية الشبابية والأوساط الطبية.. إلخ.
ودفع التهديد الإرهابي الجاثم جهات كانت مترددة إلى "التعاون" مع الأجهزة الأمنية، غير أن الوقاية تظل مهمة صعبة للغاية، إذ إنها تتطلب اكتشاف الخطر المحتمل دون إفراط حتى لا يستغل ذلك من طرف الإسلاميين، على حد تعبير لوفيغارو.
أما موضوع "نزع التشدد" أو "فك الارتباط" مع الجماعات المتشددة -كما تحب السلطات أن تعبر عنه- فإنه يبدو أصعب وأكثر حساسية، وهو في واقع أمره التحدي الأكبر لخطة مكافحة الإرهاب الجديدة.
بل إن ثمة من يرى أنه مستحيل، "وعلينا أن نتخلى عن التصور الخيالي بأن الشباب المتشددين يمكن إعادة برمجتهم"، على حد تعبير أحد خبراء الإرهاب متحدثا إلى لوفيغارو.