كيف أدت الحرب إلى انتشار الكوليرا في اليمن؟

استخدام المواطنين اليمنيين لمياه الشرب الملوثة بمياه الصرف الصحي تسببت في انتشار مرض الكوليرا (أسوشيتد برس)
استخدام المواطنين اليمنيين مياه شرب ملوثة بمياه الصرف الصحي وراء انتشار الكوليرا (أسوشيتد برس)

ذهب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز إلى أن وباء الكوليرا الذي لم يشهد له العالم مثيلا في العصر الحديث، ظهر في اليمن عندما بدأ التحالف العربي بقيادة السعودية تدخله العسكري في الجار الجنوبي عام 2015.

وتقول الصحيفة الأميركية إنه عندما بدأت تلك الحرب يوم 26 مارس/آذار 2015، شاهد العمال بالوردية الليلية في محطة معالجة مياه الصرف الصحي بالعاصمة صنعاء المقاتلات السعودية وهي تقصف مدارج المطار الدولي ومرافقه المختلفة والطائرات الرابضة بأرضه، حيث لا يفصله عن المحطة إلا جدار يرسم حدود المطار. ولاذ العمال بمسجد مجاور لينجوا بأنفسهم.

وفي صباح اليوم التالي استأنف جميع عمال المحطة البالغ عددهم 26 عاملا عملهم، وكانوا يعلمون أن المياه التي تحمل المخلفات البشرية إذا لم تتم معالجتها فورا وبشكل جيّد، فإن الأمراض ستصيب مئات الآلاف من الناس.

ونقلت الصحيفة عن مهندس بالمحطة طلب عدم ذكر اسمه أن "العمال لم يطفئوا أضواء المحطة على أمل أن يفسر الطيارون المهاجمون ذلك باعتباره إشارة إلى أن محطة المعالجة ليست هدفا عسكريا"، مضيفا "لكنهم لم يكونوا يعلمون آنذاك أن اليمن بأكملها تم تحديدها كهدف عسكري. وفي يوم آخر قصفت مقاتلات التحالف رافعة بالمحطة".

وتؤكد نيويورك تايمز في تقريرها أنه في 17 أبريل/نيسان 2015 قصفت مقاتلات التحالف العربي الشبكة المركزية التي تزوّد صنعاء بالكهرباء. وكان العمال حتى ذلك الوقت يشغلون محطة المعالجة بالديزل. وبعد أسبوع واحد بدأ الديزل يتناقص، وفي أواخر مايو/أيار التالي نفد الديزل وتوقفت المحطة تماما.

وبتوقف محطة معالجة مياه الصرف الصحي تدفقت المياه غير المعالجة إلى القنوات والوديان حول صنعاء، وانتشرت المياه الملوثة على مساحات تبلغ أميالا من الأراضي الزراعية. وبدأ الذباب يحوم بكثافة فوق مياه الصرف غير المعالجة.

ينذر انتشار مرض الكوليرا في اليمن بكارثة حقيقية في ظل تردي الخدمات الطبية في ظل الحرب (الجزيرة)
ينذر انتشار مرض الكوليرا في اليمن بكارثة حقيقية في ظل تردي الخدمات الطبية في ظل الحرب (الجزيرة)

وتؤكد الصحيفة أن محاصيل الخيار والطماطم والخضراوات الورقية التي نبتت وترعرعت بالمياه الملوثة، وجدت طريقها إلى الأسواق داخل صنعاء وحولها. وبدأ الإبلاغ عن حالات حادة من الإسهال.
وكانت الحرب تدفع بالمزيد من الناس للنزوح إلى صنعاء. ومحطة المعالجة التي صُممت لخدمة 500 ألف نسمة، فرضت عليها الحرب معالجة مخلفات نحو 1.5 مليون نسمة.

وتضيف "بدأت أعداد المصابين بالإسهال الحاد تتزايد بمستشفى الكويت في صنعاء. وفي أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام تأكد وجود الكوليرا في العاصمة، كما بدأت البلاغات بالإصابات تأتي من مختلف أنحاء البلاد. وساعدت المنظمات الدولية في تجهيز مراكز الفحص والعلاج على نطاق صنعاء".

وبلغ عدد سكان صنعاء نحو ثلاثة ملايين نسمة جراء موجات النزوح إليها، وبدأ وباء الكوليرا ينتشر بشكل غير مسبوق وشمل 18 محافظة يمنية من مجموع 23 محافظة. وبلغ عدد المصابين خلال أسبوعين قرابة عشرين ألفا، توفي منهم 242 إنسانا. ونجحت منظمة اليونيسيف في تقديم المساعدة بتوفير كميات من الديزل لإعادة تشغيل محطة المعالجة، لكنه لم يكن تشغيلا كاملا.

وذهبت الصحيفة إلى أن "الكوليرا في اليمن كارثة من صنع البشر، وانتشارها وعدد ضحاياها يرتبطان مباشرة بالحرب". وقد أدى قصف مقاتلات التحالف في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون إلى تدمير المستشفيات وشبكات المياه العامة ومحطات معالجة مخلفات الصرف الصحي.

أكثر من نصف المرافق الصحية باليمن قد أغلقت بشكل كامل أو جزئي، والأطباء والممرضون وسائقو سيارات الإسعاف لم يتسلموا مرتبات لعدة أشهر. وتدهور وضع النظافة، وأصبح اليمنيون يعيشون وسط مياه الصرف الصحي غير المعالجة.

وتسبب التحالف العربي في تأخير أو منع العديد من السفن التي تحمل الوقود والمواد التموينية الأخرى من الوصول إلى الموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون. ووفقا لمنظمة هيومن رايتس ووتش فقد بلغ عدد هذه السفن الممنوعة أو المتأخرة في الفترة بين مايو/أيار وسبتمبر/أيلول الماضيين سبع سفن.

وحسب الصحيفة فقد قدّرت الأمم المتحدة عدد اليمنيين الذين هم على حافة المجاعة بنحو سبعة ملايين نسمة، وعدد المصابين بالكوليرا بنحو تسعمئة ألف.

وتختم تقريرها بالقول "الآن وبعد فرض الحصار البحري والبري والجوي الشامل على اليمن عقب سقوط الصاروخ البالستي على مطار الرياض من اليمن، تتهدد البلادَ زيادة كارثية في الأمراض والجوع".

المصدر : نيويورك تايمز