لوموند: السعودية تقع في فخ دبلوماسيتها

Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman shakes hands with Lebanese Maronite Patriarch Bechara Boutros Al-Rahi during their meeting in Riyadh, November 14, 2017. Bandar Algaloud/Courtesy of Saudi Royal Court/Handout via REUTERS ATTENTION EDITORS - THIS PICTURE WAS PROVIDED BY A THIRD PARTY.
ابن سلمان (يسار) خلال لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي في الرياض 14 نوفمبر/تشرين الثاني (رويترز)

قالت صحيفة لوموند الفرنسية في مقال صادر أمس السبت إن السعودية وقعت في فخ دبلوماسيتها، فالرياض التي أرادت تركيز الاهتمام على حزب الله، جعلت الاهتمام ينصب على تدخلها الصارخ في الشؤون اللبنانية بدلا من ذلك.

وشبّهت لوموند الدبلوماسية السعودية بأداة الصيد الأسترالية "البومرانغ" التي ترتد إلى مطلقها إذا لم تصب الهدف.

وقال كاتب المقال بنجامين بارث إنه في الوقت الذي وصل فيه رئيس الوزراء اللبناني المستقيل سعد الحريري إلى باريس، لينهي المرحلة الأولى من الأزمة اللبنانية، بدت حصيلة الدبلوماسية السعودية التي كانت وراء هذا التوتر في المنطقة، غير مغرية حقا.

وبحسب مقال الصحيفة الفرنسية فإنه سواء أكان الحريري قد استقال بدافع إحداث "الصدمة"، أو أُجبر من قبل حكام الرياض على الاستقالة واحتجز رغما عنه في المملكة كما يشير إلى ذلك العديد من الشهادات والأدلة، فإن النتيجة واحدة.

‪صورة للحريري بأحد شوارع بيروت‬ صورة للحريري بأحد شوارع بيروت (رويترز)
‪صورة للحريري بأحد شوارع بيروت‬ صورة للحريري بأحد شوارع بيروت (رويترز)

نتيجة كارثية
وفي هذا الصدد يقول أستاذ القانون العام في جامعة بيروت العربية علي مراد إن النتيجة كارثية والسعوديون لم يتوقعوا ردة فعل المجتمع اللبناني.

وبيّنت الصحيفة أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان يسعى من خلال استقالة رئيس الوزراء السني سعد الحريري المفاجئة من الرياض في الرابع من نوفمبر/تشرين الأول الحالي، لتحريض الطبقة السياسية اللبنانية المحلية للانتفاض على حزب الله الشيعي الموالي لطهران.

وذكرت أن هذا الأمر كان الهدف الضمني لقرار الاتهام الذي أصدره الحريري على شاشة قناة العربية السعودية، الذي وعد فيه بـ"قطع" يد إيران.

وبحسب لوموند فإن المملكة العربية السعودية، التي تدخل في سباق من أجل التفوق الإقليمي ضد النظام الإيراني، كانت تأمل في أن يعيد هذا القرار الدراماتيكي تشكيل المعادلة السياسية اللبنانية في اتجاه أكثر ملاءمة لمصالحها. ومع ذلك فإن ما يحدث على الأرض لمدة أسبوعين يذهب في الاتجاه المعاكس.

الحصيلة الديبلوماسية السعودية كانت عكسية، فعوض أن تتوجه أنظار المراقبين إلى حزب الله، الحزب المليشيا الذي يشكل دولة داخل دولة، ويعطي أولية للمصالح الإيرانية في المنطقة دون اعتبار لشركائه في الحكومة، توجهت الأنظار إلى تدخل الرياض السافر في الشؤون اللبنانية.

مناورة وتصد
ويقول كاتب المقال إن الغالبية العظمى من اللبنانيين تصدوا لما أسماها المناورة السعودية، التي ينظر إليها على أنها إملاء مقرون بالاختطاف.

ويضيف: وبين عشية وضحاها، أصبح سعد الحريري، السياسي الفاقد الكاريزما، بطل الشارع. وبصرف النظر عن عدد قليل من الصقور المؤيدين للرياض، فإن الطائفة السنية التي لم تقدّر السعودية درجة ولائها للوطن، فضّلت التضامن مع قائدها المهان بدل التوجه للاحتجاج بحارة حريك، الحي الرئيسي لحزب الله في جنوب العاصمة بيروت.

وبحسب مراد فإن السعوديين كانوا ينتظرون أن تكون استقالة الحريري مكفولة بسرعة، للمرور نحو المرحلة الثانية من هجومها: المتمثل في التفاوض على توافق حكومي جديد، إلا أن مقاومة الشعب وموقف الرئيس ميشال عون الذي رفض قبول استقالة رئيس الوزراء، جعلت السعوديين عالقين في المرحلة الأولى.

والحصيلة بحسب الصحيفة أن النتيجة جاءت بشكل عكسي، فعوض أن تتوجه أنظار المراقبين إلى حزب الله، الحزب المليشيا الذي يشكل دولة داخل دولة، ويعطي أولية للمصالح الإيرانية في المنطقة دون اعتبار لشركائه في الحكومة، توجهت الأنظار إلى تدخل الرياض السافر في الشؤون اللبنانية.

مبادرات ونتائج
ومن وجهة نظر الصحيفة فإن هذه ليست المرة الأولى التي يأخذ فيها محمد بن سلمان (32 عاما) زمام المبادرات الدبلوماسية، فمنذ يناير 2015، تاريخ بروزه في المشهد السياسي السعودي وبدء مسيرته لتولي العرش، أطلق الأمير الشاب أزمتين أخريين، لا تزال المملكة عالقة فيهما.

وبيّنت الصحيفة أن هاتين الأزمتين تمثلتا في مهاجمة المتمردين الحوثيين في اليمن حيث ألقت السعودية نفسها منذ 2015 في حرب لا يمكن الانتصار فيها، وفرض حظر ديبلوماسي واقتصادي على قطر منذ يونيو/حزيران الماضي واتهامها بالتآمر مع إيران وتنظيم الدولة الإسلامية وشيعة السعودية، حيث كان يأمل ولي العهد في أن تجثو الجارة الدوحة على ركبتيها.

وترى لوموند أن الأزمة السعودية ما هي إلا نموذج آخر لدبلوماسية "البومرانغ"، حيث تصرفت الرياض دون أن تولي أي اعتبار لشبكة الدوحة الواسعة من الحلفاء والعملاء الذين كونتهم في العشريّتين الماضيتين في الدوائر الدبلوماسية والعسكرية والثقافية والرياضية؛ الغربية.

المصدر : لوموند